المندرة نيوز

قلم عبدالعزيز الزبير باشا يدون.. خذوهم بالصوت… فلن يُفرض علينا دايتون جديد! ردٌ على الجزء الثاني من مقال “دايتون السودان” لعادل الباز

الخرطوم=^المندرة نيوز^
في الجزء الثاني من مقاله “دايتون السودان”، واصل الأستاذ عادل الباز رسم سيناريو خطير يتم التحضير له خلف الكواليس، تسوية دولية “مفروضة” على السودان على طريقة دايتون البوسنة، ولكن بنكهة “ترامبية” قائمة على الصفقات السريعة لا التفاوضات الحقيقية، وبمشاركة سداسية هجينة ما زالت مختلف مكوناتها غير متوافقة حتى اللحظة. ورغم دقة بعض معطيات المقال، إلا أن المنهج التحليلي نفسه يستبطن شيئًا من “اللا حول ولا قوة”، وكأن قدر السودان أن يُقاد نحو الطاولة مكبلًا، ليوقّع مجددًا على أوراق صُمّمت في الخارج، بلغة الأمر الواقع.

اسمحوا لي أن أختلف. لا “دايتون” سيُفرض، ولا تسوية على المقاس الأمريكي-الإماراتي ستتمرّر، ما دام في السودان رجال ما زالوا يحملون البنادق من أجل الكرامة، وعقولًا ما زالت تؤمن بأن الوطن لا يُؤخذ بخداع، ولا يُباع بمؤتمرات مزخرفة.

من البوسنة إلى بورتسودان… التاريخ لا يعيد نفسه بنفس الشكل

من الخطأ الجسيم مقارنة السودان بالبوسنة. فهناك، كان الصرب والبوشناق والكروات يتقاسمون دماءً وجرائم متبادلة، أما هنا، فلدينا جيش وطني وملايين السودانيين الذين التفوا حوله لمواجهة مليشيا مرتزقة زرعتها أبوظبي لتهديم السودان، تمويلًا وتسليحًا وتخطيطًا.
السودان ليس “دولة فاشلة” كما تحب بعض المراكز الغربية أن تصفه، بل دولة تتعرض لغزو مموّل إقليميًا، بمليشيا مختطفة للمدن والقرى، ترتكب المجازر وتمارس التطهير العرقي، في ظل صمت دولي مشبوه، بل وتواطؤ بعض “الشركاء”.

وإذا كان البعض يراهن على صفقة وقف إطلاق نار تُنقذ المليشيا من الهزيمة الحتمية، فإن منطق الميدان يقول شيئًا آخر: الجيش يتقدّم، وتحالف الكرامة يتسع، والناس أفاقت، ولن تقبل بإعادة تدوير المجرمين مهما كانت الضغوط.
“صفقات لا مفاوضات”: هذا المنطق لا يصلح مع من يدافع عن أرضه
نعم، إدارة ترامب تميل إلى فرض الصفقات، لكن السودان ليس الخليج، ولا طالبان. لا يمكن هندسة تسوية سريعة على الطريقة “الإبراهيمية” أو “الدوحية”، لأن السودان اليوم ليس في وضع استسلام، بل في حالة مقاومة شعبية مسلحة، ضد مشروع إقليمي خبيث.
كل محاولة لإدخال ميليشيا الدعم السريع في أي اتفاق ستُفجِّر الداخل، ليس فقط رفضًا لها سياسيًا، بل لأن الواقع الميداني يلفظ مثل هذا الطرح. كيف يعاد دمج قادة الإبادة؟ هل نعيد الهلال الأحمر الإماراتي ليبني لهم قصورًا جديدة بعد أن دمّروا الخرطوم ونيالا وزالنجي وكتم؟!

ثم من يضمن أصلاً أن تتوقف هذه المليشيا عن القتل؟! لا اتفاق ولا بعثات حفظ سلام ولا تهديدات دولية أوقفتهم حتى الآن، فهل يُعقل أن نُسلّمهم عفوًا ما لم يقدروا على انتزاعه بالسلاح؟
صندوق إعادة الإعمار؟ نعم، ولكن بشروطنا لا بشروطهم

أصاب الكاتب حين طالب بربط أي اتفاق بصندوق حقيقي لإعادة الإعمار، ولكن السؤال: من يدفع؟ ولماذا يدفع؟ وهل يُعقل أن يعود الدعم السريع إلى المشهد، ثم تتكفّل “الضحايا” بإعادة الإعمار دون محاسبة الجناة أو من مولهم؟

أي أموال لن تدخل إلا إذا كان هناك مشروع وطني نقي، من دون مرتزقة ولا وصاية. من دمّر السودان هي الإمارات، ومن حرّض المليشيا معروف بالاسم، وعلى المجتمع الدولي أن يواجه هذه الحقائق بدلًا من تغليفها بالمصطلحات الإنسانية.

الخاتمة: لا دايتون ولا وصاية… المعركة مستمرة

لنكن واضحين:
• لا وقف إطلاق نار دون رفع الحصار عن الفاشر
• لا تسوية دون انسحاب فوري للمليشيا من باقي ربوع الوطن…
• لا مستقبل سياسي لأي تشكيل عسكري خارج القوات المسلحة السودانية…
• لا ثقة بأي وعد دولي لم يُرفق بضمانات مالية فورية…
• ولا تسامح مع فكرة تقسيم السودان عبر “شرعنة أمر واقع” فرضه المرتزقة

أما من ينتظرون من الخارج أن يفرضوا علينا تسوية على طريقة “دايتون السريعة”، نقول لهم: السودان ليس ورقة في مكاتب المبعوثين، ولا ضيعة ترسم خرائطها مراكز أبحاث أميركية.
السودان وطن، له رجال، وله شعب، وله دماء سالت… ولا يُفرّط فيها من أجل كرسي أو صورة تذكارية على منصة مؤتمر.

خذوا مؤتمراتكم حيث شئتم…
أما نحن، فـ”نأخذ الكتاب بقوة”…
ونكتب مستقبلنا، بيدنا، لا بأيدي الآخرين.

وطن ومؤسسات…
السودان أولاً وأخيرًا.

عبدالعزيز الزبير باشا
٢٢ يوليو ٢٠٢٥

قم بمشاركة الخبر علي
قم بمشاركة الخبر علي
تابعنا علي قناتنا في الواتساب