المندرة نيوز

بروفيسور إبراهيم محمد آدم يكتب.. كرري إبادة جماعية وجريمة بلا عقاب(2-3)

كرري إبادة جماعية وجريمة بلا عقاب(2-3)

بروفيسور إبراهيم محمد آدم

الخرطوم=^المندرة نيوز ^
بدأت المعركة في الساعة السادسة صباحاً وشن الانصار هجوماً شاملاً على القوات المحتلة ولم يستطع أي جندي سوداني الوصول لمعسكر الغزاة وذلك لكثافة النيران. وفي تمام الساعة الثامنة صباحاً أي بعد ساعتين من بداية المعركة أمر كتشنر بوقف إطلاق النار بعد سقوط 11 ألف قتيل حصدتهم مدفعية الانجليز، وقد وصفتهم رقية بت حبوبة اخت القائد الشهيد عبد القادر إمام ود حبوبة (تيم في التقر انصارو منزربين، بالصفا واليقين حقيقة أنصار دين ، بالحرب أم طبايق قابلوا المرتين، في وش المكن رقدوا التقول نايمين) سقط مع اولئك الشهداء 16 الف جريح و4 ألف أسير، ولكن كتشنر مبعوث الحضارة الغربية وحامل عبء الرجل الأبيض كما يقولون والتزاماً بعهده في الانتقام قد بدأ حقده وشفاء غليله من أرض المعركة في كرري حيث أمر بألا يبقى على قيد الحياة أي جريح سوداني عاجز عن الحركة بنفسه، وأن لا يهتم جيشه بدفن جثث الموتى من الانصار وذات المصير واجه به الأسرى لينظف ميدان المعركة منهم كما قال، واحتفاءاً بهذا الانتقام علقت ملكة بريطانيا بعد المعركة ( تم الانتقام له الآن بالتأكيد)، أي الانتقام لتشارلز غوردون.

انتهت المعركة بانسحاب الأنصار إلى غرب السودان ودخول كتشنر أم درمان عاصمة الدولة المهدية وعندما دخل أم درمان كان مرجله يغلي فأمر بضرب قبة الإمام المهدي وتهديمها بعد أن نبش قبره وبعثر جثمانه بطريقة همجية حيوانية هاجمه فيها كل العالم حينذاك، حتى بعض أعضاء البرلمان البريطاني ، كما اتخذ قرارين أحدهما ان تخرب أم درمان وأن تنقل العاصمة الجديدة إلى الخرطوم، وأن يُلغى اسم البقعة الذي اطلقه المهدي ويستعمل اسم أم درمان فقط رسمياً وشعبياً.

 

أما القرار الثاني القاتل الممعن في الظلم والبطش فهو إعلانه استباحة مدينة ام درمان تحت قانون الطوارئ لثلاثة الايام يعيث فيها جنوده فساداً في المدينة ينهبون ويقتلون ويعتدون على الاعراض والأموال كيفما شاءوا.
وللمزيد حول شجاعة الجنود السودانيين في كرري يمكن تصفح جريدة الوقائع المصرية في عددها رقم 2572 بتاريخ 18 سبتمبر 1898 نقلاً عن ديفيد بيرلي المراسل الحربي لصحيفة الديلي تلغراف البريطانية .أما المراسل الحربي الانجليزي ونستون تشرشل فقد قال قال عنهم : ( لقد كان رجالنا رائعين ولكن الانصار فاقوا حد الروعة ،انه لأضخم وأعظم وأشجع جيش قاتل ضدنا، لقد قاتلوا من أجل المهدية، وماتوا فداء للامبراطورية الضخمة التي اقاموها وحافظوا عليها زمنا طويلاً).

واجه رجال المهدية ذلك الجيش بشجاعة بالغة رضعوها من أثداء امهاتهم وعززوها بخبرات حربية متراكمة للحفاظ على الدولة فقد خاض جيش الخليفة قبل معركة كرري وطوال خمسة عشر عاماً أكثر من 50 معركة بحشود ما بين خمسين ومائة ألف مقاتل مثل معارك تحرير الأُبيض والخرطوم و شيكان والقلابات ودبرسين وعشرات المعارك الأخرى بحشود تتراوح ما بين 10- 50 ألف رجل وحملات أخرى في دار فور وكسلا وغيرها.

ظلت تلك المعركة الفاصلة وأحداثها الجسام محوراً لحركة بحثية مستمرة من خلال جهود أكاديمية معاصرة لمؤرخين من الجامعات الأوروبية والأمريكية . حركتهم النزعة الأكاديمية المحايدة لإعادة استقراء ما حدث بالضبط على ميدان المعركة على الرغم من مرور ١٢٣ عاماً على انقضائها ،لقد أدت هذه المجهودات البحثية لكشف النقاب عن شهادات مراسلين حربيين أجانب لم تحظ في وقتها بالاهتمام اللائق بها بينما أُسقط بعضها لأسباب مجهولة. وفي هذا المقام أرجو أن أطلب من أخوتي الزملاء أساتذة التاريخ بالجامعات السودانية والباحثين في هذه المجالات أن يقوموا بما يستطيعون نحو دراسة وتحليل تلك المعركة والمساهمة في إعادة كتابة تاريخنا الذي سطره الأجانب وفقا لاهواءهم . يتبع

قم بمشاركة الخبر علي
قم بمشاركة الخبر علي
تابعنا علي قناتنا في الواتساب