الخرطوم=^المندرة نيوز^
لايجد المتابع الحصيف كثير عناء لإثبات الأسباب الحقيقية لللأوبئة الصحية التى ضربت السودان (2020–2025)، منذ العام 2020، واجه السودان تحديات صحية متلاحقة. انفجرت الأوبئة مثل الملاريا والضنك والدرن، إلى جانب بؤر خطيرة لكوفيد‑19. في 2020، سجل السودان نحو 1.9 مليون إصابة بالملاريا، إلى جانب حالات مشبوهة من شلل الأطفال وحالات من حمى الضنك والشِّكينغونيا .. نظام المراقبة الصحيّة واجه صعوبات في تعقب تفشِّي الأمراض، خصوصًا في المناطق الريفية والنائية.
تعرض النظام الصحى المقعد سريريا جراء فوضى الصراع السياسى الذى اعقبت التغيير فى نظام الحكم لهزة عنيفه جراء جائحة كوفيد 19 ، فالفيروس كان عبئًا مزدوجًا: أولاً ضغط طبي وتحصين، وثانياً تحويل موارد الرعاية بعيدًا عن أوبئة أخرى أوّلية مثل الحصبة والملاريا. تكرّس ضعف النظام الصحي والتمويل الموجّه نحو الجائحة .
إلى جانب تفشّيات الحمى النزفية و الملاريا، تبنّت الحمى النزفية (مثل حمى الضنك) نمطًا موسميًا، مع تسجيل 738 حالة و4 وفيات في 2021، معظمها في الشرق (كركوك وأماكن أخرى) ..
في أبريل 2023، بدأت الحرب بين القوات المسلحة ومليشيا الدعم السريع. النتيجة؟ تدمير واسع للبنى التحتية – محطات المياه والمستشفيات والمرافق – وهروب الكوادر الطبية .. أكثر من 10 ملايين نازح داخلياً، وانقطاع الخدمات الصحية والغذائية ..
اعقب ذلك اندلاع موجات الكوليرا المتكرّرة ، موجة أولى (2023): يوليو، سجلت الوزارة أول تفشٍّ للكوليرا منذ بداية الحرب، مع 11,372 حالة و316 وفاة .. موجة ثانية (2024): في 22 يوليو، بدأت موجة جديدة في كسلا امتدت إلى ولايات عدة، ووصل مجموع الحالات إلى 24,604 مع 699 وفاة .. أُعلنت حالة وباء رسمي في أغسطس، وسُجّلت 8,457 حالة و299 وفاة بين يوليو وسبتمبر .. بعدها تسارع تفشي الكوليرا في 2025: حتى يناير، تمّ تأكيد أكثر من 50,000 حالة وأكثر من 1,350 وفاة في 11 ولاية ..
من ابرز أسباب الانهيار وتفاقم الكوليرا كانت الحرب التى عطّلت محطات معالجة المياه والطاقة، مما ترك ملايين النساء والأطفال دون مياه نظيفة .. الفيضانات الموسمية زادت من تلوّث المياه وانتشار الطفيليات، خاصة في مخيمات النزوح والبيئات المزدحمة  .. بالإضافة لذلك، تأخر وصول الإمدادات، ونفاد لقاحات الكوليرا عالميًا ..
تم رصد كوارث إضافية: الحصبة، الملاريا، والكوليرا العابرة للحدود ، و إلى جانب الكوليرا، تفشت الحصبة في المخيمات في 11 ولاية، وتصدعت جهود التحصين مع انخفاظ التغطية من حوالي 85% قبل الحرب إلى نحو 30% في المناطق المتأثرة .. الملاريا شهدت قفزة تزيد عن 40%، بسبب من الفيضانات وظروف النزوح . . وفي دول الجوار مثل تشاد وجنوب السودان، بدت بوادر انتشار الكوليرا مع تدفّق اللاجئين السودانيين ..
مع كل ماذكر أعلاه والصمت المريب للمجتمع الدولى اللا انسانى تعرض الشعب السودانى لمخاطر إنسانية كارثية يندى لها الجبين ، مع توقّف معظم المستشفيات (حتى 80% داخل المناطق الحضرية) ، وتفشّي النقص الغذائي خاصة في دارفور وكردفان، حيث تمّ إعلان حالات “نقص غذائى حاد بلغ الدوجة الخامسة بمعيار الامم المتحدة” (Phase 5) ، كانت المخاطر الصحية متعددة: من الكوليرا إلى الكوارث الغذائية، مع تفاقم العنف وحصار ونهب المساعدات الإنسانية التى تمارسها المليشيا تحت سمع وبصر المجتمع الدولى ..
تدخلت منظمات مثل اليونيسيف ومنظمة الصحة العالمية لتقديم حملات تطعيم ضد الكوليرا (وصول ملايين الجرعات)، إنشاء نقاط الإرواء الفموي، دعم المياه والصرف الصحي (WASH)، والتوعية المجتمعية .. رغم تلك الجهود، فإن نقص التمويل، وضعف الأمن، وتعطّل البنية التحتية، تهدّد بعودة موجات تفشٍّ جديدة ..
بعد اخير :
خلاصة القول ، خلال السنوات الخمس الماضية، اجتاح السودان مجموعة متزايدة من الأوبئة: من الملاريا والحمى النزفية إلى الكوليرا، في ظل وضع إنساني متفجّر بفعل الحرب، النقص الغذائي الحاد، والتدمير الممنهج لشبكة الخدمات الأساسية. استنزاف الصحة العامة لم يقتصر على الأفراد فحسب، بل امتد إلى تهديد استقرار استجابة المجتمع الدولي. واخيراً ، الدرس الأساسي من هذه الكارثة الفظيعة التى تعرض لها النظام الصحى السوداني هو ان الدعم المستدام، تحصين المجتمعات، بناء أنظمة صحية مقاومة، وتأمين المياه النظيفة، عوامل مصيرية لإنقاذ الأرواح الان قبل اى وقت مضى هو الكلمة المفتاحية لإعادة السودان إلى طريق الاستدامة والاستقرار … ونواصل إن كان فى الحبر بقية بمشيئة الله تعالى ..
ليس لها من دون الله كاشفة
حسبنا الله ونعم الوكيل
اللهم لا تسلط علينا بذنوبنا من لا يخافك فينا ، و لا يرحمنا يا أرحم الراحمين
#البعد_الاخر | مصعب بريــر |
الخميس (7 اغسطس 2025م)