المندرة نيوز

د. عبدالعزيز الزبير باشا يكتب.. وطن و مؤسسات_ السودان أولا و أخيراً

الخرطوم=^المندرة نيوز^

تناقض المعارضة السودانية: دعوات لوقف الحرب بألسنةٍ… ونيران ميليشياها تحرق المستشفيات

في الوقت الذي ترفع فيه قوى المعارضة السودانية شعارات وقف الحرب و”ضرورة إنهاء معاناة الشعب السوداني”، لا تزال ميليشيا الدعم السريع المتمردة، وهي ذراعها العسكرية الفعلية، ترتكب انتهاكات جسيمة بحق المدنيين وتستهدف المرافق الحيوية التي يفترض أن تكون محمية بالقانون الدولي الإنساني.

أحدث هذه الجرائم ظهر في مدينة الأبيض، حيث وثّقت الصور المروعة الأضرار التي لحقت بمستشفى الضمان، بعد قصف مباشر شنته ميليشيا الدعم السريع المتمردة. لم يكن المستشفى مجرد مبنى، بل كان ملاذًا للمرضى والمصابين والنازحين، الذين ظنوا أن الجدران البيضاء ورايات “ الحياد الطبي” ستحميهم من ويلات الحرب. لكن يبدو أن “ الحياد ” لم يعد له مكان في قاموس المليشيا التي تمارس الإرهاب بغطاء سياسي ناعم تصنعه المعارضة في بياناتها وتصريحاتها الإعلامية….

ما يزيد من فداحة الجريمة، أنها لم تأتِ في سياق اشتباك عسكري، بل ضمن سياسة ممنهجة لاستهداف البنية التحتية المدنية، وتحديدًا أماكن تواجد أكبر عدد من النازحين و المهجرين قسريا و قهريا والمستضعفين. ففي الصور الموثقة، يمكن رؤية الدمار الذي طال غرف الانتظار، والأسقف المنهارة، والمعدات الطبية المحطمة، ما يبرهن أن الهدف لم يكن عسكريًا بأي حال، بل هو إيصال رسالة رعب وترويع….

هذا الهجوم يأتي ضمن سلسلة اعتداءات مشابهة شملت مدارس ومراكز إيواء ومرافق طبية أخرى في مناطق مختلفة من السودان، وهو ما يثير تساؤلات حقيقية حول مدى التزام المعارضة، لا سيما ما يُسمى بـ” قوى الحرية والتغيير”، بما تطرحه من دعوات للحوار ووقف إطلاق النار…

كيف يمكن لقوة سياسية أن تدّعي السعي نحو السلام، بينما تتغاضى — بل وتتواطأ في صمت— عن أفعال ميليشيا تتبع لها عمليًا؟ أليس من المفترض أن تبدأ نية السلام بكفّ الأذى؟ كيف تصدق الشعوب أن من يقصف المستشفيات اليوم سيكون راعي الحوار غدًا؟

من الواضح أن هذا التناقض بين القول والفعل ليس عارضًا، بل يعكس استراتيجية مزدوجة: خطاب سياسي موجّه للمجتمع الدولي يروّج للمدنية و” الانتقال الديمقراطي”، مقابل سلوك عسكري على الأرض يكرّس الفوضى والترويع وفرض السيطرة بالقوة…

أمام هذا الواقع، لا بد من إعادة طرح السؤال الأساسي: من يقاتل من في السودان؟ ومن يقف حقًا مع الشعب، ومن يتخذ منه درعًا أو هدفًا؟

ما جرى في مستشفى الضمان بالأبيض ليس فقط جريمة حرب تستدعي المساءلة، بل هو فضيحة سياسية وأخلاقية للمعارضة التي ترفض حتى الآن إصدار أي إدانة واضحة لهذه الأفعال، وتستمر في الحديث عن “ حل سياسي” وكأنها ليست شريكًا في صناعة المأساة.

إن وقف الحرب يبدأ بكفّ يد المعتدي، لا بإلباسه ثوب الضحية.

قم بمشاركة الخبر علي
قم بمشاركة الخبر علي
تابعنا علي قناتنا في الواتساب