الخرطوم=^المندرة نيوز^
توفي اليوم السبت بالولايات المتحدة الأمريكية الأديب والروائي ابراهيم اسحق إبراهيم.
وكان الأديب الكبير قد أجرى عملية جراحية لإزالة ورم بالمخ الا أن العملية أفضت إلى إصابته بشلل شبه كامل.
سافر الراحل قبل أسبوع مستشفيا إلى الولايات المتحدة حيث كانت إرادة المولى أن يلتحق بالرفيق الأعلى.
يعد الراحل من كبار الأدباء في عصرنا الحالي وقد أشاد به الأديب الراحل الطيب صالح وترجمت رواياته إلى عدة لغات.
من هو إبراهيم اسحق..؟
إبراهيم إسحق هو أديب سوداني، روائي وقاص وكاتب . ولد إبراهيم بقرية “ودَعة” بمحافظة شرق دارفور بغرب السودان في العام 1946 م. تلقى تعليمه الأولي بمدينتي الفاشر وأم درمان، وتخرّج في معهد المعلمين العالي في العام 1969م( كلية التربية ـ حالياً ـ التابعة لجامعة الخرطوم )، ومعهد الدراسات الأفريقية والآسيوية بـجامعة الخرطوم في العام 1984م. أقام منذ مطلع العام 1982م في مدينة الرياض بالمملكة العربية السعودية ومكث بها لعدة سنوات إلى أن استقر به الحال في بلده السودان، في العام2006م .هو يقيم حاليا بمدينة أم درمان التي قضى فيها شطراً من حياته استاذاً و معلماً للغه الإنجليزيه بمدارسها الثانوية ومعاهدها التعليمية ( من ضمنها مدرسة محمد حسين الثانوية العليا بأم درمان التي زامل فيها الأديب الأستاذ النور عثمان أبّكر في شعبة اللغة الإنجليزيه ). وما زال إبراهيم إسحق يرفد الصحف السودانية المحلية بالجديد من قصصه القصيرة، وما زال يشارك في لجان تحكيم عدد من الجوائز الأدبية في السودان مثل جائزة الطيب صالح للإبداع الروائي التي ينظمها سنويا مركز عبدالكريم ميرغني الثقافي، وجائزة الطيب صالح العالمية للإبداع الكتابي التي تقيمها شركة زين للاتصالات.
تقلد منصب رئيس اتحاد الكتاب السودانيين في العام 2009م.وهو عضو في مجلس تطوير وترقية اللغات القومية في السودان. استقبال القراء لروايته الأولى (حدث في القرية) كان متجاذباً بين الترحاب والرفض، فالمعجبون بها أشادوا ببنائها الفني وآخرون أزعجتهم لغة الحوار بلهجة الأرياف في دارفور. في عام 1970م كتب رواية (أعمال الليل والبلدة) واتصل به الأستاذ البروفيسور محمد إبراهيم الشوش فطلبها للنشر فظهرت في العام 1971م وقد مثّلت الندوة الأدبية في منزل المرحوم عبد الله حامد الأمين منبراً لعرض الآراء المرحبة والمعارضة وحيثيات الدفاع لدى المؤلف.. ولأن معدي الصفحات الثقافية القليلة أيامئذ كانوا يحضرون منتدى عبد الله حامد الأمين فقد عرضوا هذا الجدل ووجد الأدباء الشباب ممن اطلعوا على الآداب العالمية في اللغات الأجنبية مؤازرة من بعض المتفهمين لهذا المنحى مثل شيخ أدباء ذلك الجيل قيلي أحمد عمر وقد كان من موقعه المتقدم في وزارة الإعلام خير معين للتجريب الذي يخرج بالثقافة السودانية من شرنقة التبعية للمناهج المصرية والشامية.. هذه الأجواء ساعدت الروائي إبراهيم إسحق على المضي قدماً فكتب رواية (مهرجان المدرسة القديمة) 1972 ولم تنشر إلا في عام 1976، وبعدها كتب رواية (فضيحة آل نورين) التي لم تنشر إلا في الخارج، وبعدها ضاعت ووجدت عام 2004 وقد لعب المرحوم قيلي أحمد عمر دور الحارس لعمله في هذه الحقبة الحرجة فقد اتخذ التعويق لظهور