المندرة نيوز

من أسماء الله الحسنى- “الملك”

الخرطوم=^المندرة نيوز^

1 – ورودُ اسم (الملِك) في القرآن والسنة:
ورد هذا الاسم كثيراً في الكتاب والسنة، ففي القرآن الكريم في قوله تعالى: ” هُوَ اللَّهُ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْمَلِكُ الْقُدُّوسُ السَّلَامُ الْمُؤْمِنُ الْمُهَيْمِنُ الْعَزِيزُ الْجَبَّارُ الْمُتَكَبِّرُ ” [الحشر:23].
وفي صحيح مسلم عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ كَانَ إِذَا قَامَ إِلَى الصَّلَاةِ قَالَ: ” وَجَّهْتُ وَجْهِيَ لِلَّذِي فَطَرَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ حَنِيفًا، وَمَا أَنَا مِنْ الْمُشْرِكِينَ، إِنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ، لَا شَرِيكَ لَهُ، وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ، وَأَنَا مِنْ الْمُسْلِمِينَ، اللَّهُمَّ أَنْتَ الْمَلِكُ، لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ، أَنْتَ رَبِّي، وَأَنَا عَبْدُكَ… ” [أخرجه مسلم].
وفي صحيح مسلم أيضاً أن النبي صلى الله عليه وسلم يقول: ” يَنْزِلُ الله تعالى إِلى السماءِ الدُّنيا كُلَّ لَيلةٍ حين يَمضي ثُلُثُ الليلِ الأولُ فيقول: أَنَا الملكُ، أنا الملكُ، مَنْ ذَا الذي يدعوني فأستجيب له ” [أخرجه البخاري ومسلم].

2 – مِن لازمِ اسم (الملِك) نفاذُ أمرِه في مُلكِه:
(الملك) أمره نافذ في ملكه، قد يكون الإنسان مالكاً، وأمره ليس نافذاً في ملكه، أما (الملك) فأمْرُه نافذ في ملكه، لذلك في بعض الآثار القدسية: ” أنا مالك الملوك، وملك الملوك، قلوب الملوك بيدي، وإن العباد إذا أطاعوني حولت قلوب ملوكهم عليهم بالرأفة والرحمة، وإن العباد إذا عصوني حولت قلوبهم عليهم بالسخط والنقمة، فلا تشغلوا أنفسكم بالدعاء على الملوك وادعوا لهم بالصلاح فإن صلاحهم بصلاحكم ” [أخرجه الطبراني].

3 – لا ملِك حقيقةً إلا الله:
العلماء يؤكدون أنه لا ملِك إلا الله حقيقية، الذي يملك كل شيء خلقاً، وتصرفاً، ومصيراً، لكن هذا لا يمنع أن يسمى إنسان ملكاً، قال تعالى: ” وَرَاءَهُمْ مَلِكٌ يَأْخُذُ كُلَّ سَفِينَةٍ غَصْباً ” [الكهف:79] أما (الملِك) الحقيقي فهو الله الذي يملك كل شيء.
بشرح مفصل: كل شيء يُملَك يملكه الله، سمعُك بيده، وبصرك بيده، وقوتك بيده، ومَن حولك بيده، ومن فوقك بيده، ومن تحتك بيده، والتوفيق بيده، والنصر بيده، والحفظ بيده، وحينما توقن أنه لا إله إلا الله، وأنه (الملك) أمرُه نافذ في ملكه، تتجه إليه وحده.

4 – لابد للمسلم من التوجُّه للملِك الحقيقي:
دائماً وأبداً أضرب هذا المثل: لو أن لك معاملة لها أثر مصيري في حياتك، والمفوّض بالتوقيع على الموافقة رجل واحد في كل هذا البناء، والبناء من عشرة طوابق، فيه ألف موظف، الذي هو مفوّض بالموافقة على طلبك هو المدير العام، هل تبذل ماء وجهك لغير هذا المدير العام؟ مستحيل ! هل تتضعضع أمام موظف صغير؟ ما دام هذا الأمر بيد مدير العام، إذاً تتجه إليه وحده.
حينما تؤمن أن كل شؤونك بيد الله.
” وَإِلَيْهِ يُرْجَعُ الْأَمْرُ كُلُّهُ فَاعْبُدْهُ ” [هود:123].
متى أمرك أن تعبده؟ بعد أن طمأنك أن الأمر كله بيده، فحينما تؤمن أنه لا إله إلا الله، ولا معطي، ولا مانع، ولا خافض، ولا رافع، ولا معز، ولا مذل، ولا موفق ولا حافظ، ولا ناصر إلا الله، تتجه إليه.

المشكلة الأولى في حياة المسلمين أن توحيدهم ضعيف، فلما ضعف توحيدهم وقعوا فيما هم فيه، وما تعلمت العبيد أفضل من التوحيد.
أيها الإخوة، الله عز وجل ملكٌ مطلقاً، يملك كما قلت خلقاً، وتصرفاً، ومصيراً، وأنت كإنسان قد تملك شيئاً ولا تنتفع به، وقد تنتفع بشيء ولا تملكه، وقد تنتفع وتملك، لكن المصير ليس إليك، لك بيت تملكه رقبة، وتملك منفعته، أي تسكنه، لكن قد يأتي قرار تنظيمي للمدينة يؤخذ منك بأبخس الأثمان، فقد تملك ولا تنتفع، وقد تنتفع ولا تملك، وقد تنتفع وتملك، والمصير ليس إليك.
أما إذا قلنا: الله (الملك) يعني أن ملكه مطلق، خلقاً، تصرفاً، ومصيراً.

5 – من لوازم (الملِك) استغناءه عن المخلوقات:
معنى (الملك) أنه يستغني في ذاته، وصفاته، وأفعاله عن كل موجود، أما الإنسان فوجوده مرتبط بإمداد الله له، ففي أية لحظة يقطع الله عنه الإمداد يموت، فما هو الموت؟ الموت انقطاع المدد الإلهي، وفي أي لحظة يفقد الإنسان حياته، يكون شخصاً مهماً فيصبح خبراً، يكون ذا هيبة وسلطان فيصبح قصة، يكون شخصاً يركب طائرة فيعود بضاعة في نعش لها معاملات معقدة في التخليص.
فالله عز وجل ملِك حقيقي، لأنه يستغني عن كل موجود، ووجوده ذاتي، مِن هنا كان هناك عبد القهر، وجميع بني البشر عبيد لله عز وجل، بمعنى أنهم في قبضة الله، في أي لحظة تنتهي الحياة، لأتفه الأسباب، سكتة دماغية، سكتة قلبية، حادث طارئ، فهم عبيدُ قهرٍ، أما المؤمنون لأنهم عرفوا الله اختياراً، وأطاعوه اختياراً، وأحسنوا إلى خلقه اختياراً، وأقبلوا عليه اختياراً فهم عباد، جمع عبد الشكر، وعبد القهر جمعه عبيد.

قم بمشاركة الخبر علي
قم بمشاركة الخبر علي
تابعنا علي قناتنا في الواتساب