المندرة نيوز

مصعب بريــر يكتب.. فوضى الجامعات الخاصة.. من يدفع ثمن أخطاء التعليم العالي ..؟!

الخرطوم=^المندرة نيوز^
في خضم حربٍ أنهكت البلاد وأرهقت مؤسساتها، يخرج بيان وزارة التعليم العالي والبحث العلمي بتاريخ 19 اكتوبر 2025م ليحمل نبرة تحذير شديدة ضد مؤسسات التعليم العالي غير الحكومية التي فتحت فروعاً أو مراكز خارج السودان دون موافقة رسمية أو تنسيق مسبق. البيان — رغم أهميته — يفتح جرحاً أعمق من مجرد مخالفة إدارية، إذ يعيد إلى الواجهة السؤال المؤلم: من يتحمل مسؤولية هذا الخلل الذي يدفع ثمنه طلاب مشردون ومنكوبون، فقدوا الوطن والجامعة معاً؟

منذ اندلاع الحرب، وجد آلاف الطلاب السودانيين أنفسهم في حالة نزوح أكاديمي قسري. أغلقت الجامعات أبوابها، وتشتت الأساتذة والطلاب بين الداخل والخارج، فظهرت مبادرات ومراكز لاستضافة الطلاب أو استكمال دراستهم في بلدان الجوار. غير أن ضعف المتابعة المؤسسية من وزارة التعليم العالي وعدم وضوح لوائح الاعتماد فتح الباب أمام فوضى عارمة في إنشاء “فروع ومراكز تعليمية” لا تخضع لرقابة حقيقية.

الوزارة اليوم تُذكّر الطلاب بضرورة التأكد من اعتماد المراكز قبل التسجيل، وتعلن أنها لن تعترف بالشهادات الصادرة عن المراكز غير المعتمدة. لكن السؤال الأخلاقي والمهني يبقى مطروحاً: هل من العدل أن يُعاقب الطالب بعد مرور ثلاثة أعوام من الدراسة، دفع فيها الغالي والنفيس، لمجرد أن الوزارة لم تضبط هذه المؤسسات منذ البداية؟ أليس من واجبها أن تراقب وتعلن بوضوح منذ اليوم الأول عن المؤسسات المعترف بها؟

إن الخطأ هنا مركّب: الجامعات التي استغلت الأزمة وفتحت مراكزها بلا إذن تتحمل جانباً من المسؤولية، لكن الوزراة نفسها تتحمل النصيب الأكبر من اللوم لأنها تركت الساحة بلا رقابة ولا شفافية لوقت طويل، ثم جاءت الآن لتعلن العقوبات وكأنها لم تكن طرفاً في هذا الفشل. إن التعليم العالي، الذي يفترض أن يكون منارة استقرار وعقلانية، يتحول للأسف إلى جزء من فوضى الحرب الإدارية التي تصيب البلاد في مقتل.

في ظل هذا الارتباك، يقف آلاف الطلاب بين مطرقة النزوح وسندان القرارات المفاجئة. هؤلاء الشباب، الذين حلموا بالعودة إلى مقاعد العلم، يجدون أنفسهم اليوم مهددين بفقدان مستقبلهم مرتين: مرة لأن الحرب شردتهم، ومرة لأن المؤسسات التعليمية التي وثقوا بها لم تكن جديرة بالثقة، ولأن الوزارة لم تكن يقظة بما يكفي لتمنع هذا الانزلاق منذ بدايته.

ما يحتاجه السودان اليوم ليس بيانات تحذير متأخرة، بل إصلاحاً جذرياً لنظام الاعتماد والرقابة على الجامعات الخاصة، وتكوين لجنة طارئة لمراجعة أوضاع الطلاب الذين درسوا في هذه المراكز، حتى لا تتحول المأساة إلى جريمة مؤسسية.

بعد اخير :
خلاصة القول، إن معاقبة الطلاب بعد كل هذه السنوات من النزوح والتشتت ليس عدلاً، بل هو ظلم مضاعف. وإذا كانت الوزارة جادة في “الحفاظ على مستقبل الطلاب” كما جاء في بيانها، فعليها أن تبدأ بمحاسبة نفسها أولاً، ثم الجامعات التي استغلت الفوضى لتتاجر بالأمل.. واخيراً، التعليم ليس سلعة تُباع في زمن الحرب، بل هو آخر ما تبقى من كرامة وطن يحاول أن ينهض من تحت الركام.. ونواصل إن كان فى الحبر بقية بمشيئة الله تعالى ..

ليس لها من دون الله كاشفة
حسبنا الله ونعم الوكيل
اللهم لا تسلط علينا بذنوبنا من لا يخافك فينا ، و لا يرحمنا يا أرحم الراحمين
#البعد_الاخر | مصعب بريــر |
الثلاثاء (21 اكتوبر 2025م)

قم بمشاركة الخبر علي
قم بمشاركة الخبر علي
تابعنا علي قناتنا في الواتساب

إقرا ايضاً

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *