المندرة نيوز

مصعب بريــر يكتب.. أكثر من مجرد صحة: كيف يُشعل قرار رئيس الوزراء شعلة الأمل في حرب السودان ضد أوبئة البعوض ..؟!

الخرطوم =^المندرة نيوز^
يمثل قرار رئيس مجلس الوزراء الانتقالي بتعبئة الموارد لمكافحة الملاريا وحمى الضنك في السودان خطوة ضرورية وفي توقيت حاسم، خاصة في ظل الظروف الصحية المعقدة التي تمر بها البلاد. هذه الأمراض المتوطنة، والتي تتفاقم عادةً مع موسم الأمطار، تشكل عبئاً هائلاً على النظام الصحي المنهك بفعل الصراعات الحالية وتدمير البنية التحتية. القرار يهدف إلى إحكام التنسيق بين الوزارات، وتعبئة الدعم من القطاع الخاص والمجتمع الدولي، وتفعيل العمليات الإعلامية لدعم المبادرة، وهو ما يعكس إدراكاً حكومياً لخطورة الوضع.

تحليل القرار ومكامن القوة والضعف
نقاط القوة:

* الاعتراف بالخطورة: القرار يضع مكافحة الأوبئة في صميم الأولويات الوطنية، وهو ما يوفر الأساس القانوني والسياسي لحشد الجهود.

* الشمولية في التنسيق: الدعوة إلى التنسيق بين وزارات سيادية (التربية والتعليم، الثقافة والإعلام، الصحة، الداخلية) تشير إلى مقاربة شاملة لا تقتصر على الجانب العلاجي، بل تشمل التوعية والوقاية والبيئة.

* التركيز على الموارد: الإشارة إلى تعبئة الموارد من القطاع الخاص والمنظمات الدولية يؤكد على الحاجة الماسة لتمويل إضافي يتجاوز القدرات الحكومية المحدودة.
نقاط الضعف والتحديات:

* التطبيق في ظل الحرب: يظل التحدي الأكبر هو آلية تنفيذ القرار في المناطق المتأثرة بالنزاع. حركة الكوادر الصحية، وتوصيل الإمدادات، وتنفيذ حملات الرش والمسح الحشري تصبح مهام شبه مستحيلة في مناطق الاشتباكات.

* تدمير البنية التحتية: تدمير مصادر المياه والمنازل وتراكم الركام في العاصمة والمدن الأخرى (كما أشار وزير الصحة سابقاً) يخلق بيئة مثالية لتكاثر البعوض، مما يتطلب مجهوداً ضخماً لإعادة تأهيل البيئة وليس مجرد المكافحة التقليدية.

* فاعلية الدعم الدولي: نجاح التعبئة الخارجية مرهون باستقرار الأوضاع الأمنية وقدرة الحكومة على ضمان وصول المساعدات، وهو ما يتطلب شفافية كبيرة وخطط عمل واضحة.

مقترحات لضمان أقصى فائدة للقرار:

لتحويل هذا القرار الهام إلى واقع عملي يحقق أقصى فائدة، يجب على الجهات المختصة تطبيق المقترحات التالية:

* إنشاء غرفة عمليات طوارئ مشتركة (EOC): يجب تشكيل غرفة عمليات موحدة بقيادة وزارة الصحة وعضوية ممثلين رفيعي المستوى من الوزارات الأخرى والهلال الأحمر السوداني والمنظمات الأممية ذات الصلة. وتكون مهمتها تحديد أولويات التدخل الجغرافي واللوجستي، وتأمين ممرات إنسانية لتوصيل الأدوية ومعدات الرش.

* تمكين المجتمع في المكافحة البيئية: تبني مقاربة “المجتمع هو الحل” من خلال دعم المبادرات المحلية مثل “بالتجفيف الحمى تقيف”. يجب توفير حوافز للمتطوعين وتدريبهم على إزالة الأنقاض، ردم البرك، وتصريف المياه الراكدة في الأحياء، خاصة أن المكافحة البيئية هي الأسلوب الأكثر استدامة في الظروف الحالية.

* تبني خطة إعلامية وتوعوية مُركزة: استخدام وسائل الإعلام المختلفة لنشر رسائل توعوية بسيطة ومُتكررة حول أعراض المرض وطرق الوقاية (استخدام الناموسيات المعالجة، تجفيف المياه). يجب أن تركز الحملات على المناطق النائية ومراكز الإيواء التي تشهد كثافة سكانية عالية وظروف صحية متردية.

* تخصيص الموارد وتتبعها بشفافية: إنشاء صندوق مالي شفاف مخصص حصرياً لمكافحة الملاريا وحمى الضنك، مع نشر تقارير دورية عن مصادر التمويل وطريقة إنفاقه لتعزيز ثقة الشركاء. يجب التركيز على تأمين المخزون الاستراتيجي من الأدوية الأساسية (مثل الأرتيميسينين للملاريا، ومحاليل الإماهة لحمى الضنك) والناموسيات المُعَالجة.

بعد اخير :

خلاصة القول، إن قرار تعبئة الموارد هو إشارة قوية إلى الالتزام الحكومي الراسخ بصحة المواطنين، لكن فاعليته ستعتمد كليًا على التطبيق الفعال، التنسيق الحقيقي، والشراكة المجتمعية الواسعة. في حرب الأوبئة، لا يمكن للجهود الحكومية أن تنجح بمعزل عن إرادة وتعبئة جميع أبناء الشعب السوداني. إن مكافحة الملاريا وحمى الضنك ليست مجرد حملة صحية عابرة، بل هي بوابة لإعادة بناء الثقة في مؤسسات الدولة وإثبات قدرتها على حماية أرواح الناس حتى في أحلك الظروف. لنجعل من هذا القرار نقطة تحول؛ حيث تتحول التحديات إلى فرص، وتصبح كل نقطة ماء راكدة جُففت، وكل ناموسية وُزعت، وكل مواطن توعّى، دليلاً على أن السودان أقوى من أوبئته.. واخيراً، الوحدة هي سلاحنا الأقوى لهزيمة البعوض والأمراض، ولنعمل معًا لجعل كل شبر من أرض السودان منطقة خالية من الخطر.. ونواصل إن كان فى الحبر بقية بمشيئة الله تعالى ..

ليس لها من دون الله كاشفة

حسبنا الله ونعم الوكيل

اللهم لا تسلط علينا بذنوبنا من لا يخافك فينا ، و لا يرحمنا يا أرحم الراحمين

#البعد_الاخر | مصعب بريــر |
الخميس (20 نوفمبر 2025م)

قم بمشاركة الخبر علي
قم بمشاركة الخبر علي
تابعنا علي قناتنا في الواتساب

إقرا ايضاً

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *