المندرة نيوز

ما الهدف من الزيارات الأمنية المتبادلة بين السودان وإسرائيل؟

وكالات=^المندرة نيوز ^

عقب لقاء أعلن عنه الجانب الإسرائيلي، جمع رئيس مجلس السيادة الانتقالي ـ آنذاك، عبد الفتاح البرهان، ورئيس الوزراء الإسرائيلي السابق، بنيامين نتنياهو، في مدينة عنتيبي الأوغندية في 3 فبراير/شباط 2020، بدا التقارب بين الخرطوم وتل أبيب، شيئاً فوق التصور، بالنسبة للعداء الذي وسم العلاقة بين البلدين على مدى عقود من الزمن.
ربما كان يعتقد مراقبون، أنه وحتى بعد لقاء البرهان ـ نتنياهو، فإن توطيد العلاقة بين البلدين يحتاج إلى مزيد من الزمن والقبول خاصة في الجانب السوداني، لكن في أعقاب ذلك صار الحديث عن وصول الوفود الأمنية الإسرائيلية مسألة عادية إلى الخرطوم، أو سفر الوفود الأمنية السودانية إلى هناك لا يدهش أحداً.
ورغم أن إدارة الرئيس الأمريكي السابق، دونالد ترامب، شجعت تطبيع العلاقات بين الخرطوم وتل أبيب، في إطار ضم السودان إلى اتفاقية أبراهام التي وقعتها عدد من الدول العربية التي كانت تهدف إلى إنشاء علاقات دبلوماسية بين البلدين، حيث وقع وزير العدل السوداني السابق، نصر الدين عبد البارئ ووزير الخزانة الأمريكي استيشن منوتشين في يناير/كانون الثاني 2021 اتفاق التطبيع بمقر السفارة الأمريكية بالخرطوم.
إلا أن ما حدث في نهاية المطاف ـ حتى الآن ـ هو قيام علاقة أمنية عسكرية بين الجانبين محاطة بسرية تامة، وكذلك صارت العلاقة منقسمة على الجيش السوداني وقوات الدعم السريع.
وأعادت زيارة قام بها وفد عسكري سوداني سراً إلى إسرائيل الأسبوع قبل الماضي، الجدل حول طبيعة العلاقة بين الخرطوم وتل أبيب وما هي أهداف هذه العلاقة، خاصة أنها ما تزال في طور التعاون العسكري غير المعلن عنه لدى الرأي العام السوداني، وماذا يمكن أن تستفيد منها البلاد، أيضاً ما هي المصالح التي يحاول الطرفان تحقيقها من خلال مثل هكذا زيارات؟
وبعض المراقبين يرون أن العلاقة بين الجيش السوداني وإسرائيل قديمة وجاءت بتنسيق أمريكي.
ويعتقد المحلل السياسي، الحاج حمد، في تصريح للـ”القدس العربي”، أن العلاقة بين الجيش وإسرائيل جاءت مع التنسيق الأمني بين المخابرات الأمريكية فيما عرف بالحرب على الإرهاب.
وقال: “معلوم أن كل من ينسق مع “السي اي ايه” ينسق مع إسرائيل لوجود استراتيجية أمنية بينهما”. وأضاف: “كذلك معلوم أن الموساد منذ نجاحه في السيطرة على الحركة الشعبية، خاصة بعد تولي سلفا كير قيادتها، بعد وفاة زعيمها جون قرنق في 2005″، معتبراً الانفصال أهم إنجاز لهذه الشراكة حسبما قال.
وتابع: “الآن جاء البرهان بأسلوب سلفا كير نفسه في الحركة الشعبية وموسفيني في أوغندا، قائلاً: “السودان هو المنتج الأول للصمغ العربي وإسرائيل عبر الشركات الصهيونية سواء كانت فرنسية أو أمريكية هي التي تقوم بالتجهيز للصمغ، فالطن الذي يُشترى من السودان بستة آلاف دولار تبيعه إسرائيل بأكثر من أربعين ألف دولار وكان هذا سبب إقامة عدة حركة مسلحة في دارفور هناك”، مضيفاً: “اتفاقية جوبا إعلان صريح بوصول شركاء إسرائيل للسلطة”.
أما بخصوص علاقة إسرائيل مع الدعم السريع، قال حمد: “حميدتي هو مخلب قط إسرائيل في الرد على إيران كما حزب الله في لبنان والعراق وسوريا، أدخلته في حرب اليمن، واعتقد الرئيس السابق عمر البشير، الذي قال إنه لم يدرك البعد الاستراتيجي للخطوة، أنه يتخلص من الدعم السريع باليمن”.
