المندرة نيوز

د. عبدالعزيز الزبير باشا يكتب.. حين يسيء السطحيون فهم الدولة… ويهينون دم الشهداء

الخرطوم=^المندرة نيوز^
ما أُثير حول الخطاب الأخير لفخامة الفريق أول ركن/ *عبدالفتاح البرهان* ، رئيس مجلس السيادة الانتقالي والقائد العام لقوات الشعب المسلحة السودانية لا يعكس أزمة في الخطاب، بقدر ما يكشف أزمة في الفهم.
فالضجيