الخرطوم=^المندرة نيوز^
في لحظة يترنّح فيها الوطن بين نيران الغزو الخارجي وتحديات البقاء، وبينما يقف الشعب السوداني موقف الصامد الملتفّ حول قواته المسلحة المدافعة عن سيادة الدولة، فوجئ الرأي العام اليوم بما لا يمكن وصفه سوى بالمسرحية الهزيلة: إعلان تشكيل “حكومة” في غرب السودان. إعلان لا يعكس إلا مدى *الإفلاس السياسي* والتورّط الإقليمي في محاولات تمزيق السودان من داخله….
إنّ هذه الخطوة، التي صدرت عن فصيل مسلح مدعوم خارجيًا، لا تمتّ لأي شرعية وطنية أو قانونية بصلة، ولا تحظى بأي قبول شعبي، ولا حتى برؤية سياسية متماسكة. إنها محاولة مرتجفة لمنح غطاء سياسي لكيان ميليشياوي ارتكب أبشع الجرائم في حق المدنيين، وارتضى لنفسه دور الأداة في مشروع خارجي هدفه النهائي ليس الحكم، بل تفكيك السودان وإعادة هندسته سكانيًا وسياديًا…
لكن ما يزيد المرارة والخذلان، هو الصمت الرسمي المطبق من حكومة السودان المعيّنة، والتي لم تكلّف نفسها حتى الآن بتعيين *وزير للخارجية* أو *ناطق رسمي* باسم الدولة. في وقت تتكالب فيه المنصات الإعلامية والمنظمات الدولية لنقل روايات مزوّرة أو منحازة، تظل الدولة السودانية بلا لسان رسمي يعبّر عن موقفها، ويدافع عن شعبها، ويُفنّد أكاذيب خصومها.
فأين هي *وزارة الخارجية* من هذا المشهد؟ وكيف يمكن لحكومة تمرّ بواحدة من أخطر المراحل في تاريخ السودان الحديث، أن تغيب عن الساحة الإعلامية والدبلوماسية بهذا الشكل المربك؟! أليس من أبجديات السياسة أن يكون للدولة صوت رسمي يقود الخطاب الوطني على المسرح الدولي؟ هل يُعقل أن تبقى الدولة رهينة لتصريحات فردية، واجتهادات غير منظّمة، في ظل هذه الحرب المعقّدة؟
إنّ المسؤولية هنا لا تقع فقط على غياب الوزير، بل على غياب الإرادة السياسية في التعامل مع معركة الوعي والدبلوماسية، وهي معركة لا تقلّ أهمية عن معركة البندقية. فالدول لا تنتصر بالسلاح فقط، بل بخطابها، برمزيتها، وبقدرتها على صياغة سرديتها أمام العالم….
لذلك، فإن من واجب رئيس مجلس الوزراء المعيّن، الدكتور *كامل إدريس* ، أن يُدرك أن إدارة الدولة ليست مجرد ملفات أمنية أو إدارية، بل هي قيادة متكاملة تستدعي استنفار جميع الجبهات: السياسية، الإعلامية، الدبلوماسية، والشعبية. وعليه أن يُسرع، وبدون أي تردّد، في تعيين وزير خارجية قوي وناطق رسمي يمتلك الكفاءة والخبرة والقدرة على التعبير عن نبض الوطن وهمومه، وأن يُطلق حملة دبلوماسية شاملة لفضح المشروع التفتيتي الذي تقوده ميليشيا بما كان يسمى بـ”الدعم السريع”، ومن يقف خلفها.
السودان اليوم لا يحتاج إلى مزيد من التباطؤ، ولا يحتمل غياب الرؤية أو الصوت. إنّ العبث الذي نشهده غرب البلاد لا يُواجَه بالصمت، بل بالموقف. ولا يُدفن بالبيانات الداخلية، بل بالتحرك الدولي الصريح. إنّ التاريخ لن يغفر لحكومة تفشل في الدفاع عن صورتها في وجه الانقسام والعدوان….
*وطن و مؤسسات…*
*السودان أولا و أخيراً….*
*عبدالعزيز الزبير باشا*