المندرة نيوز

من دفتر مقاربات ومقارنات_ د. نجاة الأمين تكتب.. تعفن السياسة.. وحكم الاوليغارشية..!

الخرطوم=^المندرة نيوز^
بدأت فصول الحياة البسيطة على الارض البساطا باول محاولة فى البحث عن مايسد الرمق ، التقاط ثمار ثم صيد واصطياد “شبعا ثم شبعا ” هكذا.. الى ان تغير الحال الى ظهور علامات البلوغ وهى وصول قمة “الشبع ” وعندها بدأ التفكير “تشغيل العقل” فى البحث لايجاد وسائل وكيفيات بها يتم حفظ ماتم اكتسابه من ماكل ومشرب وخلافه ومن خلال محاولات عديدة تم اكتشاف العديد من المعارف والتدابير والابتكارات ، ومنها على سبيل المثال وسائل الحفظ ، ولكنها لم تكن كافية ودون المواصفات الى ان تبلورت فكرة التخزين للغد وذلك عبر مايعرف بتفكيك او تفريغ سلاسل “الطاقة” اى تحريك العضلات ، فبدات وظائف خدمة الانتاج من اعداد – تجهيز – حرث – غرس – زرع – حصد – تجميع – تسويق – توزيع ثم تخزين ، فزادت كتلة المغذيات والغذاءت والمدخرات ، فظهرت “اسنان ” اللبن وسقطت..! “فاخذت عين الشمس سن الحمار واعطت سن “الغزال -الفيل – الذهب..” وهكذا.. الى ان نمت و ظهرت “انياب” المنافسة ، ثم ظهرت “قواطع” الصراع ، لتبدا فصول الكفاح من اجل البقاء فى محاولات مرارا وتكرارا من سير وحركة وحراك تصاعدى يقابله اضمحلال و شيخوخة فى افكار وبدائيات وسائل حياة الانسان الاول ، التى صارت من مؤرخات مؤريخى تاريخ سير العصور البائدة بكل ماتحمل من بذور نواة التنمية “الصحيحة ! ” اكرر “الصحيحة !” حقيقة هى وبلا شك ، افكار وادوات “بدائية اولية ” ولكنها مرتبطة بحلقة الحياة الطبيعية المستمرة وبكل مايحيط بها من عناصر البيئة التقليدية “الماء – الهواء – التراب – النار – الكلأ ..” وهذه كلها فى تقديرى هى الساس والراس و اللبنة الاساسية للعصر الحديث بكل ماتحمل من مفاهيم قديمة ووسائل بالية “حقيقة قد اكل عليها الدهر وشرب ” ولكنها كانت فى خدمة الانسانية جمعاء ، فنمت فى ظل هذا القدم “كسر القاف وفتح الدال “العديد من المفاهيم والافكار والابتكارات والاختراعات والظواهر والمظاهر منها الصالح والطالح مرورا وعبورا بالعصور القديمة “الاغريقية او اليونانية ” – الوسطى التنوير – النهضة والى عصرنا اليوم وهى عبارة عن نواتج طبيعية للتفكر والتدبر فى شتى مناحى الحياة الانسانية ، التى كانت سببا فى انشأ وتكوين : “المذاهب الحزبية – المذاهب السياسية – الايدولوجيات المختلفة – الحركات السياسية – انواع و انظمة الحكم المختلفة “الملكية – الجمهورية – الامبراطورية – حكم الفرد – الدكتاتورية”عسكرية مدنية” – الديمقراطية – حكم الاوليغارشية وهذه تعنى حكم الاقلية الغنية الفاسدة.. – وظهرت كذلك و نمت المظاهر السالبة منها الاحتكارات -التعصب الفكرى – الاقصاءات – والمنافسات وهذه منها الشريفة وغير الشريفة ، والمنافسة الشريفة لا تكون الا بتوفر اهم الثوابت المطلقة التى تمثلها الاخلاق السمحة من”صدق – امانة – عدل..الخ.. ” والمتغيرات والتى تمثلها القيم من “المبادئ، والقواعد والمثل العليا..الخ..” ومما يجدر ذكره ان المنافسة الشريفة فى المعاملات التجارية والاقتصاد تكون عندما لا يكون هنالك”ربا – تطفيف – غش – تبخيس – سرقة – اموال مغسولة – احتكار – تزوير ‘ اختلاس..