الطاف حسن=^المندرة نيوز^
مع وصول وفد المحكمة الجنائية الدولية برئاسة المدعي العام السيد كريم أسد خان الخرطوم تحولت الأنظارإلى الساحة السياسية السودانية مترقبةً قرار الحكومة الإنتقالية بشأن تسليم المطلوبين بتهم جرائم الحرب والإنسانية في إقليم دارفور وعلى رأسهم الرئيس المعزول عمر البشير، ويبدو أن مصادقة الحكومة الأسبوع الفائت على مشروع قانون الإنضمام لنظام روما كان تمهيداً للإقتراب من لاهاي، المعاصر للشان السوداني يرى أن قضية المطلوبين شأن سياسي بحت لذلك يمكن أن تتم خطوات المثول أو التسليم تحت تعقيدات بالغة، خاصة وأن الأمر يتوجب تعديل في الموزاين والقوانين العدلية الداخلية التي يصعب وضعها في غياب الجهاز التشريعي الذي لم يتم تكوينه حتى الآن في السودان.
الخرطوم تستجيب
وقرّر السودان تسليم الرئيس المعزول عمر البشير واثنين من مساعديه المطلوبين في ملف دارفور إلى المحكمة الجنائية الدولية، وجاء ذلك على لسان وزيرة الخارجية مريم الصادق المهدي عقب لقائها المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية كريم أسد خان بالخرطوم، في ذات الوقت أكدت تعاون بلادها مع الجنائية لتحقيق العدالة لضحايا حرب دارفور، ويضم وفد المحكمة الذي يترأسه المدعي العام للمحكمة السيد كريم أسد خان يضم كبير محامي الإدعاء جوليان نيكولاس ومستشار المدعي العام توماس لينش، بجانب مستشار التعاون الدولي في مكتب الإدعاء، داهيرو سانت انا، حيث عقد مباحثات ولقاءات مثمرة مع قادة الحكومة السودانية بشأن المطلوبين والتي خلصت بتوافق مكونات الحكومة بشقيها العسكري والمدني على التعاون مع الجنائية في هذا الملف.
الإنضمام لروما
وظلت المحكمة الجنائية الدولية تطالب منذ العام 2009 بتسليم البشير الذي حكم السودان خلال الفترة من يونيو 1989 وحتى أبريل 2019 عندما أطاحت به ثورة شعبية أودع بعدها في سجن بضاحية كوبر شرق الخرطوم، حيث تمت مذكرة تسليم البشير الصادرة في 2009؛ بناء على إحالة من مجلس الأمن الدولي لأن السودان لم يكن حينها عضوا في المحكمة، لكن مجلس الوزراء السوداني أجاز الأسبوع الماضي مشروع قانون يقضي بالانضمام لنظام روما الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية لسنة 1998.
تسليم البشير
ويقول كبير الباحثين في فوكس ومدير برنامج السودان وشرق افريقيا د.عبد الناصر سلم في حديثه لـ^المندرة نيوز^ إن جرائم دارفور التي صدرت بشأنها مذكرة توقيف البشير هي جرائم وقع معظمها قبل العام 2009 أي قبل تضمين العقوبات المتعلقة بتلك الجرائم في القانون السوداني مما يؤكد تسليم البشير والمطلوبين الآخرين أمراً حتمياً من الناحية القانونية، وتبقى فقط معضلة توافر الإرادة السياسية، ويضيف لا يوجد ما يمنع تسليم البشير ورفاقه للجنائية الدولية لأن هنذا قرار سياسي في المقام الأول تتخذه الدولة السودانية، ويشير إلى أن تعنت الحكومة السودانية في تسليم المطلوبين كان بسبب رفضها لبروتكول روما في السابق.
قضية معقدة
ولكن أوضح د.سلم أن هناك نقطة مهمة جدا فيما يتعلق بإتفاقية جوبا للسلام التي تنص على مثول المتهمين وليس التسليم، ويرى أن المثول يختلف عن التسليم من الجانب القانوني، ويضيف أن مسألة تسليم أومثول المطلوبين تحتاج لوقت كبير بإعتبار أن القضية معقدة جداً جداً خاصة وأنها تحتاج إلي تعديل عدد كبير جدا من القوانين الأمر الذي يتطلب وجود برلمان لتلبية المطلوبات القانونية اللازمة، ويعتقد أن أي قرار بشأن تسليم البشير للجنائية هو قرار سياسي بحت ويحق للحكومة ان تفعل هذا القرار في سبيل تحقيق العدالة لضحايا الحرب في دارفور بصورة كبيرة وقفل هذا الملف نهائياً.
خيار مفتوح
وقال مدعي المحكمة الجنائية الدولية كريم اسد أن خيار محاكمة البشير مفتوحاً سوا كان بمقر المحكمة في لاهاي أي مكان اخر بحسب ما يتم الإتفاق عليه، ويؤكد خان في المؤتمر الصحفي الذي عقده مساء أمس الخميس بالخرطوم بمناسبة زيارته الحالية للسودان ولقائه برئيس مجلس الوزراء السوداني إضافة لوزير العدل واعضاء من مجلس السيادة الانتقالي تعاون المسؤولين السودانين خلال هذه اللقاءات فيما يلي محاكمة المطلوبين للعدالة الدولية بتهم إرتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الانسانية في دارفور، وأشار إلى انه لوقت قريب لم يكن متاحا للسودانين الإقتراب من مكتب الادعاء للمحكمة الجنائية، فيما كشف عن زيارة مقبلة له خلال الفترة القادمة يلتقي خلالها بالضحايا في دارفور، ويؤكد ان مكتب المدعي العام سيواصل العمل مع كل أطراف الضحايا الناجين لتحقيق العدالة.
