محمد زين العابدين=^المندرة نيوز^
بسبب الصراعات وعمليات القمع والقتل تراجعت الأنظار التي كانت تتجه نحو الجارة أثيوبيا بإعتبار أنها النموذج التنموي الناجح في أفريقيا من خلال التطور والإزدهار والتنمية الكبيرة في شتي المجالات، إلا أن إندلاع الحرب مؤخراً بين الجيش الأثيوبي والجبهة الشعبية لتحرير التيغراي نسف كل تلك النهضة وعكس صورة سلبية للمجتمع الدولي والاقليمي، ويبدو ان التفلتات التي تحدث بين الأطراف المتصارعة والتي أدت إلى زعزعة الأمن وتعطيل التنمية ستؤدي إلي كثير من التراجع التنموي والإقتصادي بدولة أثيوبيا.
وبحسب متابعات ^المندرة نيوز^ أن المواجهات العسكرية بين الجيش الفيدرالي الأثيوبي والجبهة الشعبية لتحرير التيغراي أدت إلي قتل المئات من الطرفين وهروب الالاف من مواطني إقليم التيغراي وهروبهم تجاه البلاد بحثاً عن الأمن والأمان، حيث وقعت إشتباكات عنيفة بين الطرفين مؤخراً في منطقة (ماي كادرا) جنوب غرب منطقة تيغراي أدت إلي مقتل (825) جندي من قوات الجيش الأثيوبي و (380) من المليشيات المساندة له، فيما أُصيب (1222) أخرين، كما تم أسر عدد كبير من جنود الجيش الفيدرالي الأثيوب.
مآلات الحرب
وبحسب تقارير إعلامية فقد إستعادت قوات إقليم التيغراي عدد من المناطق بالإقليم، وذلك بعد معارك طاحنة ضد قوات تتبع لمليشيات الأمهرا والشفته كانت تسعي لتنفيذ مجازر بشرية بالإقليم، وتمكّنت من الإستيلاء علي (6) مدافع دوشكا، و (13) برين وواحد مدفع “أربجي”، بجانب عدد من الأسلحة المتوسطة والصغيرة.
ويقول شهود عيان إستطاعوا زيارة مدينة “ماي كادرا” حيث قُتِل الضحايا في حديثم للمندرة نيوز أنهم عثوروا على جُثث متناثرة في جميع أنحاء المدينة، فضلا عن جرحى، وقد تم العثور على معظم هذه الجُثث بالقرب من البنك التجاري الإثيوبي وسط المدينة، وعلى طول الطريق المؤدي إلى بلدة “الحُمرة”.
جرحى وقتال
وفي الجهة المقابلة قالت الإذاعة الإثيوبية الحكومية إن الجيش الأثيوبي قتل (550) من مقاتلي الجبهة الشعبية لتحرير تيغراي، بجانب سقوط مئات الجرحي والمصابين مع إستمرار الصراع في الولاية الواقعة في أقصى شمال البلاد.
الشاهد في الأمر أن الحروب دوماً تُخلِّف العديد من الآثار السلبية في كافة المجالات،وأهم مُخلّفات هذه الحرب الحالية تعميق الخلافات القومية بين التيغراي وبقية المكونات في اثيوبيا خاصةً الأمهرا، حيث تم طرد التيغراي من بعض الأقاليم وأُنتزعت أراضيهم الزراعية، كما تم تجريدهم من العديد من مؤسسات الدولة الاثيوبية، فضلاً عن نزوح ولجوء المئات والالاف منهم الي دول مجاورة خاصة السودان.
وفي هذا الصدد كشفت معتمدية اللاجئين عن وجود حوالي (69) الف لاجئ أثيوبي بالسودان، فينا يضيف عبد الحفيظ محمد حليم مدير إسكان اللاجئين بالقضارف في حديثه لـ^المندرة نيوز^ أن الولاية بها معسكران هما (الطنيدبة و أم راكوبة)، حيث يوجد بمعسكر الطنيدبة حوالي (21) الف لاجئ أثيوبي، فيما بلغ عددهم بمعسكر أم راكوبة (20.800)الف لاجئ، بينما وصل عددهم بمراكز الإستقبال والتسجيل الي (29)الف لاجئ في كلٍ من “حمدايت والمدينة 8”.
إتهام أرتريا
وبدوره إتهم دبرصيون جبرميكائيل زعيم الجبهة الشعبية لتحرير التيغراي جيش النظام الأرتري بأنه عبر الحدود الي داخل الأراضي الأثيوبية في إقليم التيغراي داعماً وموالياً للجيش الفيدرالي الأثيوبي من ناحية، ومن جهة أخري ملاحقة اللاجئين الارتريين بأثيوبيا من أجل مهاجمتهم والقبض عليهم، وأضاف بأنهم سيستمرون في القتال ضد هؤلاء الغزاة حتي النهاية.
وبحسب تقارير محلية تحصلت عليها ^المندرة نيوز^ عدد اللاجئين الارتريين وصل إلي أكثر من (100) الف لاجئ يُقيم سُوادهم في معسكرات (شملبا، ماي عيني، عدي حريش، عدي حنساس، برحلي، وايسعيتا)، الأربعة الأولي منها موجودة في إقليم التيغراي مسرح العمليات يُحيط بها الرعب بسبب نيران الأطراف المتصارعة من جهة، ومن ناحية أخري بسبب سهولة تعقُّب النظام الارتري لمعارضيه في بلد يعيش مواطنيها أوضاعاً غير أمنه وتواجه مصير مجهول بسبب الحرب الدائرة فيها.
عداء شديد
وتوجد أخبار متداولة تفيد بأن الجيش الأثيوبي طلب من اللاجئين الارتريين المشاركة في الحرب ضد حكومة إقليم التيغراي، مما يضاعف المخاوف علي سلامتهم وامنهم علي حدٍ سواء، ومن المعروف أن هنالك عداء شديد بين أرتريا والجبهة الشعبية لتحرير التيغراي التي كانت تحكم اثيوبيا عندما نشبت الحرب بين البلدين خلال الفترة (1998_200م)
الخلاصة
الحديث عن النهايات يحتاج لمعلومات تفصيلية حول الأهداف العامة لكل طرف، وكيفية تعامل الحكومة الاثيوبية مع قوات التيغراي بعد الحسم العسكري، ولكن إذا طالت الحرب وصمد الإقليم فسيكون التفاوض بين الطرفين من خلال المبادرات الإقليمية والدولية هو الخيار المُتاح.