المندرة نيوز

سنار والنيل الأزرق.. تفاصيل الساعات الماضية

الخرطوم=^المندرة نيوز^
في تصعيد جديد يُنذر بتفاقم الوضع الأمني، شهدت ولايتا سنار والنيل الأزرق مساء الثلاثاء سلسلة من الهجمات الجوية بطائرات مسيّرة، أسفرت عن دوي انفجارات عنيفة وانقطاع شامل للتيار الكهربائي في عدد من المناطق الحيوية. وأفادت مصادر متطابقة بأن الانفجارات وقعت قرب خزان سنار ومحطة التوليد المائي، فيما أكد شهود عيان وقوع انفجار قوي في محيط خزان الروصيرص، ما أدى إلى غياب الكهرباء عن الولايتين لساعات متواصلة. وفي أعقاب الهجمات، أعلنت القوات المسلحة السودانية أنها تمكنت من إسقاط الطائرات المسيّرة واستعادة السيطرة على الوضع، في حين نفت مصادر محلية حدوث تصدٍ فعلي، وسط تضارب في الروايات حول تفاصيل العملية.

الهجمات التي استهدفت مدينة سنار ومواقع أخرى في ولاية النيل الأزرق تسببت في إصابة ستة من العاملين الفنيين بمحطة كهرباء سنار، وذلك نتيجة قصف نفذته طائرات مسيّرة انتحارية يُعتقد أنها تابعة لقوات الدعم السريع. ووفقاً لمصدر عسكري تحدث لموقع “دارفور24″، فإن ثلاث طائرات مسيّرة انطلقت من الجهة الجنوبية للمدينة، واستهدفت خزان سنار، حيث أصابت اثنتان منها المحطة التحويلية المتوقفة عن العمل، بينما سقطت الثالثة خارج نطاق الخزان دون أن تُحدث أضرار مباشرة. هذا النوع من الهجمات يعكس تحوّلاً في طبيعة العمليات العسكرية، حيث باتت الطائرات المسيّرة تُستخدم لاستهداف البنية التحتية الحيوية، ما يهدد استقرار الخدمات الأساسية في مناطق النزاع.

وفي ولاية النيل الأزرق، أفاد شهود عيان بأن طائرة مسيّرة استهدفت المحطة التحويلية للكهرباء الواقعة غرب خزان الروصيرص، ما أدى إلى انقطاع كامل للتيار الكهربائي عن المدينة، ودخولها في ظلام تام. ويأتي هذا الهجوم ضمن سلسلة من العمليات الجوية التي تنفذها قوات الدعم السريع، مستهدفة منشآت مدنية وعسكرية على حد سواء. ويُعد استهداف البنية التحتية الكهربائية تطوراً مقلقاً، خاصة في ظل اعتماد المدن السودانية على هذه المحطات لتأمين الحد الأدنى من الخدمات الحيوية في ظل النزاع المستمر. ويثير هذا التصعيد تساؤلات حول مدى قدرة الأطراف المتحاربة على حماية المرافق الحيوية، في وقت تتزايد فيه الحاجة إلى الاستقرار والخدمات الأساسية.

الهجمات التي طالت سنار والنيل الأزرق جاءت بعد ساعات فقط من عملية مماثلة استهدفت مطار الخرطوم، حيث تعرضت المنشأة الجوية لثلاث ضربات بطائرات مسيّرة، وذلك قبيل الموعد المقرر لإعادة افتتاح المطار أمام الرحلات الداخلية والدولية. ويُعد توقيت الهجوم مؤشراً على محاولة لعرقلة أي خطوات نحو إعادة الاستقرار أو استئناف الخدمات المدنية في البلاد، خاصة أن المطار يُشكل نقطة ارتكاز لجهود الإغاثة والاتصالات الحكومية. ويُنظر إلى هذه الهجمات على أنها جزء من استراتيجية تصعيد ممنهجة تهدف إلى تعطيل البنية التحتية الحيوية، وإرباك المشهد السياسي والعسكري في العاصمة السودانية.

في تصريح منسوب إلى اللواء ركن علي بيلو، قائد اللواء 256 دفاع جوي، أكد أن قواته تعاملت بيقظة مع الهجوم المعادي، وتمكنت من إسقاط جميع الطائرات المسيّرة على الفور. وفي بيان لاحق، أفاد المكتب الإعلامي لقيادة الفرقة الرابعة مشاة الدمازين بأن الأوضاع في مدينة الدمازين مستقرة وتحت السيطرة الكاملة. وأوضح البيان أن قوات الدفاع الجوي تعاملت مع المسيرات المعادية وتم إسقاطها بنجاح، مشيراً إلى أن الأصوات التي سُمعت كانت نتيجة تعامل المضادات الأرضية مع الأهداف الجوية، ومؤكداً عدم وقوع خسائر في الأرواح أو الممتلكات. هذا الرد الرسمي يعكس حرص الجيش السوداني على طمأنة السكان، في ظل تصاعد الهجمات الجوية التي باتت تستهدف مواقع مدنية وعسكرية على حد سواء.

الهجمات الأخيرة تأتي في سياق تصاعد العمليات الجوية التي تشنّها قوات الدعم السريع باستخدام الطائرات المسيّرة، مستهدفة مواقع تابعة للجيش السوداني في ولايات متعددة، من بينها الخرطوم التي شهدت في وقت سابق اليوم قصفاً طال محيط مطار الخرطوم الدولي. وكانت قوات الدعم السريع قد سيطرت خلال عام 2024 على غالبية محليات ولاية سنار، قبل أن يتمكن الجيش السوداني في أكتوبر من العام نفسه من استعادة السيطرة على الولاية، مما اضطر قوات الدعم السريع إلى التراجع والتمركز في مناطق داخل إقليم النيل الأزرق. هذا التحول في السيطرة الميدانية يعكس دينامية النزاع المستمر، ويُظهر كيف تتغير خطوط التماس بين الأطراف المتحاربة في ظل غياب تسوية سياسية شاملة.

اندلعت الحرب في السودان في أبريل 2023 بين الجيش وقوات الدعم السريع إثر خلافات على السلطة ودمج القوات، وسرعان ما امتدت إلى مختلف الولايات، خصوصًا دارفور وكردفان. وأسفرت المعارك عن مقتل عشرات الآلاف وتشريد ملايين المدنيين داخل البلاد وخارجها، وسط اتهامات واسعة للطرفين بارتكاب انتهاكات جسيمة وجرائم حرب. ويعيش السودان اليوم واحدة من أسوأ الأزمات الإنسانية في العالم، حيث تتداخل المعاناة الميدانية مع الانهيار الخدمي، وتُفاقم الهجمات الجوية من تعقيد المشهد الأمني والسياسي، في ظل غياب أي مؤشرات على قرب التوصل إلى حل ينهي النزاع ويعيد الاستقرار إلى البلاد.

قم بمشاركة الخبر علي
قم بمشاركة الخبر علي
تابعنا علي قناتنا في الواتساب

إقرا ايضاً

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *