المندرة نيوز

هل يحرك اجتماع زيورخ رياح التسوية في السودان؟.. حفيد الباشا يرد بجرأة

الخرطوم=^المندرة نيوز^
المسلمي الكباشي حاول في مقاله أن يسوّق رواية مشوشة تقوم على نصف حقائق ونصف أوهام. والرد واجب، لأن تزوير الوقائع في لحظة مفصلية كهذه يعني إضاعة البوصلة.

أولاً: ليس وحده “الاتفاق الإطاري سبب الحرب”
الحرب اندلعت يوم 15 أبريل 2023 ليس بسبب الإطاري فحسب، بل لأن ميليشيا الدعم السريع أجّلت الحرب وتمردت على الدولة بحجة الإطاري الكذوب، ورفضت دمج قواتها في الجيش، ثم هاجمت المدنيين والمؤسسات العسكرية والخدمية.
الاتفاق الإطاري كان ورقة ضعيفة جداً، لكنه لم يكن الرصاصة الأولى في صدر السودان. من يزعم ذلك يتعمد تبرئة المجرم الحقيقي…

ثانياً: أسطورة “أول مرة السودان يخاطب أميركا بلا وسيط ”
السودان لم يكن يوماً ممنوعاً من مخاطبة واشنطن مباشرة. لقاءات رفيعة تمت في مراحل مختلفة، حتى البشير نفسه جلس مع مسؤولين أميركيين. الجديد فقط أن الرباعية لم تُدعَ إلى الطاولة هذه المرة.
إذن القول بأنها أول مرة هو تدليس إعلامي، لا أكثر..
ثالثاً: ملف “الأدلة الدامغة على ثماني عواصم”
نعم، الكل يعلم أن الدعم السريع يتلقى السلاح والتمويل والتدريب من الخارج، والكل يعرف دور أبوظبي في هذه الحرب، وأن مطارات أفريقية استُخدمت لنقل العتاد. لكن الحديث عن “ *ثماني عواصم* ” بدليل قاطع هو كلام لم يخرج بعد إلى العلن، ولا يمكن تسويقه كحقيقة مطلقة دون إعلان رسمي بالأسماء. اللعب بالأرقام دون كشفها يضعف الحجة بدلاً من أن يقويها…

رابعاً: مبالغة “أقوى إدانة أميركية”
تصريحات المبعوث الأميركي بشأن جرائم الدعم السريع في الفاشر جاءت مرفقة بكلمة “ *يُزعم* ”، وهذه الكلمة وحدها كفيلة بتقويض أي إدانة. واشنطن سبق أن أدانت فظائع الدعم السريع بشكل أوضح وأكثر مباشرة منذ *2023* . ما صدر في زيورخ ليس فتحاً جديداً، بل استمرار للغة مزدوجة اعتدنا عليها.ظ

خامساً: انتصارات الجيش بقيادة الريس
الجيش السوداني، بقيادة الفريق أول ركن عبد الفتاح البرهان، حقق تقدماً حقيقياً في الخرطوم والجزيرة والنيل الأبيض وسنار، وهذا لا جدال فيه. لكنه من المبالغة الادعاء بأن “ *استكمال السيطرة* ” يعني أن المعركة انتهت. الحقيقة أن الجيش لم يفقد السيطرة على السودان كدولة، لكن هناك أرضاً عُزيت واحتُلت بالغدر والخيانة، واستعادتها تتطلب صبراً واستراتيجية طويلة النفس.
ما يميز هذا المسار أن الريس تعامل مع التحدي بواقعية، فلم يبع الوهم للجمهور، بل قدّم رؤية تقوم على الاستمرار في التضحية والمثابرة حتى استعادة دارفور وسائر الوطن…

سادساً: أميركا و”توازن الضعف”
الإيحاء بأن واشنطن تريد إنقاذ الدعم السريع لفرض تسوية على أساس توازن ضعف هو تكرار لخطاب متشائم لا يستند إلى أدلة.
أميركا تتحرك وفق مصالحها، أهمها البحر الأحمر وأمن القرن الأفريقي. ما يهمها هو منع انهيار كامل للدولة، لا منح شرعية لميليشيا مجرمة فقدت أي أفق سياسي…

سابعاً: فزّاعة “الإسلام السياسي”
المقال يبالغ في تصوير الجيش كأنه واجهة لحركة إسلامية صرفة.
الحقيقة أوسع من ذلك بكثير: المقاومة ضد ميليشيا الدعم السريع تضم طيفاً واسعاً من السودانيين، من قوميين إلى ليبراليين، وكلهم توحدوا في خندق واحد.
المقاومة الشعبية نموذجاً.
لأن الميليشيا تهدد وجود السودان ذاته. حصر المشهد في “ الإسلام السياسي ” تضليل يخدم خصوم السودان في الخارج…

ثامناً: الدور القطري
الإشاعة بأن قطر رتبت اللقاء وقدمت الطائرة للريس مجرد تسريب غير مؤكد. قطر لديها تاريخ في الوساطات، نعم، لكن تضخيم دورها في زيورخ بلا دليل هو محاولة لإلباس اللقاء طابعاً “ *خارجياً* ” يخصم من استقلالية القرار السوداني.

الخلاصة
الاجتماع في زيورخ خطوة مهمة لأنه كسر احتكار الرباعية لمسار التفاوض، وسمح بفتح خط مباشر مع واشنطن. لكن تصويره كـ“ *فتح مبين* ” أو “ *أول مرة* ” أو “ *إدانة تاريخية* ” ليس سوى لعب بالرواية. الحقائق الصلبة تبقى:
• الدعم السريع ميليشيا متمردة بلا مستقبل سياسي.
• القوات المسلحة السودانية الباسلة، بقيادة فخامة الرئيس، استعادت زمام المبادرة وتقاتل بدعم شعبي حقيقي.
• واشنطن تتعامل ببراغماتية، لا بمبادئ.
• والمطلوب من السودان أن يفرض سرديته ويثبتها بالوقائع لا بالخطاب العاطفي…

وطن و مؤسسات..
السودان أولاً وأخيراً..
د. عبد العزيز الزبير باشا
19/8/2025

قم بمشاركة الخبر علي
قم بمشاركة الخبر علي
تابعنا علي قناتنا في الواتساب

إقرا ايضاً

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *