الخرطوم=^المندرة نيوز^
حسب نصوص اتفاق السلام الموقع في جوبا 3 أكتوبر 2020 أصدر الدكتور عبد الله حمدوك رئيس الوزراء قراراً أمس بتعيين السيد مني أركو مناوي حاكماً لإقليم دارفور.. مستبقاً نتائج مؤتمر نظام الحكم الذي بدأ جلساته الأسبوع الماضي بقاعة الصداقة بالخرطوم لكن يستمر في الولايات تلمساً لرأي القاعدة الشعبية ثم يعود مرة أخرى للانعقاد في المركز للخروج بقرار يحدد نظام الحكم في السودان، ولائياً أم إقليمياً أم غير ذلك.
اتفاقية السلام بجوبا تمهل الحكومة ستة أشهر لعقد المؤتمر والوصول للنتائج، وإلا فإن دارفور تتحول إلى إقليم دون انتظار لمؤتمر نظام الحكم، وهو ما حدث الآن، وبعبارة أخرى فإن إعلان إقليم دارفور وتعيين مناوي حاكماً ما هو إلا ” شرط جزائي” لتأخر الحكومة في الفصل في نظام الحكم بعقد المؤتمر المخصص لذلك. ورغم ذلك فإن الالتزام بنصوص الاتفاقية أمر حميد.
لكن أرجو الانتباه للوجه الآخر من المسألة..
نفس هذا الاتفاق – اتفاق جوبا- يلزم الحكومة بتشكيل المجلس التشريعي من جملة ترتيبات أخرى لاستكمال هياكل الحكم، ولم يتشكل المجلس التشريعي في الموعد الذي حددته الوثيقة، وفي شهر يناير 2021 أصدر مجلس شركاء الحكم قراراً بتشكيل المجلس التشريعي في موعد أقصاه 25 فبراير 2021، وجاء الميعاد ولم يأتِ التشكيل، بل تجاوزه الزمن الآن بأكثر من شهرين.. فلماذا لا تحمل نصوص الاتفاقية أية “شروط جزائية” في حال عدم تشكيل المجلس التشريعي في موعده، كما هو الحال بالنسبة لقرار إعلان إقليم دارفور، الذي نصت الاتفاقية على أنه في حال لم يعقد مؤتمر نظام الحكم في ستة أشهر فإن إقليم دارفور يصبح أمراً مقضياً.
وجه المفارقة هنا في صاحب المصلحة، عندما يكون الساسة هم من ينتظرون الاستحقاق الذي يمنحهم المناصب فإنهم يحرصون على سد الثغرات و”تترييس” الاتفاق بشرط جزائي واضح المعالم، أما عندما يتعلق الأمر بالشعب والمطلوبات الدستورية لاستكمال حكم الشعب وترفيع سلطته فإن “الفورة مليون”.. أو “حبل المهلة يربط ويحل”.. فنفس هذا المجلس التشريعي نصت عليه الوثيقة الأصلية الأولى الموقعة في أغسطس 2019 وألزمت بتكوينه خلال شهر واحد. وتذرع الحكام (المدينون والعسكريون) بمفاوضات السلام في جوبا لتمط أجل هذا الالتزام، حتى وقع الاتفاق في 3 أكتوبر الماضي 2020، بنص واضح يلزم بتشكيل المجلس التشريعي، ولكن الأيام تمضي ولا أثر في الأفق ولا حتى تصريحات توضح متى يكتمل بدر مستويات الحكم في السودان بتشكيل البرلمان.
على كل حال.. هذا التلاعب بالمواثيق، والتغافل عن استكمال هياكل الحكم سيكون الثغرة التي تغرق سفينة الفترة الانتقالية المترنحة.