تقرير=^المندرة نيوز^
جملة متغيرات وسياسات داخلية وخارجية أدت إلى تحجيم الاقتصاد السوداني وعزلته عن المنظومة العالمية مما تسبب في حدوث إختلالات في الميزان التجاري، وأدت هذه العوامل إلى حدوث عجز كبير في الموازنة العامة وإنهيار قيمة الجنيه السوداني مقابل العملات الأجنبية، بجانب ارتفاع مهيب في حجم التضخم الذي حقق معدلات قياسية وصلت الشهر الماضي لأكثر من (304.33%) مقارنة بمعدل (269.33%) لشهر ديسمبر من العام الماضي، بإرتفاع 35 نقطة وفقاً لتقرير جهاز الإحصاء المركزي.
تحرير رسمي
وبصورة رسمية قرر بنك السوداني المركزي تحرير سعر صرف الجنيه السوداني ووجه جميع البنوك والقنوات المصرفية العمل بالقرار اعتباراً من اليوم الأحد وفقاً لحزمة ضوابط ومنشورات تم توزيعها لتنفيذ الرؤية الإصلاحية للدولة.
وعلمت ^المندرة نيوز^ أن محافظ البنك المركزي محمد الفاتح زين العابدين عقد اجتماعاً موسعاً يوم أمس السبت ضم كافة مديري عموم البنوك التجارية لاطلاعهم على السياسات الجديدة، في وقت أكد فيه البنك المركزي أن السياسات الجديدة المعلنة بشأن تعرير سعر الصرف ستسهم في توحيد وإستقرار سعر الصرف وإستقطاب تحويلات السودانيين العامليين بالخارج عبر القنوات الرسمية، وأشار إلى ان التطورات السياسية بعد ثورة ديسمبر المجيدة و توقيع إتفاقية سلام جوبا و فى إطار الإنفتاح علي العالم الخارجي خاصة بعد رفع إسم السودان من قائمة الدول الراعية للإرهاب تحتم إعادة النظر فى كل السياسات الإقتصادية للدولة لتتماشي مع مطلوبات هذه المرحلة بما يساعد فى تحقيق الإستقرار الإقتصادي.
ضوابط ومنشورات
وفى هذا الإطار صدرت منشورات وضوابط من قبل بنك السودان المركزي الموجهه للمصارف وشركات الصرافة لتنفيذ الرؤية الإصلاحية للدولة إعتباراً من يوم الأحد الموافق 21 فبراير 2021م ، وحوت (9) ضوابط لحسابات تنظيم النقد الأجنبي وشملت توحيد سعر الصرف بما يساهم فى تحقيق الآتي توحيد وإستقرار سعر الصرف وتحويل الموارد من السوق الموازي الي السوق الرسمي وإستقطاب تحويلات السودانيين العامليين بالخارج عبر القنوات الرسمية، بال، بالإضافة إلى إسهامها في إستقطاب تدفقات الإستثمار الأجنبي، وتطبيع العلاقات مع مؤسسات التمويل الإقليمية والدولية والدول الصديقة بما يضمن إستقطاب تدفقات المنح والقروض من هذه الجهات.
تخوفات وتحذيرات
وقال الخبير الاقتصادي محمد الناير ان سياسية تحرير سعر الصرف تتطلب إمتلاك الدولة إحتياطي نقدي لا يقل عن (5) مليار دولار بخزينها لتلافي الإثار الكارثية التي يمكن أن تحدث نتيجة لعدم التطبيق السليم للقرار، وطالب الناير في تسجيل صوتي تحصلت عليه ^المندرة نيوز^ بضرورة الإعلان عن احتياطي الكتلة النقدية التي تمتلكها لتنفيذ قرار تحرير سعر صرف الجنيه السوداني، في ذات الوقت شدد على ضرورة الإعلان عن محفزات جذب تحويلات المغتربين بصورة واضحة لضمان تحويلاتهم عبر القنوات الرسمية خاصة خلال هذه الفترة، وأوضح أن ضرورة الإسراع في الإعلان عن السياسات المشار إليها سيسهم كثيراً في تلافي الاثار الكارثية التي يمكن أن تحدث تزامناً مع إعلان التحرير.
