من ينقذ اتفاقية جوبا للسلام
د. عبد الناصر سلم/ كبير الباحثين فوكس للدراسات، السويد.
الخرطوم=^المندرة نيوز^
منذ التوقيع علي اتفاقية جوبا للسلام لكل متابع لهذا الملف يجد ان ثمة تأخير كبير قد اعترى هذا الملف.
في الأيام الماضية كانت هناك حالة من (السخط والتململ ) وسط قيادات الحركات التي وقعت علي الاتفاقية وخرجت كثر من التصريحات تنتقد البطء الذى لازم تنفيذ الاتفاق .
إن مايرفع حاجب الدهشة أن بنود الاتفاقية واضحة المعالم ،وبها تواريخ محددة للتطبيق لاسيما محور الترتيبات الأمنية فعلاما التأخير ؟؟.
إن فاتورة الحرب أقعدت التنمية ليس في الولايات التى شهدت الحرب من قبل وانما في كافة ولايات السودان ، كما أسهمت في خلق صورة سالبة لدي المجتمع الدولي والمستوي الخارجي بشكل عام ، وبالتالي علي الأحزاب السياسية السودانية ومنظمات المجتمع المدني الدفع باتفاقية جوبا للامام حتي تصبح وأقعا معاشا .
ان العودة الى مربع الحرب تعني أن السودان مثلما اقعد من اللحاق بركب التنمية والاستقرار منذ الاستقلال وحتي الان سيشهد حقبة جديدة عنوانها الدماء ، والتخلف علي مستوي الاستقرار والتنمية ،والمزيد من القرارات الأممية السالبة تجاه السودان .
كنت أأمل في تستثمر الحكومة أجواء المرحلة الجديدة وحالات الفرح التى عمت في أرجاء دارفور ،والنيل الأزرق ،وجنوب كردفان فرحا بالسلام الذى تحقق وصيحات الاهالي التى ناشدوا من خلالها عبد العزيز الحلو ،وعبد الواحد محمد نور للحاق بركب السلام .
كيف ننتقل الي مرحلة جديدة ونحن لم ننزل بنود اتفاقية جوبا الى أرض الواقع ؟. كيف يمكن التأسيس لمرحلة مابعد الفترة الانتقالية واتفاقية جوبا لم تراوح مكانها ؟؟.
أمر مؤسف حثاً أننا لم نتعلم من دروس الماضي رغم الفرص الموجودة ، أتاثر كثيراً كما أتعجب كذلك حينما تشكو حركة من الحركات الموقعة علي السلام وهي تناشد من أجل تطبيق محور الترتيبات الأمنية .
ان قضية السلام ينبغي أن تحتل الصدارة في سلم أولويات الفترة الحالية ،كيف نتطلع الي سلام شامل يستوعب (عبد الواحد والحلو ) ونحن لم ننجح فيما قمنا بتوقيعه في جوبا؟ كيف نتوقع دعم المجتمع الدولي ورحم الغيب يحمل الكثير من المجهول جراء الملمة الموجودة الان في صفوف قادة حركات الكفاح المسلح وعضويتهم من الضباط وضباط الصف والجنود .
ان الاحزاب السياسية السودانية ينبغي أن تشكل الدعم والسند لتقدم هذا الملف ،حتي لانشهد صفحة سوداء في تاريخ السودان من خلال مطالبة بعض الاقاليم بالمناداة للحكم الذاتي ،أو أن يحدث سناريو فصل الجنوب لاقدر الله لاقاليم أخري .
يظل السلام اسم من اسماء الله ،والقضية المركزية للسودان ،فدونه سنظل في دائرة فارغة تحمل الكثير من الاسئ ،والفشل ،والعجز .
فالنحافظ علي ماتبقي من سوداننا ، للنطلق الى آفاق جديدة ،أنظروا الي الدول التى لازالت تشهد الحروب في اطرافها هل نعمت بالاستقرار ؟ هل تقدمت في أي مجال من المجالات ،مالكم كيف تحكمون !!.
صحيح أن الاتفاقية في جانب من جوانبها تحتاج الي تمويل ،لتدخل حيز التنفيذ ، لكن بالمقابل مالذى بذلناه حتي الان في تطبيق البنود الاخري ،كان يمكن تسخير ماتبقي من أموال في اتفاقية الدوحة لدعم مسار جوبا ،وقد اكدت دولة قطر مشكورة دعمها من جديد ورعايتها لملف السلام ولكن مالذى حدث !!!
إن التأخير الذى إعتري تنفيذ اتفاقية جوبا يعد مؤشراً خطيراً لمايمكن ان تسفر عنه مستقبل الأيام فاذا كانت القوات المسلحة قد اخرجت بيانا خلال اليومين الماضيين جاء فيه ( لا مصلحة للقوات المسلحة واستخباراتها في تشظي شركاء السلام وتأخير اندماجها في جيش البلاد، بل هو أكثر المؤسسات رغبة في تنفيذ هذا الملف لمردوده الإيجابي على سير العملية السلمية ) إذن فمن الذى يعيق انزال السلام الي أرض الواقع !!!.
مما يؤسف له أن التاخير الذى يواجه اتفاقية جوبا ينعكس سلبا علي كافة الاوضاع العامة بالبلاد سياسيا واقتصاديا وربما اجتماعيا فهل ندارك اخطاء المرحلة السابقة ونشهد مرحلة جديدة في هذا الملف ،خصوصا وان جوبا الان تشهد مرحلة اخري من التفاوض .