أعماله في حيز الطبع ملامح لا تخفى على أحد من جانب الأدباء حراس اللغة العربية الصافية، فلم يظهر إبراهيم إسحق في ندواتهم ولا على ملاحقهم في الصحف والمجلات ولا يُذكر اسمه في حديث الوفود السودانية التي تتكلم عن الأدب السوداني، وكان الجو الثقافي حينها ملبدا بـ(صراع مخلص) بين تيارين أدبيين: أحدهما تقليدي يرى أن إنتاج إبراهيم إسحق ينافس لكنه يخرب اللغة.. والتيار الآخر كان يجاري الأساليب الفنية العصرية ولا يرى في عمله خطراً. نشر له قيلي يرحمه الله حوالى ست قصص قصيرة في مجلة (الخرطوم)، ثم نشر رواية (أخبار البنت مياكايا) كاملة في نفس المجلة في عام 1980م، إلى جانب نشره لكتابه (الحكاية الشعبية في إفريقيا) على أجزاء في نفس المجلة في عام 1976 وساند المرحوم محمد عبد الحي ويوسف عايدابي عمله فنشرا له في ملحقهما الرائع بجريدة (الصحافة) حوالى ست قصص قصيرة وبعض التنظيرات في فهم دور الرواية السودانية في الثقافتين العربية والإفريقية.في هذه الحقبة ما بين 1976 و1982 توالى نشر قصص إبراهيم إسحق ومحاوراته في ملحق (الأيام) الثقافي بإشراف المبدع السردي عيسى الحلو، ودافع عن رؤيته للصناعة السردية في مجلة الثقافة السودانية كما عرض آراؤه الثقافية في هذه المجلة المذكورة وفي مجلة (الخرطوم) وفي مجلة (الدوحة) القطرية ومجلة (سوداناو) الإنجليزية الصادرة في وزارة الإعلام السودانية وقد تكللت كل هذه المساندة بإيجاد دور بارز في مهرجانات الثقافة على عهد مايو حتى مُنح نوطاً تشجيعياً في عام 1979م.
من مؤلفاته في الرواية- حدْث في القرية، صدرت عن إدارة النشر الثقافي، وزارة الثقافة والإعلام، الخرطوم، عام 1969م. أعمالُ الليلِ والبلدة، عن دار جامعة الخرطوم للنشر، عام 1971م
– مهرجانُ المدرَسَةِ القديمة، عن إدارة النشر الثقافي، وزارة الثقافة والإعلام، الخرطوم، 1976.
– أخبارُ البنت مياكايا، نشرت كاملة في مجلة الخرطوم عام 1980، قبل أن تصدر أخيراً (مايو-2001)عن مركز الدراسات السودانية – الخرطوم / القاهرة.
فضيحةُ آل نورين، قيد الطبع، نشرت أجزاء منها في مجلة السوداني المغترب 1979م قبل أن تصدر في العام 2004م – الرياض- السعودية.
مؤلفاته في القصة القصيرة ناس من كافا- مجموعة قصص- مركز عبدالكريم ميرغني الثقافي العام 2006م- الخرطوم عرض حالات كباشية- مجموعة قصص- هيئة الخرطوم للصحافة والنشر – العام 2011- الخرطوم حكايات من الحلالات مؤلفاته في الدراسات
– هجرات الهلاليين من جزيرة العرب إلى شمال أفريقيا وبلاد السودان ( صدرت عام 1996عن مؤسسة الملك فيصل وهي البحث الذي حاز به على درجة الماجستير ).
– الحكاية الشعبية في أفريقيا (صدرت عام 1977 عن إدارة النشر الثقافي، مصلحة الثقافة، وزارة الثقافة والإعلام – الخرطوم) إنجاز الشيخ الدكتور محمد عبدالله دراز
المقالات
نشر العديد من المقالات والدراسات في مجال النقد الأدبي والتراث في صحف ومجلات ودوريات سودانية وعربية، نذكر منها: نكات السخرية بين المجموعات السكانية “، مجلة الثقافة السودانية، وزارة الثقافة والإعلام أغسطس 1977
– ” حوارية مطولة حول جوانب من قضايا الثقافة السودانية في مطلع الثمانينات ” . مجلة الثقافة السودانية، وزارة الثقافة والإعلام، أغسطس 1980 .
