المندرة نيوز

الطيب خميس.. خطوات عملية نحو الشرعية الدستورية

الخرطوم=^المندرة نيوز^
الانتقال من الشرعية الثورية إلى الشرعية الدستورية ليس أمنية ولا شعارًا، بل خطة عمل.
ولأننا نطمح إلى تأسيس دولة قائمة على القانون، فإن هذا الفصل يقدّم خارطة طريق عملية تُعيننا على ذلك الانتقال التاريخي.
نحن لا نطلب المستحيل، بل نقترح ما يمكن تنفيذه إن صفت النوايا، وتقدمت المصلحة الوطنية على كل اعتبار آخر.
1. توافق سياسي على “مرحلة إنهاء الثورة”
علينا أولًا أن نتفق: الثورة لا يمكن أن تكون أبدية.
لا بد من تحديد لحظة نهاية لها من حيث الشرعية، دون أن نتخلى عن أهدافها.
نحتاج مؤتمرًا وطنيًا جامعًا يتوافق فيه الفرقاء على نهاية المرحلة الثورية وبدء المرحلة الدستورية.
هذا المؤتمر يجب أن يكون بإشراف محايد، وتمثيل حقيقي لكل الفاعلين في الساحة السياسية والمدنية والمجتمعية.
2. صياغة دستور انتقالي جامع
الدستور هو العقد بين الشعب والدولة.
يجب تشكيل لجنة دستورية مستقلة، تشمل كافة مكونات المجتمع (سياسية، أهلية، أكاديمية، نِسائية، شبابية).
لا يجوز احتكار الدستور من قِبل جهة واحدة مهما كانت ثورية.
هذا الدستور الانتقالي يجب أن يُطرح للاستفتاء الشعبي، ليكتسب شرعية لا خلاف حولها.
3. تأسيس مفوضيات وطنية مستقلة
المفوضيات هي ضمان حياد الدولة، ومنها:
مفوضية الانتخابات: لتنظيم أول انتخابات حقيقية بعد الثورة.
مفوضية العدالة الانتقالية: لمعالجة مظالم الماضي دون انتقام.
مفوضية مكافحة الفساد: لمحاسبة الجميع، بلا حصانة ثورية أو حزبية.
مفوضية الإعلام: لضمان حرية التعبير، مع المهنية والمساءلة.
4. جدول زمني دقيق ومُلزم
كل انتقال دون جدول زمني، هو مشروع فشل مؤجل.
يجب الاتفاق على خارطة طريق واضحة تتضمن تواريخ محددة:
لتشكيل الحكومة الانتقالية المدنية.
لصياغة الدستور والاستفتاء عليه.
ولإجراء الانتخابات العامة.
لا يجوز ترك الأمور “مفتوحة” بحجة الظروف. فقد أثبت التاريخ أن الأنظمة الانتقالية بلا سقف زمني تتحول إلى أنظمة دائمة.
5. بناء ثقة بين الدولة والمجتمع
الثقة لا تُشترى بالخطابات، بل تُبنى بالأفعال:
احترام الحقوق والحريات.
وقف الاعتقالات التعسفية والانتهاكات.
إشراك الشباب والنساء في عملية الانتقال.
التزام الجيش والمؤسسات الأمنية بالحياد التام والعودة للثكنات.
6. ترسيخ ثقافة الدولة في الوعي العام
علينا أن نُعيد تشكيل الوعي السياسي:
بأن الثورة وسيلة وليست غاية.
بأن القانون فوق الجميع.
وأن الشرعية لا تورّث، بل تُجدد بالانتخابات.
منابر الإعلام والتعليم يجب أن تتحمل مسؤوليتها في هذا البناء الثقافي الجديد.
خلاصة هذا الفصل:
نحن أمام خيارين لا ثالث لهما:
إما أن نؤسس دولة القانون والدستور والتداول السلمي للسلطة.
أو نظل أسرى دورة الثورات والانقلابات والشرعيات المؤقتة.
ولأننا خضنا الثورة من أجل وطن أفضل، فالواجب يحتم علينا أن نُنجز ثمرتها الكبرى: الانتقال إلى الشرعية الدستورية.

(“هذا المقال جزء من سلسلة بعنوان: لابُد من الخروج من الشرعية الثورية إلى الشرعية الدستورية

قم بمشاركة الخبر علي
قم بمشاركة الخبر علي
تابعنا علي قناتنا في الواتساب

إقرا ايضاً

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *