المندرة نيوز

تحصلت عليه ” المندرة نيوز” ؛ تقرير ” استراتيجي” ينبه لتصاعد ازمات متوقعة بالسودان

الخرطوم=^المندرة نيوز^
مقدمة:
في منعطف حرج من تاريخ السودان المعاصر، وبعدما يزيد على العامين من اندلاع الحرب، وما نجم عنها من تفكك مؤسسي وتدهور في الأوضاع المعيشية والإنسانية، يجد السودان نفسه في مواجهة تحديات غير مسبوقة، تعصف بأركان الدولة وتُنذر بمزيد من التعقيد إذا لم تُواكبها قراءات تحليلية واستجابات استباقية.
ومن هذا المنطلق، وانطلاقًا من التزامه المهني والوطني، يُصدر مركز الخبراء للدراسات الإنمائية وتحليل الأزمات هذا التقرير التحليلي الذي تحصلت عليه المندرة نيوز، حيث جاء حول الأزمات المتوقعة في السودان خلال النصف الثاني من عام 2025، ضمن سلسلة تقاريره الدورية التي تسعى لدعم صناع القرار، والمؤسسات الدولية والمحلية، بمعلومات دقيقة ومؤشرات تحليلية مبكرة تُسهم في تحسين آليات التعامل مع التحديات القادمة.
ويعتمد التقرير في منهجيته على تتبّع تطورات الواقع السوداني، والاستفادة من أدوات الرصد الميداني، ومخرجات التحليل الكمي والنوعي، بالإضافة إلى خلاصات الدراسات السابقة، من أجل بناء رؤية استشرافية متماسكة لما قد تحمله الأشهر القادمة من أزمات واختلالات.

وتغطي محاور التقرير سبعة مجالات رئيسية مترابطة، تشمل: الجوانب السياسية، والاقتصادية، والاجتماعية، والعسكرية، والأمنية، والخدمية، والعلاقات الخارجية، إلى جانب النزاعات القبلية، بوصفها نقاط تماس حرجة تتطلب مراقبة دقيقة واستجابة مرنة وفعالة.

ولا يكتفي التقرير بتوصيف الأزمات المحتملة، بل يتضمن توصيات عملية قابلة للتطبيق، تُعزز من قدرة الدولة والمجتمع على التصدي للتحديات، وتدعم منهجية الإدارة المبكرة للأزمات في ظل الواقع السوداني شديد التعقيد والتقلب.

إن هذا التقرير هو لبنة جديدة في صرح الجهود الوطنية الواعية، التي ينهض بها المركز لإرساء ثقافة التحليل الاستباقي وتوفير أدوات المعرفة الرصينة، في سبيل بناء مستقبل أكثر استقرارًا وأملاً للسودان.

📊 اولاً: ملخص تنفيذي :
فيما يلي الأزمات السياسية يتوقع التقرير استمرار الانقسام في السلطة وعدم وجود مشروع وطني جامع، مع عزوف شعبي عن النخب التقليدية..
وفيما يلي الأزمات الاقتصادية يشير التقرير إلى احتمال تفاقم التضخم، وانكماش الإنتاج، وغياب أفق للمعالجة في ظل الحرب وضعف المنظومة المالية.
وفيما يلي الأزمات الاجتماعية يلاحظ التقرير ارتفاع أعداد النازحين، وازدياد مؤشرات العنف الانتقامي المتبادل وزيادة التفكك الأسري وتدهور الحماية الاجتماعية بشكل عام . وفي ما يلي تماسك النسيج الاجتماعي يخشي التقرير من تفجر النزاعات القبليه وظهور بؤر صراع تتسع في الغرب والشرق، وتنامي خطاب الكراهية والإثنية.

وفيما يلي الأزمات الأمنية يخشي التقرير من تصاعد الفوضى الأمنية، انتشار العصابات المسلحة، وضعف التنسيق بين القوات النظامية..
وفي مجال الأزمات العسكرية: يحذر التقرير استمرار القتال في جيوب كردفان واقليم دارفور مع تأخر الحسم العسكرى واستمرار حرب استنزاف طويلة المدى…
وفي مجال العلاقات الخارجية يستصحب التقرير توتراً متصاعداً مع بعض دول الجوار ، خاصة ليبيا إثيوبيا وتشاد، وجنوب السودان وزيادة التحديات في ملف اللاجئين…
وفي مجال الأزمات الخدمية والصحية يرصد التقرير بشكل قلق تراجع مؤشرات تعزيز منظومات التعليم والصحة في معظم الولايات، وخطر تفشي أوبئة في الخريف والشتاء.
وفي مجال أزمات الكهرباء والطاقة يرصد التقرير تراجع قدرات انتاج الإمداد الكهربائي و وزيادة الاعتماد على مصادر بديلة غير آمنة ومكلفة.
ووفقاً لمؤشر الخطورة العام وهو أداة تحليلية تُستخدم لتقدير مستوى التهديد الذي تمثّله أزمة معينة على الدولة أو المجتمع، استنادًا إلى مجموعة من المعايير مثل: مدى التأثير، نطاق الانتشار، قابلية التدهور، سرعة الاستجابة المطلوبة، ومدى إمكانية السيطرة فإن جميع الأزمات مصنفة بين الدرجة (7 إلى 9) على مقياس من 10، مما يعكس ارتفاع مستوى الخطر وتعقيد المشهد الوطني مما يتطلب ضرورة تبني إستراتيجية طوارئ شاملة تتكامل فيها جهود الحكومة والمنظمات المحلية والدولية، مع تعزيز مبادرات التهدئة السياسية والتماسك الاجتماعي.

