حكومة حمدوك الثالثة .. (11) ملاحظه
حري بنا لفت الانتباه الي ان الحكومة التي تم أعلانها مساء اليوم هي الثالثة في عمر الفترة الانتقالية .. الأولى تم تشكيلها في سبتمبر 2019م ، والثانية في يوليو 2020 حيث استقال (6) وزراء واقيل واحد (اكرم / الصحة) في حالة نادرة الحدوث في عمر الحكومات السودانية ، فحوالي 40% من الوزراء غادروا مواقعهم ، ولم يسم حمدوك بدلاء عنهم لأكثر من نصف عام.. الأن التوليفة الوزارية تحمل عدة مؤشرات جديرة بالتناول
أولاً : أظهر التشكيل محاصصة حزبية صريحة بلغت أعلى مراتبها بدخول قيادات الصف الأول بقوى التغيير والثورية، بعكس حكومة المغمورين الأولى والثانية.. حيث جاء زعيم حركة العدل والمساواة جبريل ابراهيم وزيرا للمالية، نائب رئيس الامة القومي مريم الصادق للخارجية ، رئيس المؤتمر السوداني السابق ابراهيم الشيخ للصناعة، الامين للعام للمؤتمر السوداني خالد يوسف لوزارة مجلس الوزراء. وبالتالي تراجعت قحت عن شعارها الزائف (لا حزبية في الفترة الانتقالية).
ثانياً : أظهر التشكيل الوزاري قوة تحالف نداء السودان الذي يضم عدة مكونات ابرزها (حزب الأمة، المؤتمر السوداني، الشعبية قطاع الشمال، العدل والمساوة وحركة مناوي وحزب البعث) ، حيث نال نصيب الأسد من الحقائب السيادية والاقتصادية المهمة.وهذا سيكون على حساب (قحت) ، كما انه سيحرر وفاة (تجمع المهنيين) الذي تقهقر وفقد بريقه عقب الانشقاق الشهير الذي شق صفه. كما أن دخول قادة نداء السودان الجهاز التنفيذي ومجلس السيادة مؤشر قوي ان التحالف سيخوض الانتخابات القادمة وبقوة.
ثالثاً : تأكد ان تخوفات المؤتمر الوطني من تحالف نداء السودان كانت في محلها ، فعدد الوزارات السيادية (7) نال نداء السودان ، (4) منها (مجلس الوزراء ، الخارجية، المالية والحكم الاتحادي) بينما (الدفاع والداخلية) ، للعسكر ، والعدل فقط من نصيب قحت.
رابعاً : التشكلية الوزارية قد تنهي الجبهة الثورية ، حيث انحازت القوى المؤثرة فيها للجسم القديم (نداء السودان) بدليل اقصاء مساري الوسط والشمال ، وتركوا مسار الشرق يقاتل وحده بقيادة خالد شاويش ومرجح ان ينال المسار الاخير حقيبة التربية.
خامساً : تسمية خالد يوسف وزيراً لمجلس الوزراء يعني نهاية نفوذ مايعرف بمجموعة حمدوك (المستشارون) وكذلك (شلة المزرعة) ، المتهمين بتوسيع الشقة بين حمدوك وقحت، ساهم في ذلك ضعف سلف خالد ، الوزير السابق عمر مانيس وقد يكون تعيين خالد لاعانة حمدوك للترتيب لتحالف جديد يضم العسكر ونداء السودان وحمدوك نفسه للانقلاب على قحت بعد ان أصبح تجمع المهنيين في حالة توهان.
سادساً : أظهر التشكيل مايمكن ان نسميه (وزير البزنس) .. حيث تولى رجل الاعمال ابراهيم الشيخ مهام الصناعة ، مثلما كان البروفيسور مامون حميده وزيرا للصحة بحكومة الخرطوم في حقبة الانقاذ وهو أحد أكبر المستثمرين في القطاع الصحي .. لكن حميده حقق نجاحا بينما سيكون الشيخ مجابه بحزمة تحديات ابرزها تقاطعات السياسة والمال وهو من الذين اثروا ابان وجود الاسلاميين. ولتبديد الشكوك حياله فهو مطالب بالاسراع لتقديم اقرار ابراء الذمة.
وقريبا من الشيخ سيكون وزير الاتصالات هاشم حسب الرسول هاشم جذء من صراعات قطاع الاتصالات لجهة انه كان يشغل منصب الرئيس التنفيذي السابق لشركة كنار فهو كذلك مجابة بتحدي الحياد.
سابعاً : واصلت قحت هوايتها بتسمية الوزير المغترب ، فحين ضمت حكومتي حمدوك السابقتين عددا مقدرا من المغتربين ، هاهي حكومته الثالثة تضم الصحفي المغترب بقطر حمزه بلول وزيرا للثقافة والاعلام ، والنجربة اثبتت تساقط عدد كبير من الوزراء المغتربين امثال ابراهيم البدوي وعمر مانيس وهبه محمد علي وسيصطدم بلول بواقع مرير ليس على نطاق الصحافة والاعلام بل على صعيد البلاد بكاملها. وكذلك وزير الصحة عمر النجيب الذي امضى ثلاثة عقود بين بريطانيا والامارات مما يجعل مهمته عسيرة. بالمناسبة جربت الانقاذ في اواخر عمرها فكرة الوزير المغترب وسمت ادريس جميل وزيرا للعدل وسرعان ماحزم الرجل حقائبه وعاد ادراجه الي الخليج الذي عمل فيه لعقدين.
ثامناً : من المفارقات ان الحكومة أولت مكونات الشرق اهتماماً، في وقت أدارت ظهرها لاتفاق مسار الشرق الموقع بجوبا ، حيث سمت ميرغني موسى وزيرا للنقل وهو من أبناء حلايب ، بينما تلكأت في تعيين القيادي بمسار الشرق اسامه سعيد وزيرا للتربية. وأشار حمدوك الي ارجاء تعيين وزير التربية لمذيد من التشاور وفي هذا اشارة الي ان اطرافا بالحكومة ضد المسار.
تاسعاً : تأكد ان الحديث المتكرر لرئيس الوزراء حول مناصرة المرأة مجرد شعارات براقة حيث لم تتم زيادة حصة المرأة وتم حصرها في (4) مقاعد رغم زيادة عدد الوزارات من (18) وزارة في الحكومة الاولي الي (25) وزارة في الحكومة الجديدة بل نقصت حصة المرأة في قائمة قحت فالحكومة السابقة ضمت لينا (الرعاية والعمل)، البوشي (الرياضة)، صغيرون (التعليم العالي) وهبه (المالية) والان لقحت ثلاثة وجوه (مريم، صغيرون وتيسير) والرابعة بثينه دينار ( الحكم الاتحادي) من الجبهة الثورية وتحديدا الشعبية شمال.
عاشراً : لم يكن متوقعا ان يقدم حزب البعث مرة أخرى يوسف الضي الذي انتقل من الحكم الاتحادي الي الشباب والرياضه رغم فشله في اشرافه على ولاية النيل الابيض وتكليفه بادارة ولاية الخرطوم ويعود ذلك لانشغال الضي مع لجنة ازالة التمكين تمشيا مع خطة حزبه بتغليب محاربة النظام السابق على توفير معاش الناس.
أحد عشر : لم تظهر الحكومة أو قحت أي ابداع في عملية فصل الوزارات أو اعادة وزارات الغتها منذ أول حكومة على سبيل المثال وفي خطوة غبية دمجت العمل مع الرعاية الاجتماعية والان تم فصل الوزارتين ولم تستحدث وزارة للشؤون الانسانية وهي -أي الحكومة – مقبلة على انفاذ اتفاق سلام ينص على اعادة النازحين وتعويض المتضررين
كما غابت السياحه ولم يتضح ان كانت مدمجه في الاعلام والاتصالات أم لا.