الخرطوم=^المندرة نيوز^
أثار موضوع الهدنة المقترحة بواسطة دول الرباعية الدولية حالة واسعة من الجدل داخل السودان، خاصة بعد سيطرة قوات الدعم السريع على مدينة الفاشر وما تبع ذلك من إدانات قوية لأعمال العنف والفظائع البربرية التي ارتُكبت هناك، والتي هزّت الضمير السوداني والإقليمي والدولي. وفي ظل هذا المشهد المتوتر، ومع تصاعد المخاوف من تداعيات الهدنة على ميزان القوى والوضع الإنساني والسياسي، برزت الحاجة الملحّة لفهم اتجاهات الرأي العام السوداني بصورة دقيقة وشفافة.
وانطلاقًا من دوره المهني والبحثي، طرح مركز الخبراء العرب للخدمات الصحفية ودراسات الرأي العام استطلاعًا موسعًا عبر الإنترنت بهدف قياس الموقف الشعبي الحقيقي من الهدنة المقترحة وتقدير نظرة السودانيين لما وراء هذه المبادرة، سواء من حيث دوافع الرباعية أو انعكاساتها على الصراع.
وقد استمر الاستطلاع لمدة خمسة أيام كاملة، وشارك فيه عدد ضخم بلغ 74,789 مشاركًا، ما يعكس مستوى عالياً من التفاعل والاهتمام الشعبي. ولم تقتصر المشاركة على الداخل السوداني وحده، بل شملت أيضاً أعدادًا معتبرة من السودانيين المقيمين في دول الخليج العربي، ومصر، وأوروبا، وأمريكا الشمالية، مما منح النتائج عمقًا جغرافيًا ورؤية أكثر شمولاً للمزاج العام داخل البلاد وخارجها.
إن هذا الاستطلاع، بحجمه وتوقيته وجرأته، يُعد منصة حقيقية عبّر عبرها عشرات الآلاف عن رؤيتهم، مخاوفهم، وتقديراتهم لما يمكن أن تؤول إليه الأوضاع إذا فُرضت الهدنة أو رُفضت، مقدمين صورة واضحة لما يفكر فيه السودانيون في واحدة من أعقد لحظات التاريخ الحديث…وقد جاءت الإجابات كما يلي :
1/ عند سؤال المشاركين في مفتتح الاستطلاع عن موقفهم من الهدنة المقترحة بين الجيش وقوات الدعم السريع.. جاءت الإجابات واضحة وقاطعة؛ إذ قالت غالبية المشاركين بنسبة 62.9% أن الهدنة ليست الخيار المناسب في هذه المرحلة، معلنين رفضهم لها بشكل حاسم…بينما أيّدها 35.6% فقط، وظهرت نسبة صغيرة محايدة بلغت 1.5%، في مؤشر صريح على أن شارعًا واسعًا يرى أن الهدنة قد لا تحقق مصلحة البلاد في ظل الظروف الحالية.
2/ وعندما سُئل المشاركون عمّن سيكون المستفيد الأكبر من الهدنة أجاب أغلب المشاركين بثقة بأن المستفيد الأول سيكون قوات الدعم السريع بنسبة 62.1%، وهو ما يعكس رؤية شعبية راسخة بأن ميزان المكاسب الميدانية والسياسية من وراء،الهدنة لن يكون متوازنًا… في المقابل، رأى 35.8% أن الشعب السوداني قد يكون المستفيد الأكبرحال اقرار الهدنة ، وظهرت نسبة صغيرة جدًا قالت إن المستفيد هو القوات المسلحة السودانية بنسبة 1%، ونسبة مماثلة قالت انها لا أعرف بنسبة 1%.
3/ وقوفا على إجابات المشاركين عند سؤالهم عن دوافع الرباعية الدولية للضغط من أجل الهدنة اعربت أغلبية ساحقة بلغت 58.6% أن الدوافع سياسية بالدرجة الأولى، وأن ما يجري ليس مجرد تحرك إنساني كما يُروَّج له…بينما أشار 27.3% إلى أنها دوافع مختلطة، تجمع بين السياسي والإنساني، بينما رأى 10.6% أنها دوافع إنسانية بحتة… نسبة صغيرة قالت لا أعرف بلغت نسبتها 3.5%….هذا التقييم يكشف حجم الشك الشعبي تجاه الأدوار الدولية.