الخ.. ” وتكون كذلك عند توفر الامانة العلمية والحكمة بجناحيها “الحصافة والبراعة ” فى كل مناحى الثقافات المختلفة ، من علوم ودراسات وبحوث علمية وادبية وسياحية ورياضية ، كذلك تكون المنافسة شريفة بالناى والبعد عن الغلو والتطرف فى ممارسات و عادات وتقاليد المجتمع المدنى والبدوى وانتقاء الفاضل والاصيل منها و التى تتفق وثوابت القيم ومتغيرات الاخلاق السمحة للحياة الطبيعية.. و تكون كذلك عندما تكون الوطنية فى مقدمات الاولويات ويكون الوطن فى حدقات العيون دون عمالة وارتزاق وخيانة وغدر فهذه الدونيات الدنئية اهم مقومات تعفن السياسة اى فسادها .. وللتذكير والذكرى ، نذكر ونهدي حسن البيان وحقيقة القول لابنائنا شباب اليوم جيل الغد والمستقبل انه عندما هتف ؛ الشعب يوما ، وشقت حناجره عنان الفضاء وشاهقت اصواته ابراج السماء ” حرية- سلام -وعدالة ” لم يكن هذا الهتاف من فراغ ولم يكن عبثا ..! ولكن كان من اجل المدينة الفاضلة والعدالة السياسية ، وهذه تعنى “ان الحياة الخيرة هى غاية دولة المدينة ..” لا من اجل “السلطوية “او حب السلطة والحكم والتملك والاستبداد ، كما يفعله اليوم ادعياء السياسة المضللين والذين يفسدون السياسة بمفهومها القديم “كفلسفة “والحديث “كعلم ” قائم بذاته.. وعند ابواب المعارف والمعانى والمعاجم نجد للسياسة تعاريف ومعانى عديدة فهى فى المعنى من ساس يسوس .. وعليه فراعى الغنم فى الخلاء يسوس ..فهو سياسى ! وكلمة “سياسى” اصلا مشتقة من الكلمة الاغريقية” Politikos” وهى ماخوذة من المدينة Polis ، كذلك هى معرفة وفقا لاراء فلاسفة العصور الوسطى بانها “فن الحكم” وبهذا المفهوم الفلسفى للسياسة يعنى ان اى شخص له الحق بان يكون سياسى ولكن وفقا لما جاءت به ثوابت الاخلاق السمحة والقيم “المبادئ المطلقة” وبهذا يكون السياسى هو الذى يتقن هذا الفن “الحكم” وبذلك يمكن للطبيب – المهندس الزراعى -الميكانيكى – القانونى -المعلم الاستاذ – فنى “السباكة-النجارة-الكهرباء-البناء” -التاجر – خريجى الكليات العسكرية والحربية من ضباط وجنود وخلافه.. ان يكونوا سياسيون ولما لاااا..؟! فالشخص السياسى هو الذى يشارك فى التاثير على الجمهور من خلال صنع القرار السياسى او هو الشخص الذى يؤثر على الطريقة التى تحكم المجتمع من خلال فهم السلطة وديناميت الجماعة.. فبذلك تكون السياسة هى علم تدبير المدينة “الدولة” .. ولكن بعد الحرب العالمية الثانية اصبحت السياسة علم قائم بذاته ، وهى المعرفة الوصفية والتحليلية وبهذا التطور لعلم السياسة بدأ الاهتمام بالاحزاب والكتل النيابية ، والراى العام فاصبح علم السياسة والعلاقات الدولية من التخصصات الاكاديمية التى ظهرت تدرس فى
المعاهد والجامعات كالطب والزراعة و..الخ.. وكذلك اصبحت للسياسة رؤية فى تحليل شخصيات السياسيين ، بالتوافق مع علم النفس والاجتماع ، فاصبح العلم السياسى هو ارشاد “المشرع والسياسى المخلص ” ، وهى كذلك فى القصد والمفهوم تفيد العلاقة بين الحاكم والمحكوم وهى السلطة العليا فى المجتمعات الانسانية حيث السلطة السياسية تعنى : القدرة على جعل المحكوم يعمل او لا يعمل اشياء سواء اراد او لم يرد وتمتاز بانها عامة ، وتحتكر وتحترم ولكن “لا تحتقر “وسائل الاكراه كالجيش والشرطة وبالتاكيد ان هذه المؤسسة العسكرية العظيمة تحظى بالشرعية ، المستمدة من شرعية قيام الدولة اساسا واصلا ووفقا للقوانين والداساتير التى تنظم العلاقة الطبيعية بين الدولة والجيش الوطنى للدولة فى رعاية شئون الدولة الداخلية والخارجية وبهذا تكون المهمة الاساسية للسياسى هى