وتخوف الناير من زيادة الدولار الجمركي خاصة وان البنك المركزي لم يتحدث عن قضية توحيد سعر الصرف التي تخص الدولار الجمركي بشكل مباشر، وأضاف أن السوق الموازي سيكون في حالة ترقب ومن ثم يبدأ مرحلة الصعود التي ستؤدي لمزيد من تدهور العملة الوطنية في حالة لم يتم الاعلان عن قيمة الاحتياطي النقدي ومحفزات جذب تحويلات المغتربين والتدفقات النقدية لصالح خزينة الدولة.
إضطرار حكومي
ويقول وزير المالية جبريل ابراهيم في أول تعليق له علي قرار تعويم الجنيه انهم اضطروا الي توحيد سعر الصرف بصورة مرنة حتي تتحسن الاوضاع الاقتصادية في السودان، ويكشف عن اختلالات وعجز في الموازنة وميزان المدفوعات، ولكنه اعترف ان قرار التعويم قرار صعب وجراحة عميقة لاستئصال المرض .واضاف جبريل ابراهيم انهم اتخذوا قرار تعويم الجنيه عقب اتخاذ كل التدابير اللازمة، فيما كشف عن استيراد الحكومة كل احتياجاتها من (القمح والوقود والدواء ) باسعار محددة.
واعلن الوزير خلال مؤتمر صحفي ان الحكومة وضعت كل الترتيبات لعرض كافي من العملات الاجنبية للتحكم في سعر الصرف .واقر ان هناك آثار تضخمية متوقعة الا انه انه أكد قدرتهم علي معالجة كل الاثار التضخميةوتوقع الوزير حدوث استقرار كبير في سعر الصرف فضلا عن توقعاته بتدفقات لعملات أجنبية للسودان ،بالاضافة الي اعفاء ديون السودان .وقال (القرار اتخذ في ظرف اقليمي ودولي مهم وعلاقة موجبة سيساعدنا في استقرار اقتصادنا) .
ترحيب أمريكي
ورجبت سفارة أمريكا بالسودان بقرار الحكومة الانتقالية بشأن إصلاح سعر الصرف.وقالت السفارة الأمريكية في تعميمٍ صحفي، الأحد، (ترحّب السفارة الأمريكية بقرار الحكومة الانتقالية بقيادة مدنية المضي قدمًا اليوم في إصلاح سعر الصرف”.وأشارت إلى أنّ القرار يمهّد الطريق لتخفيف الديون ويزيد بشكلٍ كبيرٍ من تأثير المساعدة الدولية، والتي كان يتعيّن في السابق انفاق الكثير منها بسعر الصرف الرسمي.وأضافت” مما يوفر جزءًا صغيرًا فقط من قيمتها المحتملة للشعب السوداني”.وأوضحت أنّ القرار سيساعد بشكلٍ كبيرٍ الشركات السودانية ويزيد الاستثمار الدولي.وتابع” لن تواجه الشركات المحلية والأجنبية بعد الآن صعوبات في ممارسة الأعمال التجارية في السودان بسبب سعر الصرف المزدوج”.والأحد، أعلن بنك السودان المركزي توحيد سعر صرف الجنيه السوداني أمام الدولار ، في السوقيين الرسمي والموازي.وانعكس ارتفاع سعر الدولار على زيادة في أسعار السلع الأساسية خاصة المستوردة منها، ما أدّى إلى تآكل القدرة الشرائية للمواطن السوداني، وزيادة معاناته.
حصر وضبط
ويري مراقبون ان حزمة الضوابط التي اتخذتها الدولة بشأن ضبط النقد الاجنبي ستعمل على توحيد وحصر قنوات التدفقات النقدية خاصة المؤسسات التي تتعامل بالنقد الأجنبي مع منسوبيها وعملائها مثل الجامعات التي لديها طلاب أجانب والعقارات وغيرها من الجهات التي لديها حسابات بالعملة الصعبة، ويبدو ان سياسة تحرير سعر الصرف جاءت مطابقة لنظرية الصدمة خاصة وان الدولة لجأت إليها بصورة إضطرارية، ويبقى التحدي قائم لحكومة السودان فهل انها ستصمد امام اليات توفير احتياطي نقدي كافي..؟ ام أن انها ستعتمد على معينات خارجية يمكن ان يطيل انتظارها وتؤدي لنسف السياسيات الاصلاحية المطروحة.