الخرطوم=^المندرة نيوز^
في تصعيد خطير تعرضت منطقة المزروب بمحلية غرب بارا بولاية شمال كردفان لهجوم مسلح نفذته مليشيا الدعم السريع عقب محاولة نهب المنطقة مساء الخميس، ما أدى إلى مقتل اثنين من عناصر المليشيا خلال الاشتباك مع الأهالي.
وفي أعقاب الحادث، دعت قيادة المليشيا زعماء قبيلة المجانين إلى اجتماع صباح الجمعة بغرض البحث عن حلول وتسوية النزاعات، غير أنه عند وصول وفد المجانين بقيادة الناظر، استُهدف الوفد بمسيرة انتحارية، ما أسفر عن مقتل سبعة عشر شخصًا وإصابة آخرين، ولم يُسجّل وجود أي عنصر من المليشيا بين القتلى. تمثل هذه الجريمة تصعيدًا خطيرًا يضرب النسيج الاجتماعي والأمن المحلي في الإقليم، ويؤكد حجم التهديد الذي تمثله المليشيا ضد القيادات المحلية المستقلة عن مشروعها العسكري والسياسي.
الناظر، رحمه الله، كان يمثل رمزًا للثبات والاستمرارية في مجتمعه، وظل بين أهله يوازن بين الحرب والسلام مع المليشيا، أحيانًا يقاتلهم وأحيانًا يهادنهم لتسوية النزاعات وفتح المسارات التجارية. استهدافه لم يكن مجرد عمل عسكري، بل محاولة لتصفية قيادات الإدارة الأهلية التي ترفض الانخراط في مشروع المليشيا، فيما بقيت أغلب قبائل كردفان متمسكة باستقلاليتها ورفضها لأي تحالف قسري، باستثناء بعض القبائل المحدودة التي استجابت جزئيًا لابتزاز المليشيا.
هذا التوازن الاجتماعي والسياسي جعل الناظر ورفاقه هدفًا مباشرًا للقمع والعنف، في حين أن وجودهم كان مبررًا وشجاعًا، إذ قدموا أرواحهم في سبيل حماية أهلهم وأرضهم دون أن يهاجموا المليشيا بشكل مباشر.
الحادث يسلط الضوء على حجم المخاطر التي تواجه المدنيين في الإقليم، إذ تعيش المنطقة حالة توتر وأزمة أمنية متصاعدة، مع خوف واسع لدى الأهالي من تكرار الهجمات، ونقص ممرات آمنة وإمكانيات محدودة للوصول بالمساعدات الإنسانية.
ويشير الحادث إلى فشل محاولات المليشيا خلق رابط معنوي بين دارفور وكردفان لتبرير هجومها، إذ لم تنجح سوى في استمالة جزء محدود من القبائل، ما دفعها للجوء إلى العنف مباشرة للسيطرة على الزعامات والقيادات الرافضة.
وتعد هذه الجريمة النكراء مؤشرًا واضحًا على أن المليشيا لا تمثل قضية وطنية أو شعبية، بل أداة مسلحة لتحقيق مصالح محدودة عبر الإرهاب والهيمنة، فيما يبقى كردفان مستقلًا عن مشروعها.
ويؤكد الحادث الحاجة الماسة إلى فتح تحقيق عاجل وحيادي، وتفعيل وجود أمني لحماية المدنيين، وتقديم الدعم الإنساني العاجل للأهالي المتضررين، إلى جانب توثيق الانتهاكات لضمان مساءلة الجناة على المستويين الوطني والدولي.
رحم الله الناظر ورفاقه الميامين، وأسكنهم فسيح جناته، ونسأل الله أن يلهم أهالي المجانين الصبر والسلوان. هذه الجريمة تذكر الجميع بأن حماية المدنيين وتعزيز سلطة القانون وفرض العدالة ضرورة وطنية عاجلة، لضمان عدم تكرار مثل هذه المأساة وتخفيف الانتهاكات في شمال كردفان.