دور المشرع او صنع الدستور للدولة لذا لابد للعالم بالسياسة ان يكون ملما ومدركا لقوى التغيير السياسى والتى بامكانها ان تقوض النظام القائم مراعيا لجميع الدساتير القائمة حتى السئ منها ، كما يجب ان يكون قادرا على اسعاف السياسات القائمة ، و التواصل الفعال مع الاخرين ، و اتخاذ القرارات ، كما ان يتحلى بالصدق والنزاهة والتمسك بالمبادئ ، وان تكون جل اهتمامته تحقيق الواجبات السياسية الاساسية للوطن واحترام جيشه الوطنى وكتائب اسناده واحتياطه وعدم التدخل فى شئونه ونظامه الاساسى ، فمن المعلوم بالضرورة ان كل الجيوش فى العالم لها عقيدتها الدفاعية المستمدة من استراتيجياتها القومية الشاملة فى تنظيم جيوشها ويجب احترامها فلا يحق لعوام الناس او ادعياء السياسة الاقتراب منها فهى خط احمر .. ونحذر ونغلظ القول: ” من يرش جيشنا الوطنى العظيم بالماء نرشه بالدم ” ، كما على السياسى ان تكون لديه مهارات فى حل النزاعات واحترام القانون الدولى والسياسة والمنظمات الدولية ، وان يكون حاصلا على دورات تدريبية حول اساسيات الحكومة والدولة والسياسة ، بهذا تكون السياسة نظيفة وبراء ومنزهة من التعفن والافأت وممايجدر ذكره ان اخطر افات السياسة التى اجتاحت الوطن العزيز و يعانى منها الان كثيرا هى ما يعرف “بالادعياء ” وهذه جمع كلمة “دعى” اى هو الشخص الذى ينسب لنفسه كذبا ويدعى ماليس له ويتخذ مشاعر العطف والانسانية سبيلا لاستمالة واستقطاب الاخرين لعزل واقصاء منافسهم دون حياء.. وهذا يدل على ان الذين يتعاطون السياسة هم لاسياسيون بل “هواة “تهمهم انفسهم فقط فاسدون فى سلوكهم كاذبون فى اقوالهم ولا يفقهون من السياسة الا القليل وهؤلاء ينطبق عليهم المثل الانجليزى”Jack of all trades but , Master of none .. بمعنى هو شخص يدعى انه يملك المهارات لممارسة كل المهن ولكنه لا يتقن شئ.. ومن المضحكات المبكيات ، ان هؤلاء الادعياء دائما يدعون ويفترضون افتراءا بان الحق الشرعى الى جانبهم لعزل القوى السياسية الاخرى المخالفة لها فى المذهب السياسى او الايدولوجية كما يفتقرون لروح المنافسة الشريفة ويتباهون بالفجور فى الخصومة واعلم ، ان هؤلاء الادعياء “الافات” اذا تواجدوا فى العملية السياسية او كانت لهم سيادة فتاكد ان المشهد السياسى سيصير الى فضاء فوضوى غير نظيف ، وبالتالى فان هؤلاء الادعياء سيفرضون قواعد لعبتهم المضللة ويصبح هدفهم تحقيق غايتهم الانانية “حب السلطة والحكم ” واقصاء الاخرين واستخدام الادوات والاساليب غير المقبولة فى التخلص من خصومهم ومخالفيهم الراى والايدولوجيات لتحقيق مايردون فبذلك يلجاون “كذبا ونفاقا وتلفيق” وشرعنة كذوبة من خلال اعمالهم الضالة وسلوكياتهم المنحرفة ، فى ظل ما يعرف بالفوضى والمناخ السياسى غير النظيف الذى هو من صنيعتهم وانتهازيتهم الماكرة مقرؤنة بواقع وظروف الحال المفروض حينئذ للتغيير .. سواء كان عبر الانقلابات – الثورات – المظاهرات – الحروب ..فهؤلاء الادعياء الافأت لا يهمهم ضياع الاوطان.. تسلمى يابلادى .

من دفتر مقاربات ومقارنات
قصاصات: من كتاب السياسة لطاليس..
تعفن السياسة.. وحكم الاوليغارشية..!
دكتور مهندس/ نجاة الامين عبدالرحمن
(خبير الاستراتيجية والقانونية)
اكتوبر ٢٠٢٥م

قم بمشاركة الخبر علي
قم بمشاركة الخبر علي
تابعنا علي قناتنا في الواتساب

إقرا ايضاً

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *