الخرطوم=^المندرة نيوز^
اسم (المنان) لم يرد في القرآن الكريم، ولكنه ورد في السنة المطهرة، مراداً به العلمية، ودالاً على كمال الوصفية، كما تعودنا في أسماءه الحسنى الثابتة، وقد ورد هذا الاسم في سنن أبي داود، من حديث أنس رضي الله عنه، أنه كان مع رسول الله صلى الله عليه وسلم رجل يصلي، ثم دعا، فقال هذا الرجل: ” اللَّهمَّ إني أَسأَلُكَ بِأنَّ لَكَ الحمدَ، لا إِلهَ إِلا أنْتَ، المَنَّانُ، بَديعُ السَّمَواتِ والأرضِ، ذو الجَلالِ والإِكْرَامِ، يا حَيُّ يا قَيُّومُ، فقال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم لأصحَابِهِ: أتَدرونَ بمَ دَعَا؟ قالوا: اللهُ ورسولُهُ أعلم، قال: والذي نفسي بيده، لَقَدْ دَعا الله باسمه الأعظم، الذي إِذَا دُعِيَ به أَجَابَ، وإِذَا سُئِلَ بِهِ أعْطَى ” [أبو داود].
اسم الله الأعظم :
هذا النص النبوي الشريف الصحيح ينقلنا إلى اسم الله الأعظم، اسم الله الأعظم إذا دعوت به أجابك، وإذا سألت به أعطاك.
وقد اختلف العلماء حول اسم الله الأعظم، بعضهم قال: الرحمن، بعضهم قال: الرب، وفي هذا الحديث اسم الله الأعظم (المنان).
وهناك من العلماء من يجتهد في أن اسم الله الأعظم هو الذي أنت بحاجة إليه، فإذا كان العبد مريضاً فاسم الله الأعظم هو الشافي، وإذا كان العبد فقيراً فاسم الله الأعظم هو الرزاق، وإذا كان العبد مقهوراً فاسم الله الأعظم المنتقم، وإذا كان العبد ضعيفاً فاسم الله الأعظم هو القوي، أسماء الله كلها حسنى، وصفاته كلها فضلى، والله عز وجل يقول: ” وَلِلَّهِ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا ” [الأعراف:180].
معاني قوله تعالى ” وَلِلَّهِ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا “:
لهذه الآية معان كثيرة، من معاني هذه الآية لن تستطيع أن تدعو الله إلا إذا توسلت إليه بكمال مشتق منه، تريد أن يجيبك الرحيم؟ كن رحيماً، تريد أن يستجيب لك؟ كن عادلاً، تريد أن تلبى دعوتك؟ كن منصفاً: ” وَلِلَّهِ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا “.
معنى آخر لهذه الآية: أنت بحسب حالك اختر من أسماء الله الحسنى الاسم المناسب، فقد تكون متطلعاً إلى الشفاء، قل: يا شافٍ، يا عظيم، قد تكون متطلعاً إلى النصرة قل: يا ناصر، يا رب انصرني، انصر دينك يا رب.
فلذلك اسم الله الأعظم موضوع خلافي، المتفق عليه أن اسم الله الأعظم إذا دعوت به أجابك، وإذا سألت به أعطاك.
معنى (المنان) في اللغة :
القطع: (المنان) في اللغة صيغة مبالغة، مِن الفعل منّ يمُن مَناً، معنى منّ، يمن، مناً: أي قطع يقطع، قطع الشيء، وذهب به، معنى ذلك أنه منّ.
شيء آخر، منّ عليه، أي أحسن وأنعم عليه.
” وَإِنَّ لَكَ لَأَجْراً غَيْرَ مَمْنُونٍ ” [القلم:3] أي غير محسوب، أو غير مقطوع، أو غير منقوص، هناك معان دقيقة لمنّ منّ، يمن، مناً، اسم المبالغة (المنان) على وزن فعّال، كأن تقول: غفّار.
” وَإِنِّي لَغَفَّارٌ لِمَنْ تَابَ وَآَمَنَ وَعَمِلَ صَالِحاً ” [طه:82].
إن اسم الله إذا جاء بصيغة المبالغة فيعني مبالغة في الكمّ، أو في النوع، فالله عز وجل إذا قلت: يا غفار، فإنه يغفر أكبر ذنب تتصوره، وإذا قلت: يا غفار فيغفر مليون ذنب، والصلح مع الله يتم بلمحة واحدة، والدنيا ساعة فاجعلها طاعة، والصلح سريع.
بعض العلماء قال: المنة ؛ النعمة الثقيلة.
فالمن النعمة الثقيلة، ولا تكون حقيقة إلا لله عز وجل، لأن الله سبحانه وتعالى منحك نعمة الإيجاد، أوجدك، ولم تكن شيئاً مذكورا، منحك نعمة الإمداد، منحك نعمة الهدى والرشاد، فالنعم العظيمة، النعم الجليلة، هي نعم الله عز وجل.
المنن والنعم الثقيلة لا تصح حقيقة إلا لله.
لذلك المنن ؛ النعم الثقيلة، لا تصح حقيقة إلا بنعم الله، وأكبر نعمة يمكن أن تصل إليها نعمة الهدى، لأن المال عرض حاضر، يتوقف القلب فتصبح كل أموالك المنقولة وغير المنقولة للورثة، في ثانية كان إنسان ملء السمع والبصر فأصبح خبراً على الجدران، يقال فيه: رحمة الله عليه، كان إنسانا فصار جثة، وأحيانا يسافر الإنسان راكبا فيرجع بضاعة في صندوق، لها معاملة، وتخليص، وتقرير، كان إنسانًا فصار خبرًا، فلذلك لا يليق بكرم الله أن يكون عطاءه منقطعاً، والدنيا دار انقطاع، لذلك الموت ينهي غنى الغني، ينهي فقر الفقير، ينهي قوة القوي، ينهي ضعف الضعيف، ينهي وسامة الوسيم، ينهي دمامة الدميم، ينهي صحة الصحيح، ينهب مرض المريض.