المندرة نيوز

عبدالعزيز الزبير باشا يكتب.. كولومبيا تتخذ موقفاً حاسماً بشأن مقتل مرتزقة في السودان: لحظة فاصلة في العلاقات الدبلوماسية

الخرطوم=^المندرة نيوز^
في خطوة سريعة وجديرة بالثناء، أمر الرئيس الكولومبي غوستافو بيترو بفتح تحقيق فوري في مقتل ما لا يقل عن 40 مواطناً كولومبياً يُعتقد أنهم جُنّدوا كمرتزقة للقتال في السودان. وتشير التقارير إلى أن هؤلاء تم تجنيدهم للانضمام إلى صفوف مليشيا الدعم السريع المتمردة في دارفور، وهي جماعة متهمة بارتكاب جرائم حرب وتطهير عرقي. موقف الرئيس *بيترو الحازم* —الذي دعا إلى الشفافية والمساءلة وإعادة جثامين الضحايا بكرامة—نال استحسان المراقبين في مجال القانون الدولي والعلاقات الدبلوماسية….

ورغم أن مشاركة المقاتلين الأجانب في الأزمة السودانية تثير تساؤلات قانونية وأخلاقية عميقة، فإن استجابة كولومبيا السريعة تعبّر عن رفض مبدئي لاستغلال الفوضى من قبل سماسرة الحروب. من خلال تعقّب ومحاسبة من يجنون الأرباح من تصدير العنف، تُرسل بوغوتا رسالة واضحة: الكرامة الوطنية ليست سلعة، والموت ليس وظيفة…

ورغم ما يمر به السودان من معاناة شديدة نتيجة هذه الحرب المدفوعة من الخارج، يظلّ شعبه مثالاً نادراً على الكرم والصبر. فعلى الرغم من التهجير والانهيار الاقتصادي والدمار الواسع، لا تزال المجتمعات السودانية تفتح أبوابها وتُحسن إلى الغريب، وتُقدّم المساعدة للمحتاج. هذه ليست مجرد ردة فعل عابرة، بل هي تجسيد لقيم ضاربة في عمق التراث الثقافي والروحي لهذا الشعب….

لكن، يجب أن يكون واضحاً للجميع: الكرم السوداني لا يعني السذاجة. فالسودان يرحّب بالجميع، ولكن بشرط أن يأتوا بسلام ونوايا طيبة. من يسعى لاستغلال الأزمة، أو لنهب الموارد، أو لتأجيج الانقسام، لن يُقابَل إلا بالرفض والحزم. السودان ليس أرضاً سائبة ولا ساحة مفتوحة للانتهازيين…

قبل أن تزلزل حرب *1967* الشرق الأوسط، كان السودان أحد أنقى النماذج في المنطقة للتعايش الإنساني الحقيقي—بوتقة انصهرت فيها الأعراق والأديان والثقافات في تفاعلٍ حضاري فريد. هذه الروح لم تمت، بل لا تزال حيّة في وجدان الشعب السوداني، ومُتجذّرة في ذاكرته الجمعية…

وفي هذه المرحلة الحرجة، من الضروري أن تعكس السياسة الخارجية للسودان هذا الرصيد من الحكمة والكرم. ليس الوقت مناسباً للمغامرات أو المواقف المرتجلة. المصلحة الوطنية تُصان عبر دبلوماسية متزنة، متأنية، ومتجذرة في المبادئ—دبلوماسية لا تعزل السودان، ولا تهدر كرامته. فالدول تُقيَّم ليس بأقوال مسؤوليها فحسب، بل بمدى اتساق سياساتها ووضوح بوصلتها الأخلاقية….

*وأخيراً*
كلمة لكل من يرى في معاناة السودان فرصةً للاستحواذ على ثرواته، أو التلاعب بمصيره، أو تنفيذ أجندات خفية:
أنتم ترتكبون خطأً فادحاً. السودان ليس غنيمةً لأحد، بل هو وطنٌ مستقل، عريق، وراسخ. من يتجاهل هذه الحقيقة، سيجد نفسه عاجلاً أو آجلاً في مواجهة التاريخ—والمحاسبة…

شعب السودان لا ينسى من وقف إلى جانبه، كما لا يغفر لمن خانه أو استضعفه…..

*السودان أولا و أخيراً…*
*د. عبدالعزيز الزبير باشا*

قم بمشاركة الخبر علي
قم بمشاركة الخبر علي
تابعنا علي قناتنا في الواتساب

إقرا ايضاً

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *