المندرة نيوز

الوارث.. من أسماء الله الحسنى

الخرطوم=^المندرة نيوز^
ورود اسم الوارث في القرآن الكريم مطلقاً ومعرفاً :
ورد هذا الاسم في القرآن الكريم على سبيل الإطلاق، أي من دون إضافة، والتعظيم معرفاً، كما في قوله تعالى: ” وَكَمْ أَهْلَكْنَا مِنْ قَرْيَةٍ بَطِرَتْ مَعِيشَتَهَا فَتِلْكَ مَسَاكِنُهُمْ لَمْ تُسْكَنْ مِنْ بَعْدِهِمْ إِلَّا قَلِيلاً وَكُنَّا نَحْنُ الْوَارِثِينَ ” [القصص:58].

وفي قوله تعالى: ” وَإِنَّا لَنَحْنُ نُحْيِي وَنُمِيتُ وَنَحْنُ الْوَارِثُونَ ” [الحجر:23].

وقد ورد هذا في دعاء سيدنا زكريا عليه وعلى نبينا أفضل الصلاة والسلام: ” وَزَكَرِيَّا إِذْ نَادَى رَبَّهُ رَبِّ لَا تَذَرْنِي فَرْداً وَأَنْتَ خَيْرُ الْوَارِثِينَ ” [الأنبياء:89].

الله عز وجل سمح لذاته العلية أن توازن مع مخلوقاته كي نعرف من هو الله :

أولاً سمح الله لذاته العلية أن يوازنها مع بعض مخلوقاته، فحينما قال الله عز وجل: ” فَتَبَارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ ” [المؤمنون:14].

هل من خالق غير الله؟ لكن سمّى الله هذا الإنسان الذي يصنع شيئاً، سماه خالقاً مجازاً، ووازنه مع ذاته العلية، كيف؟ يعني الإنسان يصنع كلية صناعية، حجم هذه الكلية كحجم هذه الطاولة، ولابدّ أن يستلقي الإنسان إلى جانبها ثماني ساعات، ولا تستطيع أن تصفي الدم تصفية كاملة، وتجري هذه العملية كل أسبوعين مرتين أو ثلاثة، ويدفع مبلغاً كبيراً، لو وازنت بين هذه الكلية الصناعية ذات الحجم الكبير، والنفقات الباهظة، وتضييع الوقت الطويل، ويبن كلية طبيعية أودعها الله في جسمك، لا صوت، ولا حركة، كأنك لا تعرف، تعمل بصمت، تصفي الدم تصفية تامة.

الموازنة بين خلق الله عز وجل وخلق الإنسان تبين عظمة الله عز وجل :

حينما قال الله عز وجل: ” فَتَبَارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ ” سمح لذاته العلية أن توازن مع مخلوقاته لبيان أن الله خلق كل شيء من لا شيء، وعلى غير مثال سابق، وأن الإنسان خلق شيئاً من كل شيء ولا على مثال سابق، هذه الموازنة تبين عظمة الله عز وجل.

في المستشفيات التي يجري بها عملية قلب مفتوح قلب صناعي، حجمه بحجم الخزانة، ولابدّ من أن توصل الشرايين بهذا القلب، ولو وازنته مع القلب الحقيقي، الذي يعمل بلا كلل، ولا ملل، وبلا صوت.

” هَذَا خَلْقُ اللَّهِ فَأَرُونِي مَاذَا خَلَقَ الَّذِينَ مِنْ دُونِهِ ” [لقمان:11] لو وازنت هذه العين التي ترى الأشياء بحجمها الحقيقي، بألوان دقيقة، العين البشرية تفرق بين ثمانية ملايين لون، وفي الميليمتر من شبكية العين مئة مليون مستقبل ضوئي، بينما في أعلى آلة تصوير رقمية احترافية، يوجد بالميليمتر عشرة آلاف مستقبل ضوئي، من عشرة آلاف إلى مئة مليون، فهذه الموازنة تبين عظمة الله عز وجل.