– كيوبيد السفاح، مقارنات في ظاهرة القتل العشقي ” . مجلة الثقافة السودانية، وزارة الثقافة والإعلام، فبراير 1977. ذئب آل يعقوب ” في مجلة الخرطوم وزارة الثقافة والأعلام يناير 1979 .
– ” الأدب الشعبي ” ورقة أعدت لفعاليات المهرجان القومي الثاني للآداب والفنون 1979 ونشرت في يونيو 1981 . في مجلة الخرطوم وزارة الثقافة والإعلام .
– ” الرواية السودانية : ناضجة ومجهولة ” ورقة أعدت لفعاليات مهرجان الثقافات الأفريقية بلاغوس، نيجيريا، يناير 1977 ونشرت في مجلة سودان ناو بالإنجليزية، وزارة الثقافة والإعلام .
– ” تحقيق خطاب السلطان محمد الفضل إلى محمد علي باشا ” مجلة الدراسات السودانية، جامعة الخرطوم 1983.
– ” دار فور جسر إلى قلب أفريقيا ” مجلة الدوحة القطرية نوفمبر 1981.
– ” الهلالي أبوزيد ” مجلة الدوحة القطرية نوفمبر يناير 1982.
– ” الرواية الشفهية بين مناهج التراثيين الشفهيين والمؤرخين التقليديين”، مجلة المأثورات الشعبية، مركز دراسات التراث الشعبي لدول الخليج، يناير 1989 .
– ” السيرة الهلالية بين التاريخ والأسطورة”، مجلة المأثورات الشعبية، مركز دراسات التراث الشعبي لدول الخليج، أكتوبر 1990 .
مدونات التراث الشعبي : ملاحظات في الانسنة والتوحش “، مجلة المأثورات الشعبية، مركز دراسات التراث الشعبي لدول الخليج، يناير 1992.
الإمتاع والمكاشفة في المسموعات الشعبية لمحمد إبراهيم الشوش”، مجلة المأثورات الشعبية، مركز دراسات التراث الشعبي لدول الخليج، يوليو 1995.
– ” مواقف من الاستشراق الافريقاني “، مجلة عالم الكتب، أبريل 1984.
– ” التبشير في منطقة الخليج العربي “، مجلة عالم الكتب، يوليو 1983.
– ” التوراة واليهود في فكر ابن حزم “، مجلة عالم الكتب، ديسمبر 1986.
– ” ملامح الحياة الاجتماعية في الحجاز في القرن الرابع عشر “، مجلة عالم الكتب، سبتمبر 1985.
– نال جائزة الآداب والفنون التشجيعية في مهرجان الثقافة والآداب والفنون الخرطوم 1979 م.
– مُنِح شهادة الدكتوراة الفخرية من جامعة الفاشر- السودان- في أبريل 2004م.
شهادات قيلت في حقه
يقول عنه الأديب العالمي الطيب صالح: ” إبراهيم اسحق كاتب كبير حقا, رغم أنه لم يعرف بعد على نطاق واسع, وقد اكتسب سمعته الأدبية بعدد قليل من الروايات الجميلة مثل روايته حدث في قرية ومهرجان المدرسة القديمة وحكاية البنت مايكايا وهي روايات قدمت لأول مرة في الأدب السوداني, صورا فنية بديعة للبيئة في غرب السودان, وهو عالم يكاد يكون مجهولا لأهل الوسط والشمال.صمت إبراهيم اسحاق زمنا طويلا واختفى عن الأنظار, وقد لقيته منذ ثلاثة أعوام في الرياض في المملكة العربية السعودية, حيث يعمل مدرسا وجدته إنسانا دمثا طيبا مثل كل من لقيت من أهل غرب السودان, وواضح من روايته هذه وبال في كليمندو أنه لم يكن خاملا, بل كان يفكر ويكتب طوال فترة صمته الممتدة.إنني لسوء الحظ, لم أعرف غرب السودان كما يجب, أبعد نقطة وصلت إليها كانت الأبيض عاصمة إقليم كردفان, وزرت جبال النوبة منذ أمد بعيد. لذلك حين أقرأ روايات إبراهيم اسحق, وأيضا القصص القصيرة الجميلة للمرحوم زهاء طاهر, أحس بالحسرة لأنني لم أتعرف أكثر علي ذلك العالم البعيد العجيب”
