الخرطوم =^المندرة نيوز^
عاد الاستشاري النفسي د. علي بلدو للظهور من خلال مصطلح «هرمون العوارة»، مقدّماً إيّاه كمدخل لقراءة بعض السلوكيات المنتشرة بين الشباب، خصوصاً على منصّات التواصل. هذا الطرح، مهما اختلف الناس حوله، يذكّرنا بأن المجتمع يحتاج إلى نقاش مفتوح حول ما يحدث فعلاً في عالم الشباب الرقمي، لا إلى تجاهل الظاهرة أو الاكتفاء بالانطباعات السريعة.
من المهم التأكيد أنه لا يوجد في المراجع الطبية أو النفسية مصطلح علمي بهذا الاسم. والأقرب أنه تعبير مجازي يراد به تقريب فكرة الاندفاع، والرغبة في الظهور، والميل إلى جذب الانتباه بأي وسيلة. الإشكال لا يكمن في استخدام المجاز بحد ذاته، بل في احتمال أن يُفهم المصطلح كحقيقة طبية، فيختلط على الناس الفرق بين اللغة الشعبية واللغة العلمية. لذلك، يظلّ الحذر ضرورياً حتى لا تتحول القضايا المعقدة إلى تفسيرات مبسطة قد لا تعكس الواقع بدقة.
أسلوب الصدمة الذي يرافق مثل هذه المصطلحات قد يكون مفيداً في بعض الأحيان لأنه يحرّك المياه الراكدة ويستدعي النقاش. فالناس تنتبه حين تُقال الأشياء بطريقة غير مألوفة. لكن الصدمة وحدها لا تكفي. المطلوب هو أن تُستثمر لإطلاق حوار أوسع حول ما يعيشه الشباب: ضغط الواقع الاقتصادي، وإغراء الشهرة السريعة، وثقافة المقارنات المستمرة عبر الشاشات، إضافة إلى الفجوة بين توقعات المجتمع وإمكانات الحياة اليومية. هذه عوامل حقيقية لا يمكن تجاوزها بمصطلح واحد أو حكم سريع.
من هنا، يصبح السؤال الأهم: كيف نحول الجدل المثار إلى فرصة للتوعية؟ ربما يكون الطريق عبر إشراك المختصين، وتقديم خطاب بسيط وواضح يوازن بين احترام العلم وفهم الواقع، ويقدّم للشباب بدائل عملية تساعد على التعبير المسؤول وتحقيق الذات بعيداً عن الاستهزاء أو الوصم.
إن التعامل الرشيد مع الظواهر الاجتماعية يقتضي دقة في المصطلحات، وهدوءاً في الطرح، ومسؤولية في التأثير على الرأي العام. فالمجتمع بحاجة إلى نقد بنّاء يضيء المشكلة ولا يختزلها، ويقترح مسارات للحل بدلاً من الاكتفاء بإثارة الضجيج.
بعد اخير :
خلاصة القول، مصطلح «هرمون العوارة» — مهما قيل فيه — أطلق نقاشاً واسعاً حول السلوك الرقمي للشباب، وهو نقاش يستحق أن يتواصل لكن على أرضية علمية هادئة ومسؤولة..
وأخيرًا، لعل قيمة هذا الجدال الحقيقية تكمن في أنه أعاد الانتباه إلى قضية ينبغي أن تتشارك فيها الأسرة، والمدرسة، والإعلام، وأهل الاختصاص، بلغة رصينة تحترم العقول وتبحث عن عمق الفهم قبل الصدمة.
ونواصل… إن كان في الحبر بقية، بمشيئة الله تعالى.
﴿لَيْسَ لَهَا مِن دُونِ اللَّهِ كَاشِفَةٌ﴾
حسبنا الله ونِعم الوكيل
اللهم لا تُسلِّط علينا بذنوبنا من لا يخافك فينا ولا يرحمنا، يا أرحم الراحمين.







