خيانة الخطاب وضعف السياسة الخارجية
تفكيك المغالطات القانونية في بيان الإمارات الكذوب… وهيبة سيادة الدولة
الخرطوم=^المندرة نيوز^
في خضم معركة قانونية وسياسية كبرى تخوضها الدولة السودانية أمام المجتمع الدولي، خرجت دولة الإمارات العربية المتحدة ببيان إعلامي يعلن – وبكل ثقة زائفة – أن المزاعم الموجّهة ضدها قد “ *فُنِّدت* ” و” *أُثبت زيفها* ”، مستندة إلى قرار محكمة العدل الدولية الصادر في مايو 2025، وإلى تقرير لجنة الخبراء بالأمم المتحدة في أبريل من ذات العام.
وهنا، لا بد من وقفة عقلانية، قانونية، ووطنية، قبل أن نترك المضلّلين يكتبون تاريخ البراءة بأحبار التلاعب والإفلات من العقاب…
*أولًا:*
*قرار محكمة العدل الدولية ليس تبرئة، بل رفض شكلي*
ما صدر عن المحكمة في لاهاي لم يكن حكمًا في موضوع الدعوى، ولا تبرئة للإمارات من التهم المتعلقة بانتهاك اتفاقية الإبادة الجماعية عبر تمويل وتسليح مليشيا متمرّدة ارتكبت فظائع ضد المدنيين في دارفور، بل كان قرارًا إجرائيًا، رفضت فيه المحكمة طلب التدابير المؤقتة لأسباب تتعلق بالاختصاص والجدية والإثبات الأولي — not on the merits…
وهذا النوع من القرارات لا يُفسَّر قانونًا بأنه “ *تبرئة* ”، بل هو ببساطة عدم انعقاد الاختصاص القضائي الكامل حتى اللحظة.
من يزعم أن المحكمة برّأت الإمارات إما يجهل القانون… أو يتعمّد الكذب…
*ثانيًا:*
*تقرير لجنة الخبراء الأممية ليس حكمًا، ولا يعكس الحقيقة الكاملة*
التقرير الصادر عن فريق الخبراء في 17 أبريل 2025 خلا من استنتاجات قاطعة ضد الإمارات. وهذا لا يعني بالضرورة أنها بريئة، بل يعني ببساطة أن الفريق لم يتمكن من جمع أو التحقق من الأدلة الكافية ضمن صلاحياته الضيقة والزمن المحدود. وقد أشار التقرير بوضوح إلى صعوبة الوصول إلى الميدان، وتضارب الشهادات، وتحديات التوثيق…
إذن، غياب الدليل في هذا السياق لا يعني غياب الجريمة، بل غياب القدرة المؤقتة على توثيقها أمميًا…
*ثالثًا:*
*رئيس الوزراء المعيّن: بين الضعف والتلكؤ*
لكن الأخطر من كل ما سبق ليس ما جاء في بيان الإمارات، بل ما جاء من صمت وخنوع الحكومة السودانية المعينة، ممثلةً في رئيس مجلس وزرائها كامل إدريس . الرجل الذي يُفترض به أن يكون محامي السودان أمام العالم، اختار أن يكون شاهد زور… أو مجرد متفرج على تشويه الحقيقة.
• لم يصدر عنه أي تفنيد دبلوماسي أو قانوني ضد تزييف الإمارات للوقائع..
• لم يوجّه وزارة الخارجية للرد رسميًا على بيان خطير يتلاعب بمكانة السودان القانونية.
• لم يُحرّك ساكنًا لتصحيح خطاب يُستخدم الآن في المحافل الدولية لضرب مصداقية القضية السودانية.
فهل هذا ضعف؟ أم خنوع؟ أم شيء أسوأ من ذلك بكثير؟
*رابعًا:*
*سقوط السياسة الخارجية في هذا الراهن العصيف* …
إن حكومة “ *الأمل* ”، بتكوينها الفوقي وغيابها عن نبض الميدان، ستُثبت قريبًا أنها غير مؤهلة لخوض معارك السودان المصيرية. فهي:
• غير قادرة على حماية سردية السودان في المؤسسات الدولية، ما لم تحسم أمرها عبر استراتيجية دبلوماسية ساحقة..
• تُفرّط في أوراق قانونية حاسمة مثل دعوى لاهاي وتقارير مجلس الأمن؛
• تمارس ما يشبه دبلوماسية الهوان، وتستجدي الرضا الإقليمي على حساب دماء السودانيين…
وبدلًا من بناء تحالفات قانونية واستراتيجية داعمة، ها هي تُسلِّم مفاتيح الملف السوداني لأعدائه، تحت وهم “ *الواقعية السياسية* ” التي لا تعني سوى الاستسلام…
**ختامًا* :
*معركة السودان لا تُدار ببيانات المنظمات… بل بإرادة وطنية صلبة*
الإمارات تحاول تحويل الإخفاق القانوني المؤقت إلى نصر إعلامي دائم، *ورئيس مجلس الوزراء* المعيّن يتعامل مع قضايا السيادة وكأنها مراسلات بروتوكولية.
وبين هذا وذاك، تقف الحقيقة عارية، تنتظر من يحمل لواءها ويدافع عنها بلا خوف أو تردد.
من لا يملك الجرأة على تسمية العدوان باسمه، وعلى الردّ على التزوير بمنطق القانون، لا يستحق شرف تمثيل السودان.
والتاريخ لا يرحم..
لا تهاون ولا تفريط في حق السياده الوطنيه و مكتسباتها و مقتدراتها و مؤسساتها مهما بلغ الأمر من تضحيات خالدة و عظيمة..
*وطن ومؤسسات…*
*السودان أولاً وأخيرًا…*
*د. عبدالعزيز الزبير باشا*
*5/8/2025*