المندرة نيوز

مصعب بريــر يكتب.. أسرار، تقنيات واتجاهات الحرب الإعلامية الخبيثة الموجهة ضد السودان واليات فرض السردية الوطنية ..!

الخرطوم=^المندرة نيوز^
في عصر تتقاطع فيه الخطوط بين الحقيقة والافتراء، وتتحول فيه الشاشات الصغيرة إلى ساحات قتال، أصبحت الحرب الإعلامية سلاحاً أكثر فتكاً من الرصاص نفسه. والسودان، بموقعه الاستراتيجي وثرواته الطبيعية وتنوعه الثقافي، يجد نفسه في قلب عاصفة من الحملات الإعلامية الممنهجة التي تهدف إلى تشويه واقعه، تمزيق نسيجه الاجتماعي، وخدمة أجندات خارجية وإقليمية. هذه الحرب لا تستهدف الحكومة فحسب، بل تستهدف إرادة الشعب السوداني وقدرته على تحديد مصيره.

أسرار الخديعة: البنى التحتية للحرب
سر نجاح هذه الحرب يكمن في فهمها العميق للنفسية السودانية. الجهات الخفية التي تشنها، سواء كانت دولاً تسعى لتعطيل مشاريع التنمية، أو جماعات مصلحية تريد إضعاف الدولة، أو حتى فصائل داخلية متحاربة، تعمل على استغلال الثغرات المجتمعية. إنهم يدركون جيداً حساسية القضايا العرقية والدينية والإقليمية، فيقومون بتضخيمها ونشر الروايات المزيفة التي تثير الفتنة وتعمق الشرخ بين مكونات الشعب الواحد. السر الأكبر هو تحويل السودانيين ضد بعضهم البعض، جاعلين منهم وقوداً لحرب يديرونها من خلف الشاشات.

تقنيات التضليل: ترسانة الأكاذيب
تعتمد هذه الحرب على ترسانة متطورة من تقنيات التضليل، أصبحت أكثر تعقيداً مع تطور التكنولوجيا:
1. الأخبار المزيفة (Fake News): نشر معلومات كاذبة بشكل متسارع عبر منصات التواصل الاجتماعي، خاصة واتساب وتويتر وفيسبوك، حول تفجيرات وهمية، سقوط مدن، أو حتى تصريحات مزيفة لمسؤولين. تنتشر هذه الأخبار بسرعة تفوق قدرة التصحيح.
2. الحسابات الوهمية والروبوتات: شبكات ممنهجة من الحسابات المزيفة التي تُنشئ المحتوى المُضلل، تُضخم الروايات الكاذبة، وتهاجم أي صوت معارض. تعمل هذه الحسابات بشكل ممنهج على “تريند” مواضيع محددة لتبدو وكأنها رأي عام.
3. الصور والفيديوهات خارج السياق: استخدام لقطات قديمة من أحداث في دول أخرى، أو لقطات من أفلام سينمائية، وتقديمها على أنها أحداث حالية في السودان لإثارة المشاعر والغضب.
4. نظرية التآمر: نشر قصص تآمرية معقدة تلقي باللوم على جهات خارجية (كالدول الغربية أو جيران معينين) أو جهات داخلية (كقوى ثورية معينة) بشكل مطلق، مما يشكل هروباً من المسؤولية المحلية ويبسط الأزمات المعقدة إلى مجرد مؤامرة.
5. الاستهداف العاطفي: تصميم المحتوى لاستهداف مشاعر الخوف والغضب والكراهية مباشرة، متجاوزاً العقل والمنطق. فيديو مزور لبُنيان منهار أو لطفل يبكي يمكن أن يحرك مشاعر الملايين ويوجههم نحو فعل محدد.

اتجاهات متطورة: مستقبل التهديد
اتجاهات هذه الحرب تتجه نحو مزيد من الخبث والتمويه:
· التعمق في المنصات المغلقة: الانتقال من المنصات العامة إلى مجموعات التلغرام وواتساب الخاصة، مما يصعب عملية الرصد والمراقبة.
· الذكاء الاصطناعي (AI): أصبحت تقنيات “الديب فيك” (Deepfake) تهديداً حقيقياً، حيث يمكن إنشاء فيديوهات مزيفة بجودة عالية لشخصيات عامة (قادة عسكريين، سياسيين، ناشطين) تظهرهم وهم يقولون أو يفعلون ما لم يحدث قط، مما قد يثير فتناً لا يمكن إخمادها.
· الحرب الاقتصادية النفسية: نشر أخبار كاذبة عن انهيار العملة الوطنية، ندرة وشيكة للوقود والدواء، أو انهيار مؤسسي بهدف زعزعة الثقة في الاقتصاد وإشاعة الذعر والهلع.

