المندرة نيوز

مصعب بريــر يكتب.. هيكلة أم تفكيك؟ تفكيك السردية السياسية لإصلاح الجيش السوداني بعد ثورة ديسمبر (١) ..!

الخرطوم=^المندرة نيوز^
اولا : إعادة هيكلة الجيش السوداني: من شعار الثورة إلى معركة الهوية الوطنية ..

منذ لحظة انتصار ثورة ديسمبر 2019، تصدر شعار “إصلاح القطاع الأمني والعسكري” قائمة أولويات التحول المدني الديمقراطي في السودان. فقد رأت قوى الحرية والتغيير أن بقاء الجيش على حاله، بتركيبته القديمة ومناهجه العقائدية، يشكل عقبة أمام بناء الدولة المدنية الحديثة، فدعت إلى إعادة هيكلة القوات المسلحة بما يتوافق مع ما سمّته “العقيدة العسكرية الديمقراطية”. غير أن هذا الطرح، على جاذبيته النظرية، أثار جدلاً واسعاً حول حدود الإصلاح وعمقه وأهدافه الحقيقية. فهل المقصود إصلاح مهني تدريجي يستند إلى الكفاءة، أم إعادة تشكيل سياسي يعيد إنتاج الصراع حول السلطة؟

في مقالها المهم، تقول الأستاذة أسماء ميرغني إن صورة قادة الجيش الأمريكي في قاعدة كوانتيكو بفرجينيا توضح أن “التركيز على النسب المئوية للتمثيل العرقي ليس أداة قياس لتحديد قومية الجيوش”، فالقومية لا تُقاس بالمكونات الإثنية بل بالكفاءة والولاء للدولة. وهو ما يغيب عن سردية بعض القوى السياسية التي ربطت إصلاح الجيش بدمج الفصائل المسلحة السابقة أو إعادة توزيع نسب التمثيل الجهوي داخله، وهي مقاربة –كما ترى ميرغني– تخلط بين العدالة الاجتماعية والاحترافية العسكرية.

ففي التجارب الدولية، من الولايات المتحدة إلى السنغال وبوتسوانا، لم يتحقق استقرار المؤسسة العسكرية إلا من خلال الانضباط الصارم في معايير القبول والتأهيل والترقي. ففي بوتسوانا مثلًا، لم يُقبل سوى 500 مجند من أصل 15 ألف متقدم، و80 ضابطًا فقط من 3 آلاف مرشح، في إشارة إلى أن الكفاءة لا تُساوم. أما في السودان، فإن الخطاب السياسي السائد بعد الثورة جنح إلى تحويل قضية الإصلاح العسكري إلى أداة تفاوض سياسي، فاختُزلت المسألة في إعادة توزيع الولاءات، لا في بناء عقيدة وطنية حديثة.

الإصلاح الحقيقي، كما تقترحه الأمم المتحدة في تعريفها لعمليات إصلاح قطاع الدفاع، يقوم على “التوفيق والإصلاح والتحويل والتطوير”، أي أنه عملية وطنية مستمرة تتطلب استقراراً مؤسسياً ورؤية مهنية، لا شعارات لحظية تُستخدم لكسب النفوذ أو إقصاء الخصوم. إن إعادة هيكلة الجيش يجب ان لا تكون مشروعًا لتفكيكه أو إعادة تشكيله على أسس محاصصية، بل هي مسار طويل لتقوية منظومته، وتحديث عقيدته، وربطها بالدولة لا بالأفراد أو الجماعات.

بعد اخير :
خلاصة القول، الدرس المستفاد من التجارب الناجحة أن الجيوش لا تُبنى بالخطابات، بل بالثقة والانضباط والاحتراف. وإذا أراد السودان جيشًا وطنيًا يعكس روح امتنا المجيدة، فعليه أن يجعل معيار الانتماء هو الجدارة والكفاءة لا الجهة أو المصلحة السياسية.. واخيراً، الجيوش التي تفقد حيادها، تفقد دورها كحارس للأمة… و نواصل فى الحلقة القادمة بعنوان “المحاصصة: كيف تحولت فكرة إصلاح الجيش إلى اداة صراع سياسي ؟” إن كان فى الحبر بقية بمشيئة الله تعالى ..
ليس لها من دون الله كاشفة
حسبنا الله ونعم الوكيل
اللهم لا تسلط علينا بذنوبنا من لا يخافك فينا ، و لا يرحمنا يا أرحم الراحمين
#البعد_الاخر | مصعب بريــر |
السبت (11 اكتوبر 2025م)

قم بمشاركة الخبر علي
قم بمشاركة الخبر علي
تابعنا علي قناتنا في الواتساب

إقرا ايضاً

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *