معادلة الأمن والإستقرار السياسي في السودان خلال الفترة الإنتقالية
د.عبد الناصر سلم
الخرطوم=^المندرة نيوز^
يعتبر الجيش السوداني والأجهزة النظامية المختلفة الدعم السريع وجهاز المخابرات والشرطة أحد ممسكات الوحدة الوطنية السودانية ومن يقول بغير ذلك فهو مكابر أن لم نحكم علية بعدم الوطنية فالقوات المسلحة السودانية التي تستند علي أرث عظيم من البطوﻻت الخالدة، و ترتكز ايضا علي تاريخ عسكري و تاريخ جندية وتقاليد حربية وقتالية قديمة اضيفت لها مؤخراً قوات الدعم السريع التي اثبتت كفاءتها في كل الميادين بجانب جهاز المخابرات الذي اصبحت لدية خبرات كبيرة فضلاً عن الشرطة الموحدة التي اثبتت كفاءتها في مهامها المختلفة خدمة للمواطنين بجانب كفاءتها في العمل العسكري من خلال مشاركتها في مناطق العمليات ابان اشتداد وطأة التمرد في كردفان ودارفور.
مؤسسة عسكرية بكل هذا الميراث البازخ و تاريخ الفخر والبطوﻻت يجب أن تحترم وتوضع في مكانها الصحيح ماقادنا لهذا الحديث هو ماظل يتعرض له الجيش وقوات الدعم السريع من هجوم غير مبرر وغير منطقي في ان واحد خلال الفترة الاخيرة حيث تمور الساحة السياسية في السودان هذه الأيام بتحريض جدي وعلني ضدها كمؤسسة عريقة لها تقاليدها ونظمها الصارمة
المتتبع لتاريخ السودان الحديث، يجد أن البلاد عاشت تحت أنظمة عسكرية أطول بكثير مما عاشه في ظل حكومات مدنية منتخبة إذ لم يهنأ السودان بحكومة مدنية أكثر من عامين أو ثلاثة فغالبًا ما تنتهي تلك الحقبة المدنية المؤقتة باضطرابات، ونزاعات سياسية تؤدي إلى عدم استقرار، وتدهور اقتصادي، يستدعي تدخل الجيش، وكأن تلك الحقب المدنية كانت بمثابة درس من المؤسسة العسكرية للشعب وقطاعاته المدنية بأنهم مقصرين بعض الشئ في إدارة أنفسهم، وقاصرون عن مواجهة التحديات، ومفتقرون للعديد من الادوات في إدارة البلاد وفي نفس الوقت دائما ما تستاثر المؤسسة العسكرية بالحكم لسنوات طويلة كما حدث في تجربة النميري” 16″ عام والبشير “30” عام اذا الديمقراطية في السودان تواجهها تحديات كبيرة لذلك يجب على كافة السودانيين التوحد من أجل تجاوز تلك التحديات واعتقد ان هذا هو الوقت المناسب لكتابة التاريخ بنهاية الفترة الانتقالية الحالية حيث لازالت جذوة الثورة مشتعلة في نفوس الشباب.
ولكن السؤال هل سنصل إلى بر الأمان بنهاية الفترة الإنتقالية ونحن اكثر وحدة وتماسكا البعض لازال يقلل من دور المؤسسات الأمنية خلال الفترة الإنتقالية وحتي عندما يحين موعد الإنتخابات من الذي سيحمي العملية الديمقراطية اليست هي الأجهزة الأمنية المفترى عليها كيف ستقوم انتخابات بدون سلام؟ ودخول الحركات المسلحة للبلاد وتحولها إلى أحزاب سياسية؟ كيف ستقوم انتخابات من دون تأمين الحدود بواسطة الجيش وقوات الدعم السريع؟ كيف ستقوم إنتخابات والسلاح لازال منتشر ؟ كيف ستقوم إنتخابات ولازال الصراع القبلي ينفجر بين الحين والاخر ؟ كيف تقوم انتخابات والوضع السياسي والأمني والاقتصادي بهذة “الميوعة ” ؟ هذا الكم من الاسئلة يستطيع الجيش والدعم السريع والشرطة الاجابة عليه اذا ماتوفرت لهم عوامل الاستقرار.
