المندرة نيوز

البعد الاخر_ مصعب بريــر يكتب.. حماة البذور… العلماء السودانيون في مهمة إنقاذ أسطورية من قلب الحرب ..!

الخرطوم=^المندرة نيوز^
«من ود مدني إلى جليد القطب الشمالي… قصة أمل وعلم وصمود لحماية تراث السودان الزراعي للأجيال القادمة بعد الحرب»، مقال قيم وصلنى من الامين العام للمجلس القومى للمبيدات، المهندسة الفاضلة الزميلة المعطاءة أحلام حسن ردا على مقالى بالأمس حول ماساة دمار الحديقة النباتية بالمقرن، يحكى عن قصة أمل تتحدى الحرب، مصحوبا بمقال نشرته مجلة ميدل إيست، عن العطاء الأسطوري للعلماء السودانيين لإنقاذ التراث الزراعي السوداني في رحلة محفوفة بالمخاطر تحت زخات الرصاص حاملين ذاكرة السودان الزراعية من مدينة ود مدني إلى القطب الشمالي، فكان لابد من مشاركتكم هذا العطاء الأسطورى الفريد.

في قلب المأساة السودانية المشتعلة منذ أبريل 2023، ظهرت قصة إنسانية وزراعية استثنائية أبطالها علماء سودانيون حملوا على عاتقهم مهمة إنقاذ تراث البلاد الزراعي من الضياع. ففي وقت انشغلت فيه بنادق المتآمرين بالسيطرة على المدن وشفشفتها بحثا عن الديمقراطية، كانت هناك مجموعة صغيرة تعمل بصمت لإنقاذ أكثر من 17 ألف عينة من البذور النادرة والمهمة للأمن الغذائي في السودان والمنطقة.

بدأت فصول القصة مع سقوط مدينة ود مدني – التي كانت تُعد ملاذًا آمنًا للنازحين – في يد مليشيا الدعم السريع في ديسمبر 2023. وسط الفوضى والنهب، أطلق العلماء نداء استغاثة لحماية بنك الجينات الزراعي السوداني الذي يحتفظ بكنز من الموارد الجينية لمحاصيل أساسية مثل الذرة الرفيعة والدخن والسمسم والقمح. مدير البنك علي زكريا بابكر قال بمرارة: «لم نتوقع أن يهاجموا ود مدني، لكن كان علينا التحرك سريعًا قبل أن تضيع ثروة أجيال».

فرّ فريق البنك إلى الأبيض حيث يقع فرع احتياطي للبنك، وهناك بدأ التخطيط لمهمة إنقاذ غير مسبوقة. أدرك العلماء أن المنشأة الجديدة قد تكون هي الأخرى هدفًا قادمًا، فقاموا بتركيب نظام طاقة شمسية لضمان استمرار تبريد العينات، ثم جهزوا شحنة طارئة تضم أكثر من 2000 عينة لإرسالها إلى قبو سفالبارد العالمي للبذور في القطب الشمالي. هذا القبو الذي بُني ليكون «بوليصة تأمين» للتراث الزراعي العالمي، يحفظ البذور في درجات حرارة تصل إلى 18 درجة مئوية تحت الصفر داخل جبل صخري منيع.

كانت رحلة البذور محفوفة بالمخاطر؛ فالمسارات التقليدية كانت تحت سيطرة مليشيا الدعم السريع، والطرق غير آمنة. اضطر الفريق لشحن البذور سرًا في صناديق مخفية داخل شاحنة تجارية، وسلكت الشحنة طرقًا بديلة لأكثر من عشرة أيام حتى وصلت إلى بورتسودان. هناك، وبشكل غير متوقع، تولى بريد السودان – رغم الحرب – نقل الشحنة إلى النرويج بدعم من مؤسسة «كروب ترست» العالمية. مرت الشحنة بالسويد للفحص والفهرسة قبل أن تصل في 25 فبراير 2025 إلى سفالبارد برفقة شحنات من 19 بنكًا جينيًا آخر.

احتوت الشحنة على أصناف من أقدم المحاصيل التي عرفها إنسان وادي النيل، منها الذرة الرفيعة والدخن اللؤلؤي، وهما ركيزتان للأمن الغذائي في السودان وإفريقيا نظرًا لمقاومتهما للجفاف. بذلك نجح العلماء السودانيون في تأمين تراث زراعي عمره آلاف السنين رغم القصف والدمار، مانحين السودان والعالم فرصة لإحياء هذا التراث مستقبلًا.

لكن حين عاد الفريق إلى ود مدني في يناير 2025، كان المشهد مأساويًا: ثلاجات منهوبة، أجهزة مدمرة، وأكياس بذور ممزقة. غير أن الأمل بقي حيًا بفضل النسخ المكررة في سفالبارد. واليوم، بدعم من منظمة الأغذية والزراعة (FAO) وصندوق المحاصيل، تتواصل جهود إعادة بناء البنك وقاعدة بياناته، رغم انقطاع الكهرباء وندرة الموارد.

هذه القصة ليست مجرد عملية علمية؛ إنها درس في الإصرار والمسؤولية الأخلاقية. فقد أثبت العلماء السودانيون أن حماية التراث الزراعي عمل وطني وإنساني يتجاوز السياسة والحرب، وأن المعرفة والإرادة يمكن أن تنتصر على الخراب. لقد سجّلوا بجهودهم «عطاءً أسطوريًا» يحفظ للسودان ذاكرته البيئية ويمنح أجيال المستقبل أملاً في استعادة دورة الزراعة والحياة.

بعد اخير :
خلاصة القول، إن ما فعله هؤلاء العلماء السودانيون ليس مجرد إنقاذ لبذور، بل إنقاذ لروح الوطن نفسه. لقد أثبتوا أن وسط الدمار يمكن أن يولد الأمل، وأن الإرادة والعلم أقوى من رصاص الحرب.. واخيراً، هذه القصة الاستثنائية ليست صفحة عابرة في تاريخ السودان، بل شعلة تلهم كل سوداني وسودانية بأن إعادة البناء ممكنة، وأن حماية مواردنا وتراثنا تبدأ من إيماننا بقدرتنا على النهوض. فلنحوّل هذا العطاء الأسطوري إلى طاقة جماعية تعيد إعمار ما دمرته الحرب، ونثبت للعالم أن السودان – بعقول أبنائه وقلوبهم – قادر على أن ينهض من جديد أقوى وأكثر إشراقًا … و نواصل إن كان فى الحبر بقية بمشيئة الله تعالى ..

ليس لها من دون الله كاشفة
حسبنا الله ونعم الوكيل
اللهم لا تسلط علينا بذنوبنا من لا يخافك فينا ، و لا يرحمنا يا أرحم الراحمين

قم بمشاركة الخبر علي
قم بمشاركة الخبر علي
تابعنا علي قناتنا في الواتساب

إقرا ايضاً

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *