الخرطوم=^المندرة نيوز^
صيغة الرشيد.. فعيل، وصيغة فعيل في علم الصرف تعني المبالغة، فهناك اسم فاعل، وهناك اسم فاعلٍ مبالغٍ فيه. تقول مثلاً.. صادق، صدوق أي كثير الصدق، فاعل، فعول.. فهذا الاسم الرشيد على وزن فعيل، وماذا يعني اسم المبالغة في حقِّ ذات الله عزَّ وجلَّ ؟
يعني شيئين.. فهو يعني عدداً ونوعاً.. كلُّ أفعال الله عزَّ وجلَّ رشيدة، والرشيد إذا وصف الله بهذا الوصف فهو الرُشد المطلق، الله عزَّ وجلَّ مطلق، فعلمه مطلق، قدرته مطلقة، رحمته مطلقة، يجب أن تعلم علم اليقين أنَّ الله سبحانه وتعالى في كلِّ أسمائه وصفاته مطلق.
بينما أسماء الإنسان وصفاته نسبية، قد تقول: هذا القاضي عادل إذا حكم تسعةً وتسعين حكماً من أصل مئة بشكل صحيح، وهذا الوصف نسبي، وكلُّ وصفٍ يوصف به الإنسان هو وصفٌ نسبيّ، و أوصاف الله عزَّ وجلَّ كلُّها مطلقة.
على الأرض يعيش خمسة آلاف مليون إنسان، إذا ظُلم إنسان واحد فالله سبحانه وتعالى لأنَّه مطلق يصبح ليس عادلاً، فقد قال تعالى:
﴿وَنَضَعُ الْمَوَازِينَ الْقِسْطَ لِيَوْمِ الْقِيَامَةِ فَلَا تُظْلَمُ نَفْسٌ شَيْئاً وَإِنْ كَانَ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ أَتَيْنَا بِهَا وَكَفَى بِنَا حَاسِبِينَ (47) ﴾
وقال تعالى:
﴿الْيَوْمَ تُجْزَى كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ لَا ظُلْمَ الْيَوْمَ إِنَّ اللَّهَ سَرِيعُ الْحِسَابِ (17)﴾
وقال تعالى أيضاً:
﴿وَمَنْ يَعْمَلْ مِنَ الصَّالِحَاتِ مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُولَئِكَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ وَلَا يُظْلَمُونَ نَقِيراً (124)﴾
﴿أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ قِيلَ لَهُمْ كُفُّوا أَيْدِيَكُمْ وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ فَلَمَّا كُتِبَ عَلَيْهِمُ الْقِتَالُ إِذَا فَرِيقٌ مِنْهُمْ يَخْشَوْنَ النَّاسَ كَخَشْيَةِ اللَّهِ أَوْ أَشَدَّ خَشْيَةً وَقَالُوا رَبَّنَا لِمَ كَتَبْتَ عَلَيْنَا الْقِتَالَ لَوْلَا أَخَّرْتَنَا إِلَى أَجَلٍ قَرِيبٍ قُلْ مَتَاعُ الدُّنْيَا قَلِيلٌ وَالْآخِرَةُ خَيْرٌ لِمَنِ اتَّقَى وَلَا تُظْلَمُونَ فَتِيلاً (77) ﴾
﴿ وَلا يُظْلَمُونَ نَقِيرًا ﴾
﴿ وَلا تُظْلَمُونَ فَتِيلا ﴾
ولا قطمير.. ولا تظلمون شيئاً.. ولا ظلم اليوم.. وما كان الله ليظلمهم.
الإنسان حينما يؤمن بالمطلق تطمئن نفسه، الإيمان أنَّ الله بيده كلُّ شيء، وأنُّه فعَّال لما يريد، وأنَّه في السماء إلهٌ وفي الأرض إله، وأنَّ كلَّ شيءٍ خلقه وهو عليه وكيل هذا الإيمان يُلقي في نفس الإنسان طُمأنينةً لا يعرفها إلا من فقدها، لأنَّه كما يقال إنَّ الله يعطي الصحَّة والذكاء والمال والجمال للكثيرين من خلقه، ولكنَّه يعطي السكينة بقدرٍ لأصفيائه المؤمنين.