الخرطوم=^المندرة نيوز^
بعد كل ما كُتب وقِيل، أعود لأسأل السؤال الذي دفعني لبدء هذه السلسلة:
إلى أين نمضي بثورتنا إن لم تُفضِ إلى دولة؟
لقد خضنا المعارك، وقدمنا التضحيات، ورفعنا الشعارات. لكن آن الأوان أن نُنزل كل ذلك من الميدان إلى المؤسسات، من الهتاف إلى التشريع، ومن الطموح إلى التطبيق.
الثورات تشتعل لتوقظ، لكن الدول تُبنى لتستمر.
وما لم ننتقل من الشرعية الثورية إلى الشرعية الدستورية، سنبقى ندور في حلقة مفرغة:
ثورة تُسقط سلطة… فتنتج سلطة مؤقتة… ثم تتكلس… فتنفجر ثورة جديدة… وهكذا تضيع الأجيال والفرص.
رسالتي إلى رفاق الثورة:
لقد شرفنا التاريخ بأن نكون جزءًا من التغيير، فلا نخونه بالبقاء في الماضي.
ليكن شرفنا الحقيقي هو أننا سلّمنا الثورة للدولة، لا أننا تمسكنا بها حتى اختنقت بين أيدينا.
أن نغادر موقع “القائد الثوري” إلى موقع “رجل الدولة” ليس ضعفًا، بل نضج وطني.
فالتاريخ لا يُكرم من يقاتل فقط، بل من يُؤسس لما بعد القتال.
رسالتي إلى الشعب:
لا تقبلوا بأن تكونوا رهائن صراعات النخب.
طالبوا بدستور يضمن حقوقكم لا وصاية باسم الثورة.
واطلبوا من كل من في السلطة أن يُجدد شرعيته عبر صناديق الاقتراع، لا عبر صفحات التاريخ.
الشعوب العظيمة لا تُقاد بالخطب، بل تُصنع مؤسساتها على أعين الجميع.
وختامًا…
هذه ليست دعوة للتخلي عن المبادئ، بل لتثبيتها في نصوص، لا شعارات.
وليست تنازلًا عن الثورة، بل تحقيقًا فعليًا لها عبر الدولة.
فلنُغادر لحظة الثورة العاطفية، وندخل في زمن الدولة الرشيدة.
فالوطن لا يحتاج إلى ثائرين إلى الأبد، بل إلى مؤسسات دائمة، وعدالة مستقرة، ودستور يُنهي الفوضى.
هكذا نحترم دماء الشهداء.
وهكذا نصون تضحيات رفاق السلاح.
وهكذا نُسلم الأمانة للأجيال القادمة.
ولن نكون أبناء اللحظة فقط، بل مؤسسو المستقبل.







