الخرطوم=^المندرة نيوز^
في خطوة مثيرة للدهشة والجدل، ضمّت القائمة النهائية لمنصب الأمين العام لمجلس الصحافة والمطبوعات ثلاثة مرشحين، جميعهم من خارج الوسط الصحفي والإعلامي، ما فتح باب التساؤلات والتخوفات حول مستقبل واحدة من أكثر المؤسسات حساسية وتأثيراً في المشهد الإعلامي السوداني.
فالمجلس، الذي يُفترض أن يكون الحارس الأمين على المهنية، والمرجع الأعلى لأخلاقيات المهنة وضمان حرية التعبير وفق القانون، بات في مفترق طرق، بعدما تم تجاهل أهل الاختصاص لصالح مرشحين لا يحملون خلفيات مهنية في الصحافة أو الإعلام.
إن الخبرة المهنية ليست ترفاً، بل شرطاً أصيلاً لقيادة مؤسسات بهذا الحجم والتأثير
فكيف لمجلس ينظم ويضبط عمل الإعلاميين أن يُدار من خارج بيت الصحافة؟
وأي قرارات ستصدر عن أمانة عامة لا تعرف واقع الحقل الصحفي ولا تحدياته اليومية؟!
يقول الله تعالى:
{إِنَّ خَيْرَ مَنِ اسْتَأْجَرْتَ الْقَوِيُّ الْأَمِينُ}
فهل في تغييب أهل الصحافة قوة؟ وهل في إقصائهم أمانة؟!
لقد خاضت الصحافة السودانية معارك ضارية من أجل حريتها ومهنيتها، وقدّمت شهداء الكلمة وسجناء الرأي، ولا يليق بها أن تُقاد اليوم بمن لا يعرف وزن الكلمة، ولا تبعات العنوان، ولا قداسة القلم.
إننا لا نقلّل من شأن أحد، لكننا نرفع من شأن الاختصاص ونحترم قيمة الخبرة. وللعدالة، فإن التقييم لا يجب أن يكون بالدرجة الأكاديمية أو العلاقات السياسية، بل بالكفاءة المهنية، والقدرة على التفريق بين حرية التعبير والفوضى، وبين النقد البنّاء والتحريض، وبين الصحفي الصادق والمندس المأجور.
الصحافة لا تُقاد بالتكنوقراط ولا بالمجاملات، بل تُدار بالحس الوطني والمعرفة المتجذّرة.
وإذا تم تجاوز الوسط الإعلامي في اختيار الأمين العام
فبماذا نُبرّر ذلك أمام القاعدة الصحفية؟!
وهل نقبل غداً أن يُدار القضاء بمن لا يعرف القانون؟
أو أن يُقاد الجيش بمن لا يحمل شرف الجندية؟!
الصحفيون لا يطلبون امتيازاً، بل يطالبون بحق أصيل: أن يُختار من يمثلهم من بينهم، فهذه ليست وظيفة إدارية، بل مسؤولية أخلاقية ومهنية وطنية بالرغم من انني هاوي ومن خارج الوسط.
وأنا سأكتب للوطن حتى أنفاسي الأخيرة.