الخرطوم=^المندرة نيوز^
في قلب الظروف العصيبة التي تمر بها البلاد، وبين أصوات النزوح والدمار وفقدان الاستقرار، يشرق أمل جديد يمد يده للمواطنين المنهكين من وطأة الحرب. إن الخط الساخن للدعم النفسي والاجتماعي ليس مجرد رقم هاتفي أو خدمة عابرة، بل هو مبادرة إنسانية رائدة تهدف إلى تخفيف معاناة السودانيين، وفتح باب الدعم والمساندة في لحظة نحن أحوج ما نكون فيها إلى كلمة طيبة أو استشارة من مختصّ تمنحنا الطمأنينة.
ولادة الفكرة وتحديات الطريق..
بدأت فكرة الخط الساخن في عام 2023 كشراكة ذكية بين وزارة الصحة الاتحادية ومنظمة الصحة العالمية، لتكون قناة آمنة وسريعة للدعم النفسي والاجتماعي، خصوصاً للفئات الأكثر حاجة. لكن تداعيات الحرب وتعقيداتها أوقفت المشروع مؤقتاً. ورغم ذلك لم تتراجع الإرادة؛ ففي 2024 عاد المشروع للحياة بدعم مباشر من وزارة الصحة الاتحادية، ثم التحقت منظمة الصحة العالمية مجدداً، لتكتمل الشراكة بانضمام شركة تلميديا المحدودة. هذا التعاون المتعدد أسس لانطلاقة جديدة تليق بحجم التحديات التي يواجهها الشعب السوداني.
دعم فني وبناء قدرات نوعي..
الركيزة الأهم لنجاح أي خدمة إنسانية تكمن في إعداد الكوادر المؤهلة. وهنا لعبت مؤسسة عافية لخدمات ودراسات العافية النفسية والمجتمعية دوراً محورياً في تدريب العاملين على الخط الساخن وتأهيلهم للتعامل مع مختلف الحالات. كما أعدت المؤسسة دليلاً علمياً عملياً يضمن جودة الخدمة واستدامتها، ويتيح تحويل الحالات للجهات المختصة عند الحاجة، ليكون الخط الساخن أكثر من مجرد استماع؛ بل منظومة متكاملة للاستجابة والتوجيه.
قيادة موحّدة ورؤية واضحة..
تحت إشراف مباشر من إدارة الصحة النفسية الاتحادية، ومتابعة دقيقة من الإدارة العامة للرعاية الصحية الأساسية، وبشراكة حقيقية مع إدارة الصحة النفسية بولاية البحر الأحمر، جاء هذا الجهد ليؤكد أن العمل المؤسسي المشترك هو السبيل لخدمة المواطن. هذه القيادة الموحدة منحت المشروع قوة دفع وجعلته عملاً وطنياً جامعاً يعبّر عن التزام الجميع بحماية الإنسان السوداني وصون كرامته.
ضرورة تفرضها الأوضاع الراهنة..
الواقع الذي فرضته الحرب جعل من الخط الساخن حاجة ملحة. ملايين من المواطنين يعانون من النزوح وفقدان مصادر الدخل والبطالة والضغوط النفسية والاجتماعية. وجود قناة آمنة وسرية لتلقي الدعم والاستشارة النفسية أصبح ضرورة لإنقاذ الأرواح وتعزيز التماسك المجتمعي. أطفال، نساء، رجال وكبار سن، جميعهم يجدون في هذا الخط نافذة أمل ودعماً نفسياً يخفف عنهم وطأة الأزمات.
رسالة إنسانية عابرة للأزمات..
تدشين الخط الساخن رسالة واضحة: الدولة وشركاؤها الوطنيون والدوليون يقفون بجانب المواطن حتى في أحلك الظروف. هذه الخدمة تمثل وعداً بفتح باب العون وعدم ترك أحد يواجه الألم وحده. إنها التزام بأن تُسمع أصوات المتألمين، ويُحتضن الضعفاء، وتُمد يد الدعم لكل من أثقلته جراح الحرب ومآسيها.
بعد اخير :
خلاصة القول، الخط الساخن للدعم النفسي والاجتماعي ليس مشروعاً عادياً، بل خطوة استراتيجية نحو بناء مجتمع أكثر صموداً وقدرة على التعافي. إنه دليل حي على أن التعاون المؤسسي والإنساني قادر على تحويل المحن إلى فرص لبناء الثقة والأمل.. واخيراً، هذه الخدمة اليوم هي حصن نفسي واجتماعي يحمي أبناء الوطن ويمنحهم طاقة للاستمرار، ورسالة بأن المستقبل رغم كل التحديات يمكن أن يكون أفضل إذا تكاتف الجميع … و نواصل إن كان فى الحبر بقية بمشيئة الله تعالى ..
ليس لها من دون الله كاشفة
حسبنا الله ونعم الوكيل
اللهم لا تسلط علينا بذنوبنا من لا يخافك فينا ، و لا يرحمنا يا أرحم الراحمين