الخرطوم=^المندرة نيوز^
في لحظات التحول الكبرى، حين تهتز الارض تحت اقدام الشعوب، تصبح القيادة ليست مجرد موقع او وظيفة، بل تصبح مسؤولية مصيرية تتطلب عقلا واعيا وحسا وطنيا عاليا وشجاعة لا تتراجع امام التحديات. وعندما تواجه الامة مؤامرات كبرى وحربا تستهدف كيانها ووجودها، فان اول ما يحتاجه الوطن هو قيادة سياسية وتنفيذية بحجم اللحظة، قادرة على اتخاذ القرار، ومواجهة العاصفة، وتحمل عبء التاريخ الذي يكتب الان.
ومع الاسف، ما نعيشه اليوم يكشف فجوة واسعة بين معركة الكرامة التي يخوضها الشعب السوداني والميدان، وبين اداء الحكومات التي تشكلت خلال هذه المرحلة الحرجة.
سبق ان كتبنا مرارا وتكرارا بان المؤامرة على دولتنا كبيرة، وان حجم التحديات التي تواجه البلاد يتطلب دون ادنى شك حكومة بحجم المؤامرات، حكومة تمتلك رؤية واضحة وشجاعة القرار، وقادرة على ادارة دولة تعيش حالة حرب وتحديات مصيرية. وقد قدمنا مقترحات عديدة في ذلك، وتواصلنا كثيرا مع بعض اصحاب القرار، وظللنا نرفدهم بالمبادرات والمذكرات حتى ضاقوا ذرعا بنا وملوا اصواتنا.
اصدرنا بيانات وتصريحات، ورفعنا صوتنا عاليا نطالب بضرورة اختيار حكومة تكون بمثابة جيش يقاتل على الارض، حكومة تعرف قيمة الزمن، وتستشعر نبض الناس، وتجاري حجم الدماء والتضحيات. لكن للاسف لم يسمع احد، وظللنا نتابع الاحداث ونتوجع، ونتحمل مرارة الشعور بان الخطر يقترب بينما القرارات متاخرة والخيارات مرتبكة.
جاء الدكتور كامل ادريس، فقلنا مرحبا، وشكل الحكومة فقلنا ايضا مرحبا ليس من باب الرضا، بل من باب “باركوها” لان امامنا معركة تحتاج الى توحيد الصف. لكن الحقيقة التي يجب ان نقولها هي: منذ بداية الحرب وحتى هذه اللحظة، كل الحكومات التي تم تشكيلها لم تكن في مستوى ولا بحجم معركة الكرامة.
القرارات المتخبطة، والتاخير في الحسم، والصرف غير المجدي على زيارات لا تسمن ولا تغني من جوع، الى جانب مظاهر رسمية لا تراعي وضع الناس، من اساطيل سيارات وحديث متكرر بلا حلول، كل ذلك يكشف ان الاداء السياسي والتنفيذي يعيش في عالم منفصل تماما عن واقع الميدان.
ان معركة الكرامة ليست مجرد حرب عسكرية؛ انها اختبار للقيادة وامتحان للمسؤولية. مؤلم ان نرى هذا الفارق الشاسع بين الميدان الذي يقدم الدماء كل يوم، وبين مكاتب المسؤولين التي لا تقدم سوى البيانات.
خاتمة
ايها القادة…
راجعوا حساباتكم قبل ان تندموا اكثر مما ندمنا نحن.
فالتاريخ لا يرحم المترددين، والوطن اكبر من المناصب، والمعركة اكبر من المجاملات. ان المرحلة تحتاج الى رجال دولة، لا الى موظفين يراقبون المشهد من بعيد بينما الوطن ينزف.
2025/12/6