السؤال الآخر هل الاحزاب السياسية الموجودة في الساحة لديها المقدرة الكاملة لإدارة الأزمة السودانية بالتأكيد لن تستطيع هنالك الكثيرمن المخاوف التي تحيط بالبلاد إن ما يعزز المخاوف من مصير مظلم للبلاد هو هشاشة الاقتصاد وتآكل النسيج الاجتماعي وضعف الاحزاب والقوى السياسية فضلا عن التدخل السافر في شأن الجيش والهجوم علي قوات الدعم السريع.
لانتمني أن نتراجع إلى الوراء ومازكرناه هو من باب العظة والعبرة لنستفيد من الواقع الذي حولنا كما نجحت الثورة بسلميتها في ازاحة البشير عكس ماكان يروج البعض نريد ايضا بتكاتف السودانيين ان نتجاوز كافة العقبات والتكهنات بمصير مغاير لمن سبقونا فالسودان دائما صاحب المبادرة والريادة بشبابة الواعي وعقولة النيرة نريد ان تعود نغمة جيش واحد شعب واحد كنموزج لحالة الرضاء تجاة المؤسسة العسكرية بعد ان اصاب الفتور العلاقة بين الطرفين خلال حقية الثورة نتيجة لنشر الاشعات والقيل والقال نعلم ان الفجوة ليست كبيرة فالشعب قريب من الجيش لكن نريد ان تعود العلاقة لسابق عهدها ليست هنالك أمة قوية بدون جيش وقوات نظامية قوية فاي اضعاف للجيش والدعم السريع والأمن يعني إضعاف لدولة السودان بكل ماتحملة من معني باحزابها ومؤسساتها وشعبها .
الاحزاب السياسية السودانية معظمها أن لم نقل كلها تعاني من ضعف شديد في تكوينها وبرامجها بل حتي جماهيرتها التي تفرقت بين الاحزاب المسجلة في البلاد والتي تجاوزت ال”95″ حزبا مسجلة لدي مسجل الاحزاب السياسية هنالك احزاب تقليدية ظلت تدار بواسطة اشخاص لسنوات .
وهنالك احزاب ليس لديها قواعد جماهيرية كبيرة وهذا طبعا ليس عيب ولكن المشكلة في ان هذه الاحزاب ايضا لاتعقد مؤتمرات عامة تحدد فيها كيفية الحكم داخلها عموما نجد ان داء الانقسام وأمبياء الانشطاراصابت عدد من اما بالنسبة للإسلاميين بشقيهم” الشعبي والوطني ” وغيرهم فأن تجربة الثلاثين عاما الماضية جعلت الشارع السوداني يرفضهم تماما نسبة للفساد الكبير الذي صاحب التجربة فالشارع السوداني لم يرفض الأسلام بل رفض الإسلاميين الذين طبقوا أسواء تجربة في التاريخ للاسلام السياسي حيث جاءت ثورة ديسمبر نتيجة للظلم الذي وقع خلال حقبة الثلاثين عاما الماضية وأكبر دليل على فشل الاحزاب هو مكوث الإنقاذ في الحكم طوال هذة المدة وحتي عندما اندلعت ثورة سبتمبر 2013 وظن الجميع أن الانقاذ انتهت فشلت الاحزاب في قيادة الشارع والجميع يزكر ماقالة أحد قيادات احزاب اليسار خلال احداث سبتمبر 2013 لإحدي القنوات العربية بانهم الآن في طريقهم لاسقاط النظام فسألتة المذيعة اين انت الآن بالضبط فاجابها في المنزل فضحكت وقالت تريد أن تسقط نظام البشير وأنت في المنزل.