المواجهة: كيف نتحصّن؟
مواجهة هذه الحرب الخبيثة ليست مسؤولية الحكومة وحدها، بل هي مسؤولية جماعية. يجب أن تنهض مؤسسات المجتمع المدني، الإعلاميون المستقلون، النشطاء، والمؤثرون، بدورهم في بناء مناعة مجتمعية. التوعية بمحو الأمية الإعلامية، تعليم الناس كيفية التحقق من المصادر، وعدم مشاركة أي خبر قبل التأكد منه، هي خط الدفاع الأول. كما أن دعم الإعلام المحلي المهني والشفاف الذي يقدم المعلومة الدقيقة والصحيحة في وقتها هو السلاح الأقوى في معركة استعادة السردية الوطنية.

بعد اخير :
خلاصة القول، الحرب الإعلامية ضد السودان هي حرب وجود تستهدف عقول وقلوب السودانيين قبل أن تستهدف أرضهم. والانتصار فيها لن يكون بحجب المعلومات، بل بمواجهة الكذب بالحقيقة، والتفكيك بالوحدة، والخبث بالوعي. أيها الأحرار، أبناء النيل، حراس تراب السودان الأبيّ، إن الكلمات التي تسيل على الشاشات ليست حبرًا على ورق، بل هي رصاصات تريد أن تصيب روح أمتنا النابضة. ليست خدعًا عابرة، بل هي معركة مصير يراد بها إماتة إرادتنا وطمس هويتنا ونهب قرارنا. لكن هل نرضى؟ هل نسكت؟ هل نترك حبل الكذب يمتد ليعصر أحلام أطفالنا ومستقبل بلادنا؟ لا.. وألف لا! لأن هذا التراب الذي مشى عليه أجدادنا العظام، وتشرب بدماء شهدائنا الأبرار، لن ندعه أبدًا لأكاذيب المشعوذين ومغني أغاني الدمار. لأن “السودان” ليس مجرد أرض، إنه اسم من أسماء الكرامة، وهو عنوان للتضحية، وهو أغنية تتردد في قلب كل سوداني وشعار يرفرف في وجدان كل حر.. واخيراً، فلنقف إذن كالجدار الأشمّ في وجه كل من يحاول تشويه جمالنا. لنكن جيش الحق الهادئ، جيش الوعي واليقظة. كل مشاركة للحقيقة سلاح، كل توثيق للواقع درع، كل كلمة حقّ تصبح صرخة في وجه الباطل تدوي عبر الأجيال. انهض! لا تكن متفرجًا.. كن فاعلاً، كن حارسًا للحقيقة. انشر الوقائع، ادحض الأكاذيب، سلط الضوء على الجمال والبطولة والإنجاز في بلادك. لأن صمتك اليوم قد يكون جريمة ضد مستقبل أولادك غدًا. أخرج من دائرة الصمت وادخل إلى ساحة الفعل. لنكن جميعًا.. كل واحد منا.. جنديًا للكرامة، مدافعًا عن حقيقة السودان. لنرفع راية بلادنا عالية خفاقة، لا يعتريها غبار الكذب ولا ظلام التضليل. معًا، نحن أقوى من كل أكاذيبهم .. معًا، نحن السودان … و نواصل إن كان فى الحبر بقية بمشيئة الله تعالى ..

ليس لها من دون الله كاشفة
حسبنا الله ونعم الوكيل
اللهم لا تسلط علينا بذنوبنا من لا يخافك فينا ، و لا يرحمنا يا أرحم الراحمين
#البعد_الاخر | مصعب بريــر |
السبت (6 سبتمبر 2025م)
musapbrear@gmail.com

قم بمشاركة الخبر علي
قم بمشاركة الخبر علي
تابعنا علي قناتنا في الواتساب

إقرا ايضاً

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *