الأجهزة الأمنية وإستقرار السودان
د. عبد الناصر سلم
الخرطوم=^المندرة نيوز^
كثر الحديث في اليومين الماضيين عن المؤسسة العسكرية بالبلاد والتشكيلات العسكرية المنضوية تحت لواءها ، وبرزت العديد من الأصوات المنادية بضرورة تطبيق ماتم الاتفاق عليه مع حركات الكفاح المسلح في جوبا ، كاستحقاق لفاتورة السلام والاستقرار ،كما برزت أصوات أخرى منادية بدمج قوات الدعم السريع في الجيش .
عليه من كل ماسبق يظل المكون العسكري ، الضامن الحقيقي للعبور بالفترة الإنتقالية ،وصمام أمان لوحدة البلاد ،وعدم انزلاقها في محيط التوترات .
هذه الحقيقة يدعمها كل عاقل يريد لهذا البلد الاستقرار ، فمثل مايحتاج المسار السياسي في هذا التوقيت الى حاضنة سياسية مثلتها قوي الحرية والتغيير ، تظل المعادلة الامنية أيضا أكثر أهمية للمكونات العسكرية الحالية (قوات مسلحة ،دعم سريع ، حركات كفاح مسلح ).
وبالتالي أفهم جيداً أن أي مرحلة تأسيسية جديدة لهذه المعادلة ينبغي أن تسود فيها روح التوافق والتفاهم .
بالعودة لحركات الكفاح المسلح التى وقعت علي اتفاقية جوبا نري من الضروري والحتمي خلق اختراق حقيقي في ملفها بتنفيذ بند الترتيبات الأمنية التى نصت عليه اتفاقية جوبا ،فقد شهدت اليومين الماضيين حالة من التململ ،برزت فيها بشكل واضح لغة السخط من خلال التصريحات التى أدلي بها عدد من قيادات الحركات .
تأخير تنفيذ بند الترتيبات الامنية يلقي بظلال سالبة علي مجمل المشهد السياسي بالبلاد ،كما يرسل رسائل سالبة للحركات التي يتطلع الكثيريون في انصمامها لملف السلام في مقدمتها حركتي عبد الواحد محمد نور ،وعبد العزيز الحلو .
لا اتوقع ان تشهد الفترة الانتقالية حالة من التقدم الملموس وملف السلام لازال يوما بعد يوم يشهد تحديات كبيرة وجمة في تنفيذ البنود التى تم التوافق عليها في جوبا .
بالعودة الي الاصوات التى تتحدث عن انقسام في المؤسسة العسكرية مابين الجيش والدعم السريع ، لا أشكك لحظة في أنها تريد أن تصب (الزيت علي النار ) لأهداف معلومة للجميع ، فقد شهدنا في اليومين الماضيين تصريحات من الجيش والدعم السريع نافية لهذا الترويج الكاذب والهدام ،
الجيش ياسادتي له كسبه في ثورة ديسمبر كما للدعم السريع ذات الكسب ولولاهم لما كانت هناك ثورة ، فقد اتخذوا القرار الشجاع نصرة للشعب الذى خرج تأييدا لذهاب حقبة الانقاذ ونظام البشير في الوقت المناسب .
يجب أن نعطي الجيش حقة ونوفي الدعم السريع كسبه في هذه الثورة .
أما الحديث عن القول المنادي بدمج قوات الدعم السريع في القوات المسلحة فان الدعم السريع بكافة قواته منضوية تحت لواء الجيش ، ويعملون في تناغم كبير وتام ، بل يقاتلون في خندق واحد ، كتفا بكتف مع القوات المسلحة ، فقوات الدعم السريع من الشعب واليه .
ولعل قرار تأسيسها معروف ، والادوار المفتاحية التي تقوم بها في اصقاع دارفور وبقية الولايات لاتحتاج الي دليل .
نحن في حاجة ملحة الى كافة هذه القوات ، في ظل الاستهداف الذى تشهده البلاد حالياً لاسيما في الجبهة الشرقية ، وبالتالي يظل التماسك الداخلي بين المكونات المدنية والعسكرية مطلبا مهما لتجاوز هذه التحديات .
وبالعودة بالذاكرة الي الوراء قليلاً في قرار (حل الأمن الخارجي ) عقب العهد المايوي نقول انه كان له تبعاته وانعكاساته السالبة ، فمعادلة الامن ينبغي ان تكون بعيدة عن محور الكسب السياسي وشد وجذب الاحزاب والحواضن السياسية .
انظروا الي ليبيا مالذى أحل بها ن ثم سوريا واليمن ، وبالتالي هذه النماذج الحية لانريد للسودان أن يلحق بركبها .
لاسيما ونحن نتطلع الي واقع جديد من التنمية والاستقرار ، خصوصاً وان الفترة الحالية تعد فترة تأسيسية لنظام ديمقراطي جديد سيولد حتماً مع أول انتخابات يتم التوافق عليها ، عقب وضع اللبنات الأسياسية من خلال استكمال اجهزة الدولة التى سترى النور خلال الأسابيع القليلة القادمة .
ان ميزانية الدولة في هذا التوقيت واضحة للعيان أنها منهكة للغاية بدليل الازمة الاقتصادية التى تعيشها البلاد خلال هذه الايام وبالتالي قرار الدمج حتما لديه تبعاته الاقتصادية (فالدمج) من الناحية الاقتصادية له انعكاساته التى أظن ان هذا التوقيت ليس مناسبا لها . وبالعودة الى قرار الدمج نطرح العديد من الاسئلة لمن يؤيدون هذا التوجه ، لماذ قرار دمج قوات الدعم السريع طالما انها تعمل بتاغم وانسجام تامين مع المنظومة العسكرية ؟.
السؤال الآخر الذى يطرح نفسه بشدة هل خزينة الدولة العامة لديها إمكانية بتوفير التعيوضات اللازمة لاتنفيذ اطروحة ( الدمج ) لا أعتقد أن الخزينة العامة تسمح في هذا التوقيت بذلك .
ربما سؤال آخر ملح كذلك من الناحية العسكرية لماذا قرار دمج قوات الدعم السريع طالما ان القوات تقوم بدورها المنصوص عليه في القانون والوثيقة الدستورية بالشكل المطلوب ؟.
ربما أتفق مع الطرح القائل ان قوات جهاز الامن في حاجة الى تجديد كثير من اللوائح المنظمة للجهاز في هذه الفترة بجانب تجديد العقيدة القتالية ، خصوصا وان الجميع يعرف كيفية الطرق التي تم بها تكوينه ، وبالتالي اجراءات اصلاحات بداخلة امر ضروري وحتمي .
أثق تماماً في الوعي الذى تتمتع به قيادات المنظومة العسكرية من حكمة ووعي كاف وبالتالي كثير من التكهنات حول وجود شرخ لا وجود له علي الارض ، كما يقيني ان البلد ستعبر بالشكل المطلوب والمخطط له