الخرطوم=^المندرة نيوز^
في تطور جديد يكشف عمق الانقسام داخل المعسكر الإقليمي المنخرط في الملف السوداني، كشفت مصادر دبلوماسية رفيعة تفاصيل مثيرة وراء تأجيل اجتماع رباعية السودان الذي كان مقررًا عقده هذا الأسبوع في العاصمة الأمريكية واشنطن، بمشاركة كل من الولايات المتحدة، السعودية، الإمارات، ومصر.
وبحسب المعلومات التي نشرتها وكالة فرانس برس وتأكدت عبر مصادر متطابقة، فإن الاجتماع الوزاري قد أُلغي في اللحظة الأخيرة نتيجة خلاف حاد بين القاهرة وأبوظبي بشأن صيغة البيان الختامي، وتحديدًا حول مستقبل الجيش السوداني ومليشيا الدعم السريع في أي تسوية سياسية قادمة.
وقال دبلوماسي عربي مطّلع إن الجانب الإماراتي أصرّ على إدراج بند يستبعد كليًا مشاركة الجيش والدعم السريع من المرحلة الانتقالية، وهو ما اعتبرته مصر “غير واقعي ويهدد وحدة السودان ومؤسساته الوطنية”. وأضاف المصدر أن الإمارات أدخلت التعديل قبل ساعات من إصدار البيان،
الموقف المصري، بحسب مصادر مطلعة، تمسك بصيغة تؤكد “ضرورة الحفاظ على مؤسسات الدولة”، في إشارة إلى دور الجيش باعتباره القوة النظامية الشرعية، الأمر الذي ترفضه أبوظبي ضمنيًا، بسبب دعمها السابق – وفق تقارير دولية – لمليشيا الدعم السريع.
وتؤكد معلومات دبلوماسية أن مسودة البيان الختامي التي صاغتها واشنطن كانت قد لقيت قبولًا مبدئيًا من جميع الأطراف، بما في ذلك الإمارات، قبل أن تخرج الأخيرة باعتراضات مفاجئة قلبت مسار المحادثات.
ويُنظر إلى هذا التباين بأنه أول انكشاف علني للخلاف بين مصر والإمارات بشأن السودان، رغم التحالف السياسي والعسكري الوثيق بينهما في ملفات إقليمية أخرى
لكنه يعكس، بحسب محللين، تفاوتًا في الرؤية: القاهرة تدعم بوضوح الجيش السوداني كضامن لوحدة البلاد، بينما تسعى أبوظبي لإعادة ترتيب الأوراق بما يخدم حلفاءها المحليين، وخاصة مليشيا الدعم السريع، المتهمة دوليًا بارتكاب فظائع في دارفور ومناطق أخرى.
وكان من المأمول أن يُشكّل اجتماع الرباعية اختراقًا سياسيًا في مسار الحرب السودانية، التي باتت تُصنّف بأنها إحدى أسوأ الأزمات الإنسانية في العالم، غير أن هذه الانقسامات الإقليمية أضعفت فرص الحل، وأظهرت هشاشة الجبهة الداعمة لمفاوضات السلام.
جدير بالذكر أن الأمم المتحدة سبق أن حذرت من أن استمرار الدعم الخارجي لبعض الأطراف يسهم في إطالة أمد الحرب، مشيرة إلى تقارير أممية اتهمت جهات في الإمارات بإرسال شحنات سلاح لمليشيا الدعم السريع، وهو ما تنفيه أبوظبي رسميًا.
في ظل هذا الجمود، بات من الواضح أن مستقبل السودان السياسي لن يُحسم فقط بميدان القتال، بل أيضًا عبر معارك صامتة داخل غرف الاجتماعات الدولية، حيث تتصارع الإرادات الإقليمية والدولية على رسم ملامح السودان القادم.