يقول عنه الناقد السوداني مبارك الصادق:” كان الملمح الواضح في كتابات إبراهيم اسحق ذلك الإصرار على استعمال اللهجة المحلية لإنسان دارفور بغرب السودان، لقد شكلت اللغة الممعنة في المحلية حاجزاً للتواصل بينه وبين أبناء السودان من غير ذلك الإقليم، وكانوا يجدون صعوبة كبيرة في تفهم ماهو مكتوب، على أنه عاد إلى التقليل من ذلك إلى حد ما في روايته الثالثة “مهرجان المدرسة القديمة” ورغم ذلك المأخذ فإن النقاد يرون أن إبراهيم اسحق كقامة روائية له عالمه الخاص وحسه الروائي المتفرد وإن المستقبل العريض بانتظاره”
يقول عنه الكاتب والناقد أحمد ضحية:” القامة الابداعية لابراهيم اسحق لا تقل عن قامة الطيب صالح . فاسحق دون المبدعين الاخرين, الذين كتبوا منذ الستينيات. وعاصروا مرحلة التحولات الحداثية , شكلت كتابته نسيجا حداثويا منذ الوهلة الاولى على مستوى استخدامات اللغة والتقنيات، وان اعتناء إبراهيم اسحق بالاسطورة في اعماله الابداعية المختلفة, يعكس الحاجة الملحة لتفسير الحاضر عبر هذا الماضي الذي ينطوي عليه حاضرنا بصورة من الصور”
يقول عنه الباحث السوداني والناقد محمد الفاتح أبوعاقلة:”
– إبراهيم إسحق إبراهيم أديب عميق التَّجارب ومتفرد في قدراته الإبداعية، وموسوعي الاطلاع ، يتداعى في كتاباته بيسر وسهولة مع الاستعداد العلمي والأدبي والتشبُّع بالتُّراث الرِّوائي العالمي. – يمكن وصفه بأنه من المخضرمين في مجال الأدب السُّوداني، قرأ ما يقارب المائة رواية ومجموعة قصصية لكتاب عالميين، قبل أنْ يشرع في بناء هيكل رواياته وقصصه، يرتبط أدبياً وفنياً بالكتاب العالميين: -ويليام فوكنر – جيمس جويس. – ميخائيل بولغاكوف. هؤلاء حفروا عميقاً في بيئاتهم وتمثلوا تلك البيئات. – يثق تماماً في أنّ الروائي قادر على التواصل مع العالم جمالياً وإبداعياً
-عائلة الكباشي هي الطابع الخاص به الآن ومن خلالها تتخلَّق أعماله.
قراءات الأديب ومن يتأثر بهم كثيراً تحدد نوعاً ما اتجاهه الأدبي
– يعتبر أن دراسة د بابكر الأمين الدرديري عن الرواية السُّودانية دراسة مهمة جداً، لا يمكن أن يتجاوزها الباحث في تاريخ ونشأة الرِّواية السُّودانية!ويعتبر أنّ التجارب الإنسانية تتشابه بين الشعوب، وتنعكس في الآداب وتتضح السمات الخاصة لكل تجربة على حدة، وهذا هو الذي يكسب الإبيقرافية أهميتها.
نجد في أعماله معايشة عميقة للمجتمع السوداني، ومقدرة متميزة على رصد المشاهد والمواقف والشخوص. وللأمكنة عطرها النفاذ يفوح من التفاصيل الدقيقة المرسومة بمحبة ورواء. فلا تملك إلا وأن تنفعل به.
– تتسم كتابات إبراهيم إسحق بالدقة والبنائية الصارمة المحكمة للألفاظ التي ينتخبها الكاتب بذائقته اللغوية المتميزة. ومقالاته وبحوثة ترتبط ارتباطاً وثيقاً بهموم المثقف السوداني، وله نزوع فوار تجاه إعادة قراءة التاريخ السوداني، وبخاصة ما يتصل بدارفور الحبيبة إلى نفسه، والتي اعتلقت بها رؤاه وعوالمه المفتوحة على الأصالة في بيئة آل كباشي”.
المصدرر= سودان برس