الخرطوم=^المندرة نيوز^
في خطاب مهم ألقاه السفير بابكر الصديق محمد الأمين أمام الجمعية العامة للمنظمة البحرية الدولية في لندن، قدّم السودان رواية واضحة المعالم عن الوضع في البحر الأحمر، ووضع المجتمع الدولي أمام مسؤولياته تجاه ما يجري على سواحله وموانئه.
لكن خلف العبارات الدبلوماسية الواثقة، كان هناك مسار استراتيجي محسوب بدقة، ورسائل أبعد من مجرد “موقف رسمي”.
*السودان يرسّخ سيادته… رغم الحرب المفروضة*
أكد السفير أن السودان، رغم ظروف الحرب، ما زال يمسك بقوة بخيوط السيطرة على شواطئه الممتدة لأكثر من 700 كيلومتر وعلى مياهه الإقليمية، وأن الملاحة في البحر الأحمر لم تخرج لحظة عن نطاق السيادة السودانية.
هذا التأكيد لم يكن مجرد استعراض؛ بل هو رد مباشر على حملات حاولت تصوير الساحل السوداني كمنطقة رخوة أو منفلِتة.
*عودة النفط… دلالة أكبر من مجرد تصدير*
إعلان استئناف صادرات نفط جنوب السودان عبر الموانئ السودانية ليس خبرًا اقتصاديًا فقط، بل رسالة سياسية:
السودان ما زال مركز الثقل البحري في المنطقة، وما زال الممر الأساسي لموارد اقتصادية حيوية تتجاوز حدوده.
هذا الاستمرار يمنح الخرطوم قوة تفاوضية ويؤكد للعالم أن “خطوط الحياة” عبر البحر الأحمر ما زالت محمية.
*الهجوم على بورتسودان… جريمة لها هدف استراتيجي*
السفير ذكّر بالهجوم الإرهابي الذي تعرض له ميناء بورتسودان في مايو الماضي، مؤكدًا أن من يقف خلفه جهة إقليمية ترعى الميليشيا المتمردة وتحاول شلّ قدرات السودان البحرية.
الرسالة كانت صريحة:
هناك طرف خارجي يسعى لإضعاف السودان عبر ضرب أهم أصوله — موانئه.
ولأن الاتهام يمسّ الأمن البحري الدولي، فقد طرحه السفير داخل منصة بحرية عالمية، حيث يبحث العالم عن الاستقرار البحري قبل أي شيء آخر.
*البحر الأحمر… ليس هامشًا، بل خط الدفاع الأول*
أمن البحر الأحمر ليس ملفًا تقنيًا أو ثانويًا؛ إنه لبّ الأمن القومي السوداني:
• عبر البحر الأحمر تمر غالبية تجارة السودان ووارداته الأساسية.
• موانئه هي الشريان الذي يمر عبره نفط جنوب السودان.
• موقعه الجغرافي يجعله لاعبًا لا يمكن تجاوزه في معادلة الأمن الإقليمي.
• أي اضطراب في السواحل والموانئ يعني ضغطًا اقتصاديًا وسياسيًا مباشرًا على الدولة.
لهذا السبب كان الهجوم على بورتسودان رسالة تهدف لضرب استقرار السودان من الداخل، وليس مجرد عملية معزولة.
*تحويل القضية من تآمر داخلي إلى مسؤولية دولية*
خطاب السودان في لندن لم يكن مجرد شكوى، بل إعادة تعريف للمشهد:
ما يحدث في السودان، وبالتحديد على ساحله، ليس “تآمر داخلي” فقط، بل تهديد مباشر لأحد أهم ممرات التجارة الدولية.
تقديم القضية بهذه الطريقة يغير قواعد اللعبة:
• يُحرج الجهة التي تقف خلف الهجمات.
• يستدعي انتباه الدول التي تعتمد على الملاحة في البحر الأحمر.
• يفتح الباب لتحقيقات فنية دولية تدعم موقف السودان.
*دعوة للمحاسبة الدولية*
السودان طلب إدانة واضحة للجريمة الإرهابية، وكل ما ترتكبه الميليشيا المتمردة ورعاتها من جرائم بحق الشعب والبنية التحتية.
هذه ليست رسالة انفعالية؛ بل خطوة محسوبة لتأسيس ملف دولي متكامل حول الاستهداف الخارجي للسودان.
*خلاصة المشهد*
الخطاب الذي جاء من لندن لم يكن مجرد مناسبة دبلوماسية.
كان تثبيتًا لحقائق جديدة في الوعي الدولي:
• السودان ما زال ممسكًا بزمام الساحل.
• أمن البحر الأحمر جزء من أمنه القومي، ولن يسمح بتهديده.
• أي استهداف للموانئ هو استهداف للملاحة العالمية.
• الهجوم على بورتسودان لم يكن حادثًا منفردًا بل فصلًا من حرب تستهدف الدولة والشعب والبنية التحتية.
وبهذا، وضع السودان المجتمع الدولي أمام سؤال واضح:
هل ستتم حماية أهم ممر بحري في المنطقة؟ أم سيُترك الباب مفتوحًا لقوى إقليمية تعبث باستقرار البحر الأحمر؟
*د. عبدالعزيز الزبير باشا*
*26/11/2025*






