الخرطوم=^المندرة نيوز^
في لحظة فارقة من عمر الصراع على السودان، ووسط تعقّد المشهدين الإقليمي والدولي، تهاوى اجتماع “الرباعية” في واشنطن قبل أن يبدأ، وسقطت معه آخر أوراق التوت عن المشروع الموازي الذي خططت له أبوظبي، ومثّلته ميدانيًا مليشيا الدعم السريع، وإعلاميًا ما يُعرف بتحالف “تأسيس”.
إن اختيار صحيفة الشرق الأوسط للإعلان عن إلغاء الاجتماع لم يكن صدفة، بل رسالة مبطّنة من الرياض مفادها: لم نعد نقبل بإدارة الملف السوداني من تحت الطاولة الإماراتية. ورفض السعودية، مصر، والولايات المتحدة الاعتراف بحكومة “تأسيس” أخرج أبوظبي من الإجماع العربي والدولي، وأحبط محاولتها توظيف الرباعية منصة لتكريس انقلاب سياسي موازٍ للشرعية.
لكن الحدث الأبرز – *والضربة القاضية سياسيًا* – جاء من القارة نفسها، حين أصدر مجلس السلم والأمن التابع للاتحاد الإفريقي بيانًا لا يقبل التأويل، أعاد من خلاله ترسيخ ثوابت السيادة والشرعية السودانية، ونسف من الأساس وجود أي “حكومة” موازية.
*بيان الاتحاد الإفريقي:*
*صك البراءة للسودان، وصك الإدانة للتمرد وداعميه*
في اجتماعه رقم 1292 بتاريخ 29 يوليو 2025، أدان مجلس السلم والأمن بشدة ورفض بشكل قاطع الإعلان الصادر عن “تحالف تأسيس” بقيادة قوات الدعم السريع بشأن تشكيل حكومة موازية في السودان، واعتبره تهديدًا مباشرًا لجهود السلام والمستقبل الوجودي للبلاد..
*وأكد المجلس:*
• احترامه الكامل لسيادة ووحدة وسلامة أراضي جمهورية السودان.
• رفضه الاعتراف بأي جسم سياسي يُسمى “الحكومة الموازية”.
• دعوته جميع الدول الأعضاء والمجتمع الدولي إلى عدم تقديم أي شكل من أشكال الدعم المالي أو العسكري أو السياسي لما يُسمى بـ”تحالف تأسيس”.
• اعترافه الوحيد بمجلس السيادة الانتقالي والحكومة المدنية الانتقالية التي تم تشكيلها مؤخرًا في بورتسودان.
• دعوته إلى وقف فوري، دائم، وغير مشروط لإطلاق النار.
• إدانته لجميع التدخلات الخارجية التي تؤجّج النزاع، بما في ذلك الدعم العسكري والمالي من دول وجهات غير حكومية.
هذا البيان لم يكن مجرد إعلان موقف، بل إعلان إفريقي جامع بأن محاولة فرض أمر واقع عبر المليشيا والتمويل الخليجي قد فشلت، وأن زمن الوصاية على السودان قد ولّى.
*حين تنتصر المؤسسات ويخسر المرتزقة*
وسط هذا المشهد، تتقدم المؤسسات السودانية لا بالرد الإعلامي فقط، بل بالفعل السيادي. فخامة الرئيس الفريق أول ركن *عبد الفتاح البرهان* ، الذي صمد في وجه الضغوط والابتزاز، تمسّك بمبدأ سحق التمرد كشرط للسلام، وأوكل للمؤسسات المتخصصة مهمة وضع تصوّر عميق للانتقال الآمن، يضمن وحدة البلاد وكرامة الشعب.
إن المؤسسات المختصة لم تكن غائبة في هذه المواجهة، بل كانت هي الجدار الواقي الذي:
• قدّمت تحليلًا دقيقًا لخطط تفكيك الدولة من الداخل.
• أنشأت قاعدة معرفية متكاملة عن خريطة الولاءات والأدوار الإقليمية.
• أسهمت في بلورة خطاب دولي عقلاني، يرتكز على القانون الدولي، ويكشف أن ما يحدث في السودان ليس نزاعًا أهليًا، بل عدوان خارجي مموّل هدفه تغيير البنية السكانية، وتثبيت مليشيا في السلطة.
*رسالة إلى الشعب السوداني:*
المعركة الآن أكثر وضوحًا
• من جهة: جيش وطني، مؤسسات راسخة، دعم شعبي، واعتراف إقليمي ودولي.
• ومن الجهة الأخرى: مليشيا مرتزقة، عصابة أسفيرية بلا شرعية، وتمويل ملوّث، وانكشاف سياسي.
وكل يوم يمر، تتساقط أوراق مشروع “تأسيس”، ويتراجع دور “صمود”، وتخسر أبوظبي رهانها على أدوات انقسامية فقدت آخر مبررات بقائها.
الرباعية سقطت، لأن وحدة السودان أقوى من مصالح الدول. و”تأسيس” لفظت أنفاسها، لأن العالم لا يعترف إلا بمن يُقاتل دفاعًا عن بلده، لا بمن يحتجز المدنيين رهائن، ويبيع ولاءه لمن يدفع أكثر.
*الختام:*
الحل في البل، لا في المؤتمرات
ما لم تفهمه الرباعية، وتجاهلته الإمارات، أن السودان لا يُدار عبر إيميلات المؤتمرات، بل من ميادين الصبر والمقاومة. وأن جيشًا يقاتل عامين من أجل تراب الوطن، ويحمل على كتفيه شعبًا بأكمله، لا يمكن أن يُهزم على طاولة تسويات منحازة…
*اليوم، نقولها بوضوح:*
• لا حوار مع المليشيا…
• لا اعتراف بعصابة المنفى…
• لا وصاية على السودان…
ومن كانت له أطماع، فليعلم أن في السودان مؤسساتٍ رصينةً أبيّةً، وعلى رأسها القوات المسلحة السودانية الباسلة، وشعبًا لا يعرف الهزيمة ولا يهاب الموت…
_*وطن ومؤسسات…*_
_*السودان أولًا وأخيرًا…*_
_*د. عبدالعزيز الزبير باشا*_
*30/7/2025*