والآن في ثورة ديسمبر الاخيرة التي اسقطت نظام البشير كان لتجمع المهنيين كمنظمة مجتمع مدني دور كبير في تنظيم الحراك باصدار جداول المظاهرات التي اسقطت البشير في أبريل 2019 قد يقول قائل أن تجمع المهنيين كان يقف وراءه حزب محدد ونحن نقول حتي لو كان ذلك صحيحا كان الشباب سيتخلوا عن التجمع بمجرد ان يعرفوا أن وراءه حزب فالجيل الحالي لدية حساسية وعدم ثقة ضد الاحزاب السياسية ومعظم الشباب الثوري ليست لهم أحزاب سياسية وغير منظمين وحتي قوى الحرية والتغيير التي تضم كتل واحزاب ليست على قلب رجل واحد تحسبهم جميعا وقلوبهم شتي وهذا وضح جليا منذ الاسبوع الأول عقب إسقاط النظام حيث برزت الخلافات على السطح ولازالت مستمرة حتي كتابة هذا المقال فالتحالف كان مرحليا انتهي بسقوط البشير واصبح بعدة مجرد تحالف على الورق فقط .
بعد كل مازكرنا الوضع السياسي والأمني في السودان الآن يمكن أن نطلق علية صفة “هش جدا” اولاً الاوضاع الاقتصادية في تدهور مستمر وتدحرج نحو الهاوية والشارع عاد ليحتج من جديد لايكاد يمر يوم والاء هنالك وقفة إحتجاجية في الخرطوم لهئية او مؤسسة خاصة او عامة فضلا عن المظاهرات التي تندلع من وقت لإخر من الثوار انفسهم بحجج مختلفة وهنالك مسيرات الزحف الاخضر للإسلاميين الشارع يمور بالاحداث والجميع منشغل بالشأن الداخلي ولااحد يعلم ماذا يمكن أن يحدث علي الحدود السودانية الكبيرة في دولة تجاور عدد من الدول الغير مستقرة سياسيا وأمنيا واقتصاديا في حدود تصعب مراقبتها وهنا مكمن الخطر فالجماعات الاسلامية المتطرفة تتربص بالوضع وخير دليل على ذلك الجماعات المتفلتة من عناصر بوكو حرامم الذين تم القبض عليهم مؤخرا بواسطة قوات الدعم السريع في الحدود الغربية في الجنينة بولاية غرب دارفور الحدود مع دولة تشاد وايضا ضبط الجهات الأمنية احدي المجموعات التي تصنع المتفجرات في قلب الخرطوم ولولا لطف الله تعالي ماكان أحد سيدرك العواقب التي يمكن ان تنجم عن المخطط الذي احبطتة القوات الأمنية وغيرها من ضبطيات الاسلحة المختلفة فضلا عن الاطماع الخارجية الآخري على البحر الأحمر وحدود الجنوب ومشاكل الحدود مع الجارة مصروإثيوبيا اذا الوضع في السودان مهدد باخطار محدقة تتطلب التكاتف والتعاون مع بعض كما اتفقت الاحزاب السياسية ووقعت على إعلان الحرية والتغيير يجب ان تتفق مرة اخري على ضرورة التعاون فيما بينها من جهة والتعاون فيما بينها والمكون العسكري في المجلس السيادي من جهة اخري لضمان استمرار الفترة الانتقالية والعبور لبر الأمان لايمكن أن نسمع في هذا التوقيت الحساس اصوات تنادي بإبعاد العسكر من الفترة الانتقالية وعدم سماع صوتهم فمن يحمي السودان من كل هذة الاخطار اذا كانت الحكومة الحالية بمكونها العسكري والمدني تواجه تحديات داخلية وخارجية فكيف اذا حدثت انقسامات في الحكومة او الشارع من المؤكد أن هذا الامر سيؤثر سلبا على الاوضاع في البلاد لذلك نتطلع لمؤسسة أمنية متماسكة وقوية .