الخرطوم=^المندرة نيوز^
تشهد مؤسسات التعليم العالي في السودان منذ سنوات حالة من الاضطراب في تحديد الرسوم الدراسية، انعكست سلباً على الطلاب والأسر معاً. فمع تراجع التمويل الحكومي وارتفاع تكاليف التشغيل، تركت للجامعات حرية واسعة لتقدير الرسوم دون ضوابط واضحة، الأمر الذي أدى إلى تفاوت غير مبرر بين جامعة وأخرى وحتى بين كلية وأخرى داخل الجامعة نفسها. هذه الفوضى تهدد مبدأ تكافؤ الفرص وتزيد من معدلات التسرب الأكاديمي، ما يستدعي حلولاً عاجلة ومتوازنة.

أول خطوة للسيطرة على هذه الفوضى هي إرساء إطار قانوني ملزم يحدد معايير تسعير الرسوم وفق تكلفة فعلية مدروسة تراعي دخل الأسر السودانية. ينبغي أن تصدر وزارة التعليم العالي لائحة وطنية تنظم سقوف الرسوم وتراجعها دورياً بما يتناسب مع التضخم وتكاليف التشغيل الواقعية، مع إلزام الجامعات بإعلان ميزانياتها ووجوه الصرف بشفافية تامة.

ثانياً، من الضروري إعادة تفعيل الدعم الحكومي الموجه لقطاع التعليم العالي باعتباره استثماراً في رأس المال البشري لا عبئاً مالياً. يمكن للحكومة تخصيص نسبة ثابتة من الميزانية العامة للجامعات، بجانب تشجيع القطاع الخاص والمانحين على إنشاء صناديق منح وقروض ميسرة للطلاب، بما يقلل اعتماد الجامعات المفرط على الرسوم.

ثالثاً، يجب تطوير آليات للرقابة والمساءلة، بإنشاء هيئة مستقلة لمراقبة الرسوم وضمان عدم استغلال حاجة الطلاب. تكون هذه الهيئة مخولة للتدخل عند حدوث تجاوزات أو زيادات غير مبررة، مع إتاحة قنوات لتظلم الطلاب والأسر.

رابعاً، لا بد من تبني حلول بديلة لتمويل الجامعات مثل الاستثمار في الأبحاث التطبيقية، الشراكات مع القطاع الصناعي، وتطوير موارد ذاتية مستدامة (استثمار الأراضي الجامعية، تقديم خدمات استشارية). هذه الخطوات تقلل الضغط على الرسوم كمصدر وحيد للتمويل.

وأخيراً، ينبغي تعزيز الوعي المجتمعي بأهمية التخطيط المالي المبكر للتعليم الجامعي، وتشجيع ثقافة الادخار، إلى جانب إطلاق برامج دعم للطلاب المتفوقين وذوي الدخل المحدود.

بعد اخير :
خلاصة القول، إن السيطرة على فوضى الرسوم الجامعية ليست مهمة مستحيلة إذا توفرت إرادة سياسية ورؤية إصلاحية تشاركية. فالتعليم العالي هو بوابة التنمية، وحمايته من التسيب والفوضى ضمان لمستقبل أجيال السودان وقدرته على النهوض بعد أزماته القاسية التى تعرض لها بفعل فاعل خبيث.. واخيراً، غطى هذا المقال مؤسسات التعليم العالي الحكومية، سنفرد مقالنا القادم لإلقاء الضوء على مؤسسات التعليم العالي الاهلى والأجنبي التى صارت بلا بوصلة تهتدى بها فى فرض الرسوم الجامعية … و نواصل إن كان فى الحبر بقية بمشيئة الله تعالى ..

ليس لها من دون الله كاشفة
حسبنا الله ونعم الوكيل
اللهم لا تسلط علينا بذنوبنا من لا يخافك فينا ، و لا يرحمنا يا أرحم الراحمين
#البعد_الاخر | مصعب بريــر |
الأحد (7 سبتمبر 2025م)