آخر العلاج الكي، ولكن أين الألم؟!!
الحرية والتغيير من المجد
إلى التوضيح والاعتذار
صديق دلاي
قادتني مشاعر قديمة، كنت أتابع قناة الجزيرة حريصة بتبديعها المتفق عليه _مهما كان ذلك الخلاف_ وهي تركز على صياغة مادة ترويجا لفكرة، بواسطة فتاة سورية تقول في نهاية الأمر عن بلدها والأحلام الكبيرة:”أين كناوالي أين صرنا؟ ” وذاكرة العين تتفجر حسرة علي دمار سوريا “الشنة والرنة” شعبا وجماهيرا وحضارة.
والحسرة فينا كيف بدأت الحرية والتغيير من مجد كبير وهي تقود عملية التغيير من مكاتب بالسوق العربي، ومن لندن وباريس و واشنطون أيضا، وحتي أعطت الإنقاذ أنفاسها الأخيرة، وكفن من إرادة الشعب، ولكن لنري ماذا حصل بعد نجومية سياسية، ورضا عام وأمل متعاظم أن تنقلنا الحرية والتغيير الي الملاذ والنجاح والإستقرار..
كررنا الماسأة بدموع غزيرة، والجماهير بعد عامين من التغيير تبحث عن المواصلات والغاز والخبز اليومي حتي صرنا إضحوكة، وكل يوم سخرية وراءها خطأ سياسي من الدرجة الأولى. فما الذي أصابنا؟ وبسؤال تلك السورية المفجوعة:(أين كنا والي أين صرنا؟ )
من المجد الي التوضيح والاعتذار، وهذا أنحدار قاسى جدا علينا، وخسرنا فيه معظم التوقعات المعقول، بأن نظهر بشكل مقبول مع الاعتراف بعثرات المشوار الطويل وكأبة المنظر والتركة الأثقل التي خلفتها الإنقاذ البائدة في كل ركن من بلادنا الحبيبة.
ومع ذلك كانت النتائج محيرة خلال حكومتين وضعنا عليهما الرك والأمال وأظن أنسب إحساس يضعنا أمام الحقيقة يقدمه جمهور رياضي لفريق من القمة يدخل مبارة بفرصتين مع مشاعر الفوز المؤكد فيظهر الفريق باهتا وينهزم… 6_ صفر… ويعلق المكرويف عن لاعبين لا نعرفهم كما كنا , يتحركون في الميدان كالأشباح.
وهذا أحساس مرير في دنيا الرياضة، والهزيمة فيه مركبة وماسأوية، وأظنها ذات التجربة للجماهير السياسية متحركة من مفقوداتها الأساسية بينما الحكومة باداء كالأشباح تفشل في كل صغيرة وكبيرة، وتخسر من رصيد المجد يوميا خسارة فادحة , تائهة ومتحيرة، وقليلة الحيلة في زمن تقديم الحلول الملموسة والبديعة.
عزيزتنا الحرية والتغيير… أصيبنا منها من حيث الرجاء بخيبة أمل. وأنشغلت (هي) بالأنانية ذاتها، وضيعت وقتا ثمينا في الترتيب والتقدم، متغالطة حول برنامجها السياسي، ومن سرق تلك الوريقات؟
والسيد حمدوك يشتكيها للشعب، بينما الحرية والتغيير تقدم برنامجا مدرسيا فقيرا ومؤلما عن بناء الدولة،. وكيفية نجاح الفترة الإنتقالية.
أين النشاط السياسي حامي الوطيس وفصيح العبارة عن البرنامج البديل وطبيعة الفترة الإنتقالية؟؟ , أين المؤتمرات ونتائجها عن هذه الفترة؟ وكيف يجب إدارتها؟ , وأين برنامج الحد الأدني وثقافة العمل السياسي بعد ذهاب ماسأة أسمها الإنقاذ وبين أيديكم سلطة كاملة , شرطة وجيش ومخابرات ثم أنتم عاجزون عن ضبط موقف مواصلات تمنعون منه جشع أبكى نصف الدنيا داخل بيوتها؟
بدلا عن الانتصار المستحق جلبتم لنا الشماتة من المهزومين، الذين مازالوا يبحثون عن مناديل كافية لمسح دموعهم الهطالة، فهاهم يعودون بألسنة حداد، وسخريات يومية بشهادة من الواقع وأداء حكومتين ضعيفتين وعاجزتين.
…طبعا…
نحن مع هذه الحرية والتغيير الي نهاية المطاف، ولابد من أيقاظها من نومها، وتعيين مهامها في كل ساعة وحين , وهناك فرصة ومجال، وقد فهموا طبيعة المرحلة القادمة بعد حوادث في عطبرة ونهر النيل، فهل كانوا يظنون أن الجماهير الواعية تملك فقط ذاكرة البربون والسمك والطفولة، وأنها ستنسى المعاناة وتستقبل حمدوك بالهتاف الثوري ذاته؟
بكل أسف يظن البعض أن الشعب له ذاكرة ضعيفة، و سيسامح الضيوف مع تراجع و تردي وصل العجز عن دفن موتانا في المشارح، والمتهم مختفي بين الطب العدلي والكهرباء والنيابة العامة، وجميعهم يخلدون الى نوم هانئ في بيوتهم بعد يوم متردد القرارات , وهذا هو بيت القصيد.
أخر العلاج الكي , ولكن أين الألم و جمهورية كاملة معذبة بفشل سياسي ذريع , أنحدار عام وخطاب سياسي متأخر واستسلام عاجز عن أي مقاومة لكل أزمة؟
نعذرهم كثيرا، ونلومهم أكثر، ونحن نعرف رغباتهم في العبور والإنتصار.
ودائما(هيهات) تضع حدا بين الأمل والعمل..