ويرى حمد أن تعثر مخطط التطبيع، جاء من فاعلية الشارع في رفضه للتحالف وجاء من الخلافات بين الإمارات والسعودية، لذا ظل البرهان يسعى حثيثاً لإنجاز التطبيع مؤملاً في دعم اللوبي الصهيوني في الكونغرس والإدارة الأمريكية لاستكمال الانقلاب بدعم اقتصادي قوي، معتبراً كل ذلك أحلام لبقائه في الحكم.
بينما يرى محللون آخرون أن دواعي تبادل الزيارات الأمنية الحالية بين الخرطوم وتل أبيب، تأتي في إطار الانتقال لمرحلة التطبيع الشامل السياسي والاقتصادي والثقافي.
هذا ما قاله الخبير العسكري في مركز الدراسات القومية في الخرطوم، أمين مجذوب، لـ”القدس العربي”، مشيراً إلى أن العلاقات بين السودان وإسرائيل ليس لها تاريخ محدد، ولكنها تصب في التمنع السوداني في إقامة علاقات منذ العام 1948. وأضاف: “كانت هناك بعض المناسبات التي التقى فيها بعض السياسيين السودانيين في خمسينيات القرن الماضي مع وفود إسرائيلية ولقاءات في معارض ومؤتمرات عالمية، لكن لم تسجل عليها أي مباحثات او جلسات رسمية”.
وتابع: “كان هناك ملف ترحيل يهود الفلاشا المعقد في العام 1985، حيث انتقلت مجموعة من يهود الفلاشا عبر السودان، بموافقة رأس الدولة حينها جعفر نميري، باشتراك بعض ضباط أمن الدولة في هذا الملف إلى أن توقفت العلاقات عند هذا المستوى”.
وأكمل: “ثم كانت زيارة البرهان إلى عنتبي ولقاؤه مع نتنياهو، وهنا يمكن القول إن هناك علاقات بدأت الآن، هذه العلاقات تريد أن توجد لها طريق وتُوضع لها أسس”، مشيراً إلى أنها تبدو حتى الآن أمنية بحتة، حيث تأتي وفود إسرائيلية أمنية إلى الخرطوم فيما وفود أمنية وعسكرية تذهب إلى تل أبيب. ويرى مجذوب أن دواعي هذه الزيارات الترتيب للانتقال لمرحلة التطبيع الشامل السياسي والاقتصادي والثقافي.
وحسب مجذوب، فإن المصالح التي تجمع بين الجانبين السوداني مع إسرائيل، تفتح له مجالاً في المجتمع الدولي خاصة الولايات المتحدة الأمريكية، حيث كان التطبيع شرطاً لإعفاء الديون وإزالة اسم السودان من قائمة الدول الراعية للإرهاب، والآن بعد إجراءات 25 أكتوبر/تشرين الأول، تحتاج الحكومة الموجودة إلى إسرائيل لفتح نفق تأييد في العلاقات الإقليمية والدولية.
في المقابل يرى أن إسرائيل تريد من السودان الموارد والأرض للزراعة والذهب والمياه، وأن تسيطر على مياه النيل لتنتقل وفق مشاريع من إثيوبيا لتنتقل عبر أنبوب عبر البحر الأحمر إلى ميناء إيلات أو تحصل على المياه عبر ترعة السلام من مصر إلى إسرائيل. كذلك تريد إسرائيل أن يفتح لها السودان آفاقاً نحو الدول الإفريقية، ويكون معبراً للبضائع الإسرائيلية وأن تنفتح الأسواق السودانية والإفريقية أمام المنتجات الإسرائيلية.
وأضاف: “في الوقت الراهن ليس هناك تطبيع كامل، هي مجرد اتصالات لم تصل إلى التطبيع الرسمي، لا تبادل للسفراء، لا فتح لسفارات لا تنسيق في المجالات المختلفة ولا المنظمات الدولية”.
وتابع: “تسلم الملف الآن بتكليف من البرهان، اللواء مبارك بابكر، وهو ضابط متقاعد في القوات المسلحة، كان يعمل في وزارة الدفاع لإدارة العلاقات الدولية”.
ورأى أن شكل التكليف وتسليم الملف دون أن تكون لديه وظيفة في الحكومة أمر يحتاج لتفصيل، فدون وظيفة رسمية من الصعب تسلم مثل هذا الملف، فالتحرك بين تل أبيب والخرطوم والجلوس مع إسرائيليين في دول أخرى، تفرض حماية مبارك بتعيينه بشكل رسمي حتى يستطيع الإشراف على هذا الملف.

قم بمشاركة الخبر علي
قم بمشاركة الخبر علي
تابعنا علي قناتنا في الواتساب