السودان والأزمات متتالية
بشارة جمعة أرور
الانفجارات القادمة ستفتت البلاد
الخرطوم=^المندرة نيوز^
التغيير سنة كونية ماضية وحالة مستمرة والحياة تلازمها على الدوام التطور والتطوير على مر العصور ومن المستحيل أن تظل الأمور ثابتة على حالة واحدة،لذلك نسأل الله مغير الأحوال أن يغير حالنا إلى أحسن حال فالسودان اليوم لم يعد الحديث فيه حديث الإيجابيات التي تتمثل في تنوع البلد في جماله وحيوية إنسانه، وتنوعه وتعدد ثقافاته أو كل الخيرات والموارد الطبيعية الّتي ينعم بها،بل صار الحديث عن مشاكسة ومشاكل متعددة وأزمات متتالية، حتى بات يُخشى عليه من أن يُصنف من الدول الفاشلة،فما إن ينتهي من أزمةٍ عاصفةٍ تهزّ أركان الدولة وتشوه صورتها أمام الآخرين،حتى يدخل في أزمةٍ أخرى، وما أن يتنفس الصعداء لاقتراب انتهاء مشهد النفايات الفكرية و الأوساخ السياسية التي ملأت العقول تماماً، مثل الأوساخ والنفايات التي تناثرت على الطرقات والساحات وكأنها تَطريز وتجميل لها،وإن كان العكس هو تلوث للبيئة وعبث بالصحة و صورة البلاد… ومع كل حالة تغيير تبقى علامات الاستفهام حاضرةً عن الأسباب التي أدّت إلى هذه الصورة والأزمة وطبيعة الحال وما وراءها وما بعدها ، حتى تظهر إلى العلن أزمات جديدة وخطيرة مرة أخرى، وأهمها اليوم حالة حكومة الفترة الانتقالية التائهة بين العنتريات المطلوبة للاستهلاك السياسي الداخلي و الاضطرار للاذعان لإرادة المحاور الإقليمية والدولية.
و لذلك قلنا منذ البداية، أن الحرية و التغيير كيان هلامي و مشروع البديل الديمقراطي والإعلان الدستوري برنامج قديم منذ قوى الإجماع الوطني و إعلان جوبا، وهذا المشروع ظل يعاني من الاختلافات الأيدلوجية و التباينات الفكرية بين مكونات القوى السياسية المشاركة…ولكن تم إستخدامه بعد اندلاع الاحتجاجات لأغراض المرحلة…، وكذلك قد قلنا أن علاقات المنظومة الحاكمة للفترة الانتقالية تشبه تضامن الضباع والذئاب والأسود في لحظة مطاردة الصيدة ولكنها سرعان ما تفسد هذه العلاقة الظرفية بظهور حالة من الغدر والخيانة عند وقوع الفريسة….!! وها هي المنظومة الحاكمة باتت تبيض تعقيدات وأصبحت تحضن كل يوم مشكلات وتفرخ أزمات حتى وصلت إلي ختام رحلة الفشل الكارثي الذي ظلوا يعلنونه تارةً وينكرونه تارةً أخرى وهكذا ظلوا يصرخون و يخاطبون الجماهير يوماً بعد يوم وكأنها غنية تعاد في كل فاصل حتى وصلوا مضطرين إلي نهاية حتفهم بأنفسهم، حيث تفرق الأصحاب وتمزقت الشلة و حزم القوم حقائبهم وقلوبهم شتَّى وقالوا مجبرين وداعاً لقصة الجسم الهلامي (الحرية والتغيير)!! وقد إنتهت اللعبة وأعلن الشركاء المتشاكسون عن ضعفهم الفكري وعجزهم السياسي وفشلهم التنظيمي و التخطيطي وهذا هو اعتراف المجبرين بالفشل وبالتالي فشل حكومتهم الخَديج…ومع هذه الاعترافات المؤكدة والممهور بالاعتراف والتوقيع بخط اليد من رئيس مجلس الوزراء الانتقالي في مبادرة (لأزمة الوطنية وقضايا الانتقال- الطريق إلى الأمام)، ليس هناك من يريد أن يتحمّل المسؤولية أو يحاسب على التقصير فالكل يملك اكلاشيهات من التبريرات الجاهزة لتغطية أفعاله وتصرفاته ويريدون من الشعب أن يرضى بالواقع…
إنَّ كل هذا الواقع بات يحتِّم على كل القوى السياسية أن تتحمل مسؤوليّاتها كاملة لإيجاد الحلول عبر حوار وطني جامع و مصالحة وطنية شاملة تحقق التوافق والإجماع الوطني و الوفاق السياسي ، فقد تعب السودانيون من توصيف المشاكل التي يعانيها الوطن، ومن تقاذف المسؤوليّات بين من هم في مواقع المسؤوليَّة في الحكم والسلطة أو المعارضة، في ظل الفشل الذي أصبح وشاحاً يلازم القيادة السياسية في السودان لعدم قدرتهم لمعالجة هذه المشكلات والأزمات لأنهم دائماً يعتمدون على سياسة الإخضاع أو الإقصاء والإلغاء وأحياناً يحبون ارتجال الحلول أو التَّأجيل وترحيل المعالجات إلى الأمام وقَلَّ ما ترى لهم أي نوع من التفاعل والانفعال في معالجة الأزمات. وقلناها أكثر من مرة و نكررها اليوم : إنّنا لا نرى حلاً لمشاكل و أزمات هذا البلد إلا إذا شعر من هم في مواقع المسؤوليَّة حاكمين كانوا أو معارضين بأنهم أمام مسؤلية وطنية شاملة والحل الوحيد هو المصالحة الوطنية الشاملة والتوافق حول برنامج وطني يلتف حوله الجميع، شعب يراقب ويتابع ويدقق، ويرفع صوته عالياً ليعترض ويحاسب… و مسؤول يلتزم وينفذ ما هو متفق عليه، وإلا سوف تستمر المشكلات إذا ظل حال المسؤولين هكذا ما داموا آمنين من قدرة وبأس هذا الشعب، وقادرين على تخديره بالكلمات والشّعارات والوعود المعسولة، ودغدغة العواطف والمشاعر…
و اليوم هناك أصوات و شعارات ومطالب بدأت تظهر في كل مكان في السودان تطالب بالخصوصية وهنالك من يجاهر بالانفصال لأن السودان ما عاد جاذباً ووو… وإلخ.
وهذا يعني فشل القيادة السياسية في الدولة وعلى رأسها حكومة الفترة الانتقالية فإذا إستمرت الأزمات والكوارث تتزايد وتتفاقم بهذه الوتيرة فإن الانفجارات قاب قوسين أو أدنى وحينها سنبقى في حالة شتات وتشتت أفكار وأقوال وأفعال وسيفعل بنا التشرذم والتفكك الأفاعيل وربنا يستر ويكضب الشينة.
اللهم إنّا نسألك اللطف، اللهم إني بلغت فاشهد.