📊 ثانيا المؤشرات الأوليه للازمات المتوقعه :
1/سياسياً
● لا تزال السلطة المركزية موزعة بين حكومة مدنية ضعيفة التحالفات بعيدة عن الحواضن السياسية ، ومؤسسة عسكرية منهكة بالحرب.
●ازدياد تآكل شرعية النخب والاحزاب والجماعات السياسية التقليدية وعجزها عن بلورة مشروع وطني موحد.
2/ اقتصادياً:
● تجاوز التضخم حاجز 500% في بعض السلع الأساسية.
● الانكماش الإنتاجي في القطاعات الحيوية (الزراعة – الصناعة – النقل) بنسبة تقارب 60%.
3/اجتماعيا ً
● أكثر من 10 ملايين نازح ومهجّر داخليًا، ثلثهم من الأطفال.
● تصاعد مؤشرات التفكك الأسري والانحرافات السلوكية في المجتمعات المضيفة والنازحة.
4/ امنياً:
● تصاعد الجريمة المنظمة والعابرة للحدود وظهور عصابات محلية مسلحة في مناطق الهشاشة السكانية
● ضعف التنسيق بين أجهزة الأمن، والصراعات البينية بين الأجهزة الأمنية والقوات المسلحة وربما حركات الكفاح المسلح
5/عسكريا:
● استمرار المعارك في خمس ولايات رئيسية، ووجود جبهات محتملة في شرق البلاد.
● تزايد تدفق السلاح على المليشيا المتمردة وظهور أنماط جديدة من التسليح تسعى لحرمان القوات المسلحة من ميزة السيطرة الجوية والبرية، مما ينذر بحرب استنزاف طويلة.
6. خارجيا
●تصاعد التوتر الحدودي مع ولبيبا إثيوبيا وتشاد، وجنوب السودان واتهامات متبادلة بالتدخل العسكري المباشر وغير المباشر.
●تزايد احتمالات المواجهة بين حكومة السودان والمنظمات الإقليمية والدولية
7. خدمياً
● 40% من المدارس خارج الخدمة، و60% من المرافق الصحية متوقفة أو تعمل جزئيًا.
●احتمال تفشي الكوليرا والملاريا بشكل واسع في موسم الخريف دون تدخلات عاجلة.
8/ أزمة الكهرباء والطاقة:
تأثر امدادات الطاقة بالصراع في منطقة الشرق الأوسط
●تراجع الانتاج الكهربائي في العاصمة والمناطق المتأثرة بالحرب
●اعتماد 85% من السكان على مصادر بديلة غير آمنة أو مكلفة (فحم – مولدات – حلول فردية).

9/النزاعات:
●ظهور بؤر صراع جديدة في غرب كردفان، وشرق دارفور، والنيل الأزرق.
● تصاعد خطاب الكراهية في وسائل التواصل الاجتماعي وتسجيل جرائم على أساس إثني.

📊 ثالثا الازمات المتوقعه :

1️⃣ المحور السياسي
■محدودية قدرات الحكومة في ظل تحديات مركبة في تزامن مع تكوين حكومة مدنية موازية تمثل تحدياً إضافياً للحكومة الشرعية رغم ضعف الحكومة الموازية وعجزها عن بسط السيطرة وتحقيق الأمن في مناطق وجودها أو نيل الاعتراف الكامل.
■تفكك القوى السياسية المعارضة وغياب قيادة موحدة لمتابعة الانتقال السياسي.
■تنامي الدعوات الانفصالية أو الفدرالية كحلول لأزمات الحكم.
■ ظهور مبادرات دولية للتهدئة دون حسم جذري.
■ضعف الثقة الشعبية في جميع الأطراف السياسية.
2️⃣ المحور الاقتصادي
■استمرار الانكماش الاقتصادي الحاد وركود الأسواق.
■ازدياد الاعتماد على الاقتصاد غير الرسمي والأسواق الموازية.
■تفاقم أزمة العملة وارتفاع التضخم في ظل غياب سياسات نقدية فاعلة.
■ضعف الإنتاج الزراعي والصناعي نتيجة الحرب وتعطل سلاسل الإمداد.
■محدودية الدعم الخارجي وضيق فرص الوصول للمؤسسات المالية الدولية.
■تدهور الوضع المعيشي وازدياد معدلات الفقر والجوع.