الجنائية تحدد
ووجهت المحكمة الجنائية الدولية تهماً لخمسة من المسؤولين السابقين السودانيين تتعلق بجرائم الحرب وجرائم ضد الانسانية اذ يواجه كل من الرئيس المخلوع عمر البشير واحمد هرون القيادي بالنظام البائد ووزير الدفاع الاسبق عبدالرحيم محمد حسين وعبدالله بندة علي كوشيب الذي سلم نفسه طواعية للمحكمة، وكانت المحكمة في وقت سابق إعتمدت التهم الموجهة ضد علي عبد الرحمن (كوشيب) وطالبت بتسليم احمد هرون قبل نهاية يوليو لجهة انه يواجه ذات التهم التي يواجهها كوشيب، ولكن أسد خان أوضح ان الحكومة السودانية والمحكمة الجنائية اتفقتا على التزام الحكومة السودانية بعدم اعاقة المحكمة الجنائية وتسهيل عملها، واعرب عن شعوره بالانجاز مما تتحقق حتى الآن.
موعد التسليم
ولعل زيارة وفد المحكمة الجنائية تأتي في إطار التنسيق والتعاون مع الحكومة السودانية بخصوص المتهمين الذين صدرت بحقهم أوامر قبض، ولكن سيظل أمر الترتيبات والتوقيت بشان المحاكمة في لاهاي من أهم الخطوات المشتركة المقبلة، إلا أن دكتور عبد الناصر سلم يقول ان مسألة الترتيبات والقيد الزمني يمكن ان تناقش مع وزارة العدل السودانية، ويقول ان هناك حقيقة ماثلة أمامنا وهي ان الحكومة الإنتقالية بشقيها المدني والعسكري سوف يسلمون البشير للجنائية ومن معه للجنائية وسيعلن الموعد عاجلا أم آجلاً، ولفت إلى خلال زيارة المدعية العامة السابقة الخرطوم كان الحديث عن محاكم مختلطة ومثول المتهمين امام القانون الدولي لكن الان هناك رغبة من الحكومة في إغلاق الملف للانسجام في المجتمع الدولي.
إنصاف الضحايا
ويرى سلم أن الجرائم في دارفور تتطلب تحقيق العدالة وتحقيق العدالة في الداخل في ظل عدم تعديل القوانين فيه صعوبة جدا خاصة وأن القانون السوداني لا يحاكم متهم في جريمة صدر فيها قانون بعد وقوع الجريمة، ويشير إلى أن الأحداث وقعت خلال الفترة (2003 – 2005)، ويقول اذا تحدثنا عن على كوشيب او بعد الجرائم الاخرى المتهمين فيها قيادات الوطني في كوبر هذه جرائم في ظل عدم تغيير القانون لا يمكن ان تتم محاكمتهم داخل السودان في ظل عدم البرلمان، ويقول سلم إننا كمتابعين للشأن السياسي السوداني نعتقد ان إنضمام الحكومة السودانية لميثاق روما هو خطوة جبارة جدا في إنصاف الضحايا، وقال نحن ندعم تحقيق العدالة ويهمنا في المقام الاول قفل ملف الحرب في دارفور وتحقيق مصالحة شاملة بين مكونات المجتمع السوداني.
محاكمات داخلية
ويرى مراقبون أن تسليم البشير والمطلوبين معه للجنائية ومحاكمتهم في لاهاي أمر يقدح في نزاهة القضاء السوداني الذي قدم محاكمات شفافة في قضايا شائكة ضد رموز النظام البائد على رأسهم الرئيس المعزول خلال الفترة الإنتقال، وتقول الخبيرة في ملف النزاعات وملف دافور هيام حسن في حديثها لـ^المندرة نيوز^ أن تسليم المتورطين فى جرائم دارفور الجنائية سيقود إلى تعقيدات ومشاكل لاحصر لها، إذ أنها تعتبر تلك الخطوة مساس لسيادة الدولة وهيبتها وتشكيك فى نزاهة القضاء السوداني، وتقول إذا تمت هذه الخطوة ستكون سابقة خطيرة وستفتح باب للتدخل السافر فى شؤون السودان، وتضيف يجب أن يحاكم المتورطين داخل البلاد وامام قضاء سودانى بموجب قانون داخلي لتجنب البلبلة التي يمكن أن تحدث فى البلد، وأضافت على الحكومه السودانية أن تكون أشد حرصاً وأكثر فطنة وتقوم بإنشاء محاكمات داخليه لكسب ثقة الشعب السوداني، وتأكد في حديثها أن ملف قضايا دارفور لا يمكن إغلاقه في لاهاي بإعتباره ملف شايك والأخطاء فيه كثيرة.