لو وازنت بين مجسم لامرأة في محلات بيع الأقمشة، وبين المرأة الحقيقية، من لحم ودم كم هي المسافة؟ لو وازنت بين وردة صنعت من البترول (البلاستيك) وبين وردة طبيعية ” فَتَبَارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ “.

بطولة الإنسان أن ينقل اهتماماته إلى الدار الآخرة.

قال الله عز وجل: ” وَهُوَ أَسْرَعُ الْحَاسِبِينَ ” [الأنعام:62] الآن ببعض الحواسيب الراقية جداً ليس هناك مسافة زمنية، بين إعطاء الأمر وتلقي النتيجة، فكيف بالذات العلية إذا حاسبت، كن فيكون، زل فيزول، وسمح لذاته العلية أن يوازن مع بعض مخلوقاته، قال: والله ” خَيْرُ الْوَارِثِينَ “.

شخص في هذه البلدة الطيبة توفي أحد أقربائه وترك ألف مليون، نصيبه وحده 90 مليوناً، أغلق محله التجاري، وتابع الإجراءات القانونية لأخذ هذا المبلغ كي يقيم المشروعات، ويشتري البيت الفخم، والمركبة الفارهة، ستة أشهر ما دخل محله التجاري وهو يتابع هذه المعاملات، ووافته المنية بعد ستة أشهر ولم يقبض من هذا الإرث شيئاً والله ” خَيْرُ الْوَارِثِينَ “.

” نَرِثُ الْأَرْضَ وَمَنْ عَلَيْهَا ” [مريم:40].

” كَمْ تَرَكُوا مِنْ جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ ” [الدخان:25].

فالإنسان لما يضع كل أهدافه في الدنيا يكون مقامراً ومغامراً، لأنه قد ينال الدكتوراة ولا ينتفع بها، والله عشرات الأشخاص الذين أنفقوا في كسوة بيوتهم سنتين متتاليتين ولم يسكن هذا البيت.

في بعض الأبنية سبعة طوابق في أرقى الأحياء ، وفي أعلى أسعار البيوت سبعة طوابق في بناء واحد لم تسكن إطلاقاً، اشتُريت، وزُينت، ولما انتهت وافت المنية أصحابها قبل أن يسكنوها، هو ” خَيْرُ الْوَارِثِينَ “.

البطولة أن تنقل اهتماماتك إلى الدار الآخرة، البطولة أن تقدم على الله، ولك عمل صالح تلقى الله به، البطولة أن تعمر بيتك في الدار الآخرة لا أن تعمر بيتك في الدنيا.

العاقل من أعدّ لساعة مغادرة الدنيا العدة اللازمة: أيها الأخوة: ” وَكَمْ أَهْلَكْنَا مِنْ قَرْيَةٍ بَطِرَتْ مَعِيشَتَهَا فَتِلْكَ مَسَاكِنُهُمْ لَمْ تُسْكَنْ مِنْ بَعْدِهِمْ إِلَّا قَلِيلاً وَكُنَّا نَحْنُ الْوَارِثِينَ ” [القصص:58].

أحياناً من الواجبات الاجتماعية أن تقدم التعزية لقريب وافته المنية، أحياناً يكون بيت هذا القريب في أرقى أحياء دمشق، وثمنه فلكي، يعني مئة مليون، وأنا أؤدي واجب التعزية أسأل: من اختار هذا البلاط؟ صاحب البيت، أين هو الآن؟ من اختار هذه المناظر الرائعة؟ صاحب البيت، من اختار هذه الثريات؟ صاحب البيت، من اختار هذا الفرش؟ صاحب البيت، أين هو صاحب البيت؟ تحت أطباق الثرى، فالبطولة أن تعد لبيت في الآخرة.

قم بمشاركة الخبر علي
قم بمشاركة الخبر علي
تابعنا علي قناتنا في الواتساب