3️⃣ المحور الاجتماعي
■تصاعد معدلات النزوح واللجوء داخليًا وخارجيًا.
■تزايد أعداد الأطفال خارج التعليم وارتفاع نسب التسرب المدرسي.
■تهتك النسيج الاجتماعي في المناطق المتأثرة بالحرب.
■ازدياد ظواهر التفكك الأسري، ، وتعاطي المخدرات.
■اتساع فجوة الثقة بين المواطن والدولة.

4️⃣ المحور الأمني
■اتساع رقعة الانفلات الأمني في العاصمة والأقاليم.
■تصاعد الجريمة المنظمة والنهب المسلح.
■تزايد انتشار السلاح وسط المدنيين.
■ضعف التنسيق بين القوى الأمنية المتعددة.
■احتمالات نشوء مليشيات محلية خارج سلطة الدولة وبالذات في شرق السودان وكردفان والنيل الازرق .

5️⃣ المحور العسكري
■استمرار المواجهات العسكرية المتقطعة بين الجيش والدعم السريع في مدن رئيسية (مثل الأبيض، الفاشر، كادوقلي ).
■احتمالات انتقال نطاق الحرب لمناطق جديدة حال فشل المبادرات.
■استنزاف القدرات القتالية لكل الأطراف وطول أمد الحرب دون حسم.
■دخول أطراف إقليمية بشكل غير مباشر عبر دعم لوجستي أو تسليحي.
■احتمال ظهور حركات مسلحة جديدة أو إعادة تموضع الحركات القديمة.

6️⃣ المحور الخارجي – العلاقات مع دول الجوار
■تشاد: تزايد التوتر بسبب اتهامات بتورطها في دعم طرف من أطراف النزاع.
■إثيوبيا: مخاوف متجددة من تحركات حدودية متزامنة مع الوضع الداخلي المضطرب.
■جنوب السودان: علاقات ملتبسة نتيجة تهريب السلاح وتسلل المقاتلين.
■مصر: دعم سياسي للجيش مع تراجع الاهتمام الرسمي نتيجة أولويات القاهرة الداخلية.
■ليبيا احتمال استخدام أراضيهما كقنوات تهريب وعبور للسلاح والمقاتلين.
■ارتريا : خضوع النظام الارتري للضغوط المستمرة عليه من عدد من دول الإقليم والمنظومة (الاوربو أمريكية ) ودخوله فى حالة عداء مع السودان

7️⃣ المحور الخدمي :
■تراجع خدمات التعليم الحكومي في معظم الولايات.
■عجز في الإمداد الدوائي، وانتشار الأمراض المعدية (الملاريا، الكوليرا، الحصبة).
■خروج غالبية المستشفيات عن الخدمة في مناطق النزاع.
■ضعف حملات التحصين وتوقف برامج الرعاية الأولية.
•■تدهور إمدادات المياه النظيفة والصرف الصحي.

8️⃣ أزمة الكهرباء والطاقة
■انقطاع التيار الكهربائي المتكرر في معظم الولايات نتيجة ضعف البنية التحتية.
■شح الوقود وارتفاع أسعاره عالميا وصعوبة النقل
■غياب الطاقة البديلة كخيار حكومي فعّال.
■ الاثر مباشر على المستشفيات، والمصانع وخدمات المياه، والمؤسسات الحيوية.

9️⃣ النزاعات القبلية والنسيج الاجتماعي
■ظهور نزاعات قبلية جديدة في ولايات كردفان ودارفور والنيل الأزرق.
■عودة خطابات الكراهية والتعبئة العرقية بدعم من أطراف سياسية ومسلحة.
■فشل آليات الإدارة الأهلية التقليدية في احتواء النزاعات.

■مخاطر التهجير القسري وظهور مجازر جديدة على أساس الهوية.

🔟 التوصيات العامة
1/ في المجال السياسي: الدفع باتجاه مبادرات وطنية شاملة لحل الأزمة تتجاوز ثنائية الجيش والدعم السريع.
2/ في المجال الاقتصادي: توجيه الدعم للقطاعات المنتجة، وتفعيل الاقتصاد المحلي عبر مبادرات مجتمعية.
3/في المجال الصحي والخدمي: دعم الطوارئ الصحية والتعليمية، وتفعيل الشراكات مع المنظمات الإنسانية.
4/ خارجيًا: تبني سياسة خارجية مرنة تخفف حدة الضغوط وتعيد بناء الثقة مع دول الجوار.
5/ اجتماعيًا: إطلاق حملات مجتمعية لبناء السلم الاجتماعي ومناهضة خطاب الكراهية والعنصرية.

مركز الخبراء للدراسات الإنمائية وتحليل الأزمات
أغسطس 2025
والله الموفق

قم بمشاركة الخبر علي
قم بمشاركة الخبر علي
تابعنا علي قناتنا في الواتساب