4/ وعندما طُرح عليهم سؤال: هل تمثل الهدنة اعترافًا غير مباشر بقوات الدعم السريع؟ جاءت الإجابة صريحة؛ حيث رأى 64.4% من المشاركين أن الهدنة بالفعل تحمل اعترافًا غير مباشر…في حين ورفض 17.3% ذلك، بينما قالت نسبة 15.4% إنها تمثل اعترافًا إلى حد ما.. .أما نسبة 2.9% فقالت انها لا تعرف…هذه الأرقام تفسّر ارتفاع حساسية الشارع تجاه أي ترتيبات دولية قد تعطي دعماً سياسياً لقوات الدعم السريع
5/ وعند سؤال المشاركين عن توقعاتهم أن كانت الهدنة قد تؤدي إلى دعم حكومة تأسيس جديدة وإضفاء شرعية عليها..أبدت أغلبية المشاركين اعتقادها بأن هذا الاحتمال وارد بقوة بنسبة 57.8%، ما يعكس قناعة عامة بأن الهدنة ليست مجرد ترتيبات عسكرية، بل قد تكون بوابة لمعادلات سياسية أوسع.وقالت نسبة 24.9% إن ذلك غير محتمل، بينما رجّحت نسبة 14.9% احتمال حدوثه، في حين قالت نسبة 2.4% إنها لا تعرف.
6/ وعندما وُجّه إلي المشاركين سؤالاً حول قدرة الدول الراعية على منع وصول السلاح لقوات الدعم السريع أثناء الهدنة..أجاب نسبة 62.1% من المشاركين بأن تلك الدول لا تمتلك القدرة على ضبط تدفق السلاح، وهو تقدير يعكس انعدام الثقة في أي رقابة دولية.
بينما رأى 25.1% أنها تستطيع ذلك، وقال نسبة 9.9% ربما، في حين توقفت نسبة 2.9% وقالت إنها لا تعرف.
7/ وفي سؤال آخر: هل تملك الرباعية الدولية القدرة على فرض الهدنة بالقوة داخل السودان؟..جاءت إجابات المشاركين حاسمة؛ إذ اعتقد 65.1% منهم أن الرباعية لا تملك هذه القدرة، ما يشير إلى إدراك شعبي بأن الصراع أعقد من أن يُفرض عليه حل خارجي بالقوة.
بينما ترى نسبة 19.2% أنها تستطيع ذلك، في حين قالت نسبة 12.9% انها ربما تستطيع وترددت نسبة 2.8% في الإجابة وقالت إنها لا تعرف.
8/ وعندما سُئل المشاركون عن موقفهم من وجود الإمارات ضمن الدول الراعية للهدنة
عبّر 68.8% من المشاركين عن رفضهم لهذا الدور، مؤكدين أن وجود الإمارات في هذا الملف يثير شكوكًا كبيرة.بينما أيّد مشاركتها نسبة 25% جاءت مشاركة أغلبيتهم من خارج السودان، وظهرت نسبة 4.5% تتمسك بالحياد ، ونسبة 1.7% قالت إنها لا تعرف.
9/ وعند سؤال المشاركين عن توقعاتهم عن تحسّن الوضع الإنساني في حال إقرار الهدنة أوضح 58.9% من المشاركين أنهم لا يتوقعون أي تحسّن، ما يعكس تشاؤمًا عميقًا تجاه القدرة الفعلية للهدنة على وقف معاناة المدنيين.وفي المقابل، تتفءل نسبة 33.7% أن الأوضاع قد تتحسن بالفعل، بينما قال 6.1% ربما، وظهرت نسبة 1.3% قالت إنها لا تعرف.
10/ وعندما طُلب من المشاركين تحديد الموقف الأفضل للسودان الآن.. اتجهت غالبية المشاركين بنسبة 54.5% نحو خيار رفض الهدنة حتى يتم الحسم الميداني، بينما فضّل 22.1% القبول الفوري تخفيفًا لمعاناة المدنيين.
واختار 23% القبول المشروط بضمانات دولية صارمة، وظهرت نسبة صغيرة جدًا 0.4% قالت إنها لا تعرف.
11/ وعند سؤال المشاركين عن مسار العمليات العسكرية في حال عدم تنفيذ الهدنة توقعت نسبة 61.6% حدوث تصعيد ميداني أكبر، في مؤشر شديد الدلالة على أن الشارع يقرأ الواقع بتوجسات لا تخطئها العين… بينما رأت نسبة 26.8% أن القتال سيستمر على نفس الوتيرة، وقالت نسبة 7.1% إن العمليات قد تتراجع دون هدنة رسمية، في حين ترددت نسبة 4.5% وقالت إنها لا تعرف.
ختاما: تكشف هذه النتائج عن موقف شعبي واضح:رفض واسع للهدنة بصورتها الحالية، غياب ثقة في الدوافع الدولية، قلق من تأثيرها السياسي، وقناعة بأن المشهد السوداني لا يُحسم بتعليق السلاح بل بإرادة وطنية واضحة.
══════❁✿❁═════







