محمد زين العابدين^المندرة نيوز^
تتوالي تعديات الجيش الأثيوبي بالمناطق الحدودية للبلاد وأخرها ما حدث خلال الفترة الماضية من خلال تجدد الإشتباكات في منطقة (الفشقة) بولاية القضارف شرقي البلاد، مع الأخذ في الإعتبار أن قواتنا لم تبادر ولو لمرة واحدة في الهجوم والإعتداء علي قوات الجيش الأثيوبي المتواجدة بالحدود، بل بالعكس فإن الجيش السوداني يقوم بعمليات إنقاذ لمواطنين أثيوبيين هاربين من الحرب بإقليم تقراي ومساعدتهم من خلال إيصالهم آمنين سالمين لمراكز إستقبال اللاجئين بالحدود.
وعلى الرغم من التصريحات المتكررة للقادة الاثيوبيين حول حرص بلادهم علي حل قضية الحدود مع السودان بالطرق السلمية والدبلوماسية، إلا أن الأفعال تُظهر عكس ذلك تماماً من خلال تغول بعض قوات الجيش الأثيوبي وتعديه علي القوات السودانية الموجودة بالحدود، وتكرر الأمر في أكثر من مناسبة مما يُمكن أن يتطور ويصل لمرحلة التصعيد بين البلدين والذي من شأنه إن يكون له تداعيات علي منطقة القرن الأفريقي بأكملها إذا حدث.
الشاهد في الأمر أن الصراع الحدودي مع اثيوبيا سيفتح فُرصاً وأبواباً عديدة للتدخل في القضية من باب الوساطة كغطاء أو وسيلة لتحقيق أهداف في ظاهرها المصلحة العامة وإنما في باطنها تحقيق أجندة خاصة تعود بالفائدة للطرف الوسيط، وأكبر مثال لذلك مصر فهي لم تكد تُصدق أن تدخل الخرطوم وأديس في خلافات حتي قامت بإلقاء شباكها للإصطياد في الماء العكر وتحقيق أجندتها الخاصة وفي مقدمتها ملف سد النهضة الذي يشهد مفاوضات متعثّرة منذ فترة طويلة في ظل خلافات بين أطرافه الثلاثة.
ففي وقتٍ سابق من الإسبوع المنصرم زار رئيس الوزراء د. عبد الله حمدوك القاهرة على رأس وفد كبير، وكان في إستقباله رئيس الوزراء المصري مصطفى مدبولي، وقد جاءت هذه الزيارة المرتقبة في إطار التشاور المستمر والزيارات المتبادلة بين الجانبين والتي كان آخرها الزيارة المهمة التي قام بها الرئيس عبد الفتاح السيسي للبلاد مطلع الأسبوع الجاري.
وتطرق اللقاء إلى تبادل الرؤي بشأن مجمل القضايا الإقليمية في منطقتي القرن الأفريقي وحوض النيل، فضلاً عن مستجدات التوترات الحالية على الحدود السودانية الإثيوبية، حسب التقارير الرسمية التي وردت في الأنباء.
ومؤخراً وحسب بيان أصدرهُ الجيش فقد أجري رئيس أركان الجيش محمد عثمان الحسين مباحثات مع نظيره المصري حول التعاون المشترك في المجال العسكري، وأشار البيان إن الحسين إستقبل في مكتبه بالخرطوم فريد في مستهل زيارته للبلاد، والتي يشهد خلالها ختام مباحثات جارية بين الجيشين وتستغرق ثلاثة أيام.
وتأتي هذه المباحثات العسكرية بين الخرطوم والقاهرة، في وقتٍ يستمر فيه النزاع مع أثيوبيا حول السيادة علي مناطق حدودية ، بلغ حد حشد قوات عسكرية علي الحدود.
وفي الجهة المقابلة نجد أن أرتريا تقف مع جارتها أثيوبيا بعد ان توصلتا إلي تقارب أفضي إلي سلام بين الطرفين بعد إنقطاع بينهما دام لأكثر من عقود، ونجد أن حصول آبي أحمد علي جائزة نوبل للسلام في العام (٢٠١٩م) يعود جزء كبير منه الي بدئه تقارباً مع أرتريا.
ورغم نفي أرتريا تورط قواتها في حرب اقليم التقراي، إلا أن العداء طويل الأمد بين جبهة تحرير شعبة تقراي وأرتريا يؤكد تورط الأخيرة في الصراع ، بجانب وجود تقرير نشرتهُ منظمة العفو الدولية مؤخراً حوي بأن جنوداً ارتريين قتلوا مئات المدنيين في مدينة (أكسوم) الاثيوبية بين (٢٨_٢٩) نوفمبر الماضي في واحدة من عدّة عمليات قتل جماعي تم الإبلاغ عنها خلال الصراع الذي إندلع قبل فترة بمنطقة تقراي بأثيوبيا.
أما علي مستوي التدخُل الدولي للوساطة بين البلدين في قضية الحدود، نجد أن الأمم المتحدة أكدت أهمية إتباع الحوار كوسيلة لحل التوتر الحدودي بين السودان واثيوبيا، وإزالة كل الخلافات مع مراعاة المصالح العُليا للشعبين، وجاء ذلك خلال إستقبال وزيرة الخارجية بمكتبها بالخرطوم مبعوث الأمين العام للأمم المتحدة للقرن الأفريقي بارفي اونانقا.
وعليه يتضح لنا أن موقع البلاد الجغرافي المُتميز وأدوارها الظاهرة للعيان في مكافحة الإرهاب وإحلال السلام بالمنطقة يجعلها في موضع قوّة ومكانة اعلي من نظيراتها من دول الجوار والإقليم، وتترك لهم محاولات اللهث وراء العزّة والجبروت والسيادة المُتشبّع بها السودان الي حد الإكتفاء والمُتأصّلة في جذوره منذ القِدم.