الخرطوم=^المندرة نيوز^
مؤتمر الحكم ..تجليات حق القوة و تواري قوة الحق
قد نمى إلى علمنا أن هناك تجهيزات تُجرى لعقد مؤتمر في الفترة من 24-28 أبريل الجاري وسيناقش المؤتمر حسب المعلومات مستويات الحكم وهياكلها، الحكم المحلي، والحدود و التقسيمات الجغرافية. وقد وردت إشارات بأن هنالك تصورات وضعت لإشراك الشعب السوداني…
و جاء التأكيد بأن المؤتمر سيجيب على سؤال ( كيف يحكم السودان؟) و لكن الإجابة على هذا السؤال تتطلب مشاركة واسعة من قبل الرأى العام السواني، لجهة أن بلورة نظام محدد وفرضه على الناس لن ينجح…وإلخ على حد تعبير الجهة المصرحة.
ومن هنا نحسب أن الأطراف قد بدأت بالقراءة الخاطئة و بسوء التقدير من جانب… و أستمرت أيضاً بسوء تقدير للمآلات الناهئية لذلك ستنتهي دون أن يتحقق أي شيء من الأهداف في تنفيذ بنود عملية السلام و إنزالها على أرض الواقع…وها هي الحرب قد إنتهت وتركت لنا عبراً أساسية ودروس مستفادة لنعتبر إن كان لنا أن نعتبر ومن تلك العبر أن إتخاذ القرارات المصيرية في قضايا الوطن الكبرى مع غياب السلطة المنتخبة و دور المؤسسات الشرعية لا يمكن أن تتخذ بواسطة مجموعات محدودة أو بواسطة أفراد في أغلب الأحوال و بالأخص في إطار فترة تسمى إنتقالية وهي محددة الأهداف والمعالم وإلا سيحدث خلالاً كبيراً في الحسابات و الأولويات فالأحسن لكم وللوطن أن تتوقفوا عن المغامرات بل يجب أن ترعوا عن الولوج في المناطق الحساسة دون الوفاق و التوافق فالأمر ليست أمر قوة وسلطة، بل أمر وطن يسع الجميع و بالتالي يتطلب التروي والتأني وفي التأنّي السّلامة وبالذات قبل إتخاذ القرار وخطوات التنفيذ، لأن القوة عندما تفارقها الحكمة فهي تبغي والبغي آفة القوة و الجهل بذلك أقصر الطرق التي تفضي إليه لتصبح أداة للظلم و العدوان والإحتراب فلا يمكن أن تعلو القوة على الحق فالحق أحق أن يكون فوق القوة وليس التواري خلف القوة.
فالسؤال المطروح، أهذا هو الوقت المناسب لمؤتمر الحكم وهل هي الأولوية الأولى الآن وبهذه الطريقة…
فإذا كان الأمر مجرد تجيير وتلوين و اصباغ لإتفاقية سلام جوبا وإيهام الناس بأن شيئاً ما من البنود و الجداول حسب المصفوفة قد نفذ، هذا شأن آخر ولكن لو كان الهدف والغاية مناقشة القضايا المطروحة والبحث عن إيجاد الحلول المثلى بالطرق العلمية و بالموضوعية…فالوقت غير مناسب وليس هذا هو المنهج والمدخل الصحيح لوضع الإطار الوطني الجامع لحلحلة المشاكل المعقدة فيا أيتها المنظومة الحاكمة إذا تماديتم في المضي قدماً دون اكتراث فستزيدون الطين بلة…وهذه البالونات المطاطية لن تستطيع حمل هذه الأحلام وإنما ستكون عبارة عن كروت مزايدات سياسية وستدور في مدار السرطان السياسي القديم المتجدد ولن تصل إلى فضاءات الطموحات والتطلعات والأمنيات المتمددة مع عزم الشعب السوداني الصابر الصامد كصمود الأجداد الأجلاء المُخلدون…
ولن تجدوا من يصطف معكم في هذا المؤتمر، بل بهذه الطريقة ستُرسِلون رسائل و إشارات سالبة وإذا قام المؤتمر رغم أنف الجميع ستواجه المخرجات و المقررات رفضاً قاطع وانتقادات واسعة ونجزم بأن البلاد ستشهد بسبب ذلك مجموعة من التوترات والاضطرابات المعقدة وستزيد من المخاطر والصعوبات، وقد تقود إلى اتجاهات ونتائج غير متوقعة و ربما تعجل بتقديم الاستقالات و تقصير عمر الفترة الإنتقالية…
إن واقع اليوم لم يأتي من فراغ وإنما هو نتاج للسياسات غير الرشيدة التي ظلت سائدة منذ الإستقلال واليوم نرى هذه السياسات والممارسات يتم إعادة إنتاجها وتشغيلها مرة أخرى رغم عدم جدواها لأنها فشلت في تحقيق العدالة بين أجزاء الوطن و شرائحه الإجتماعية في كل المجالات الحيوية… والمعلوم أن مثل هذه السياسات هي التي أفضت إلى المفارقات و الاختلالات في موازين العدالة على كل الأصعدة و أنتجت لغة التهميش والمهمشين وهل يعقل أن من ناضل ضد الظلم والتهميش يستخدم ذات المنهجية والأساليب على السواد الأعظم من الشعب السوداني والقوى والتنظيمات السياسية كافة ومكونات المجتمع ويضعهم في خانة المشاهدين المهمشين. ألا يمكن أن يدفع هكذا مؤتمر وسلوك إلى التفكير السلبي في الإتجاه المعاكس وربما نحو الإنقسام والتشرذم، إن هذه الممارسات الرعناء ستهدد كيان الوطن المتبقي بالتحلل إلى مكوناته الأولية بدلاً من الانصهار والتوحد ولسان حال الأوضاع يقول المصالحة الوطنية الشاملة قبل كل شيء لأنه المدخل الصحيح والعدالة الإنتقالية هي المخرج الآمن ثم تليها البرنامج الوطني وأخيراً المشروع الوطني الجامع حتى يستقيم أمر البلاد وتستقر الأوضاع السياسية والأمنية والإجتماعية و الإقتصادية لكي نتجنب الانزلاق نحو الفتن العظيمة ثم السقوط في الهاوية وما أدراك ما الهاوية…