المندرة نيوز

بروفيسور إبراهيم محمد آدم يكتب.. فولكر: لديك فرصة لتغيير الصورة

فولكر بيرتس لديك فرصة لتغيير الصورة

بروفيسور إبراهيم محمد آدم
الخرطوم=^المندرة نيوز^
إن البيان الذي أصدره رئيس بعثة اليونتامس بالسودان حول إعلان المحادثات بشأن الانتقال السياسي قد جا متأخراً عما يجب، فهذه البعثة قد أثير لغط كثيف حول كيفية قدومها بخطابات كانت خفية واقرب للمؤامرة ثم اكتشفت فأعلنت وعدلت ليتم الاتفاق حولها واعتمادها بعد أن تناول المختصون تجاربها غير المشجعة في الصومال وليبريا وسيراليون، أما في السودان فلم تنج تدخلاتها بمسمياتها العدة في جنوب السودان ودار فور والمنطقتين، فالأمم المتحدة طوال عمرها الذي تحبو فيه نحو الثمانين قد وسم تجاربها الفشل في كثير من الملفات خاصة في تدخلاتها تحت البندين السابع والسادس والأخير جاءت بموجبه تلك البعثة التي تم في نهاية المطاف رسم ملامح لها متفق عليها للمساعدة في تذليل العقبات التي تواجه التحول الديمقراطي في السودان، وتحقيق الاستقرار السياسي والإصلاح الاقتصادي، وإنجاز الكثير من المهام والواجبات الأخرى، ورغم تلك التجارب السابقة دعونا نتفاءل لنقول إن تلك الدعوة قد تصبح نبراساً يقي السائرين والثائرين عثرات المسير إذا أصبح دور البعثة مسهلاً وليس موزعاً لأوراق الأسئلة والأجوبة كما هو الحال في كل مفاوضات السلام التي تمت رعاية المنظمة الأممية ، فأهم ما جاء فيها أن يشمل الحوار الجميع بمن فيهم أصحاب المصلحة الرئيسيين من المدنيين والعسكريين وكذلك الأحزاب والحركات المسلحة ومنظمات المجتمع المدني.
وفي تقديري أنها دعوة لإنقاذ ما تبقى من استحقاقات الانتقال بعد عقبات كؤود واجهته، وصولاً إلى انتخابات حرة نزيهة تضمن التأسيس للتداول السلمي للسلطة وبناء وطن معافى بعد أن تحقق عدد من النجاحات ومن بينها اتفاقية جوبا للسلام وبعض اختراقات في علاقات السودان مع المجتمع الدولي.
إن ذلك الحوار الشامل سوف يسهم بالتأكيد في التأسيس لنظام حكم ديمقراطي يسع الجميع في المركز والأطراف ويقضي بإذن الله على مسببات الاحتراب والاقتتال. وربما يكون حدثاً يسم تلك الملامح بسيماءه البائنة إيجاباً في نواح أُخر.
ذلك المشروع يجب أن يتضمن اهتماماً بحقوق الإنسان، وسيادة حكم القانون، والحريات الفردية، وحريات الإعلام، والتسامح؛ لإن هذا سيوفر الخطوط العريضة لبناء سودان متصالح داخلياً مع نفسه ومع الآخرين في محيطه الاستراتيجي.
وبما أن مهام هذه البعثة عوان بين ذلك فإن في دعوتها فرصة للحديث حتى عن ميراث الماضي المثقل بالجراحات منذ ما قبل الاستقلال، وتركيبة النخب الحاكمة، وجدلية العلاقة بين المركز والهامش التي لا تزال تنتظر من يسبر أغوارها رغم ما وُقع من اتفاقات سلام، وربما تفضي نتائج تلك العملية إلى التقليل من كثافة التدخلات الخارجية الحالية في السودان بمعالجة جذور مسبباتها، وكل ذلك يجعل عملية استشراف آفاق المستقبل ورسم ملامحه العامة مسألة مدركة، وإن تطلبت تضافراً للجهود من قبل جميع الفاعلين السياسيين في أجواء لا تعزل أحداً من الاسهام بثاقب فكرة ،ولا تستثني افراداً أو جماعات تشمل حتى أولئك الذين كانوا من مكونات غزل النظام السابق.
وفي سبيل قراءة موضوعية لأمر الانتقال السلس الذي يجب أن يخلص إليه الجميع في نهاية المطاف يمكننا القول إن الانتخابات تعتبر كممارسة سياسية ونظام قانوني،أحد أهم محاور ومفاصل الفكر في المجتمعات الحديثة، ويرجع ذلك لارتباطها الوثيق بجملة من المبادئ الديمقراطية الراسخة التي يجب الطرق عليها، كالتداول السلمي للسلطة وحرية الاختيار، والتعددية وتوسيع قاعدة المشاركة وحق التنافس الشريف، وتكافؤ الفرص والمساواة في الحقوق والواجبات، بجانب صلتها الوثيقة بجملة من الحقوق الأساسية للإنسان مثل حق التنظيم والتجمع، وحرية الفكر والتعبير، وحق المشاركة السياسية وتقلد المواقع القيادية في الدولة والإسهام في وضع السياسات واتخاذ القرارات و إدارة الشأن العام.
وفي سياق ذلك الحوار المرتقب يجب التأمين على البحث عن إجابات شافية لكل ما يستجد من مشكلات سياسية بوسائل التداول السلمي للسلطة حماية للوطن من أن ينقلب على عقبيه، ذلك لأنه يعني التأكيد على أهميّة وحدة السودان وسلامة أراضيه من أي تربص خارجي وضمان مصلحته العليا وسلمية التعايش فيه بمكوناته الاجتماعية المختلفة،وذلك الانتقال المطلوب يجد وسائله ودلائله بازغة في عدة اتجاهات .
كما علينا أن نضع في الاعتبار العمل للمستقبل وتحقيق العدالة الانتقاليّة بالعفو ونسيان مرارات الماضي، وبناء المستقبل على أسس جديدة.مع بث الروح الوطنية والمسؤولية الاجتماعية المشتركة في وطن آمن مسالم يسع الجميع. ويجب أن يستصحب ذلك تنمية الحس الوطني في كافة القضايا والدفع بكل ما تواضع الناس عليه في نهاية الحوار إلى واقع التطبيق.
ولعل من واجبنا ألا نغفل توسعة المشاركة السياسية المنتجة في كل الأُطر المتاحة. ويجب التأكيد هنا على تمكين الشباب و المرأة و الطلاب الموجودين بكثرة في الاحتجاجات والتظاهرات الآن والذين عنتهم تلك الدعوة من أداء أدوار قطاعية جامعة تصدف عن كل لون سياسي أو اتجاه جغرافي محدد إسهاماً في الحلول، وبناءاً لبلد كل أجزاءه لنا وطن.

قم بمشاركة الخبر علي
قم بمشاركة الخبر علي
تابعنا علي قناتنا في الواتساب