الخرطوم=^المندرة نيوز^
ساعتئذ.. غاص بس طائر من نوع لم تقع عيناي عليه يوما بأجنحة برتقالية.. بيضاء.. زرقاء.. وخضراء.. وعيناه قوس قزح.. غاص بي حاملي المجهول في ذلك البحر الاستثنائي.. بدا الشط بارقا من بعيد ولاحت الأشعة تستقبلني قبل أن أصل.. إنها الإمارات العربية المتحدة.. تلك الخيمة المضروبة خارج المدار.. بنوافذها المطلة على عوالم تبعد عن حدود الكرة الأرضية نحو ألف قرن من الجمال..
وانا أغادر مكتب سفيرها بالخرطوم وقد حملني عبق عطرها المنطلق من جوانحه الغنية بالحب والاحترام وامتداد الدم العربي غير المعترف بالحدود.. طاقم أذهل توقعي بالعطاء.. كنت أستشعر مسبقا انني مقبل على رحلة مختلفة لارض مختلفة وشعب مختلف.. عجزت لغتي عن وصف امتنان لهم فابتسمت وتكلمت روحي..
دام دمنا واتحادنا وانهار قلوبنا المتحدة قبل الاعلام.. وحين تسلمت صك دخول تلك الدولة الساحرةبشعار (الخطوط الجوية العربية ) و(الإماراتبة) وتوقيع شيخ الشارقة.. كانت العصافير تطير من صدري تسبقني نحو مقاعد الطائرة.. العصافير التي هي دقات قلبي المشتاق لقبلة شمسها البدوية وليلها السامر بحكايا العشق الابدي.. ومعلقات الهيام السردي..
وعلى سفح تلة المدينة المتلفحة بثوب العروبة التقتني (أبوظبي) وسلمتني للعين والشارقة ثم دبي وبقية السلسلة الذهبية المذهلة.. ما كدت أفيق من عناق الأولى حتى يغمرني عطر التي بعدها ويلفني في دوامة الذكرى..
بهرتني ملامحها المتجددة التي اضفاها عليها شيخ الخير والنماء زايد الخير وابناؤه وكل من وضع لمسته على معالمها التي تمثل محطة يقف عندها التاريخ البشري حين يتفحص وجه الأرض في هذا العصر الذي صارت ايقونته..
كل الأرض اجتمعت هنا يا صاحبي.. وجوه وشخصيات وألوان وملامح وسحنات.. لكن القلوب تحمل ذات الجنسية (إنسان) هذه الأرض تبوتقت بتمثل وحدة الانسانية التي ينشدها العالم ويجهل انها تتحقق هنا في صمت.. في الامارات الإنسانية الحرية الوحدوية الروحية..
ترتفع كفى بيضاء تحمل قلبي مكتوب عليه حبة قلبي ابنة اختي غالية روحي (إكرام) وزوجها الشفايف فيصل.. اللذين مثلا مجدافي في هذا الغوص في بحيرة اللؤلؤ المستعصي إلا على من احيط بمثلها..
وكفى الأخرى تحمل قلبي أيضا.. فأنا بهما أحمل قلبين.. قلبي الآخر مكتوب عليه (أحمد) الدكتور بجامعة العين ابن اختي وفخري الذي زين سماء رحلتي قمرا ينير دربي أينما مررت وكان القوس يحملني فوق (سهام) الحاج الإعلامية الأخت الزميلة الرقيقة الغالية ويسافر بس عمقا في دبي لاحس بأمان أكثر ودفئا اكثر ورفقة لا أكثر منها حميمية..
وفي الشارقة أشرقت روحي ونتلاقى شعاعها شمسا ازدادت ضوءا بقرب الرفيق الرقيق المهندس عوض ابراهيم..
وفي القنصلية السودانية كانت لمحة عابرة ظهرت فيها بوضوح بوارق النجاح والأداء الدبلوماسي الاستثنائي القنصل ونائبه الذي ظل في قمته المعهودة أداء مهنيا لا يبارى..
هبط الطائر في الخرطوم وفي داخلي فيلقا من الحياة اقاتل به كل لحظات الأسى الذي قتلته هناك.. القاتله به أن عاد شبحا..
فالرحلة إلى تلك الأرض وأهلها وكل من فيها.. تحارب أشباح الحزن وتدافع عن السعادة التي اتخذت من الإمارات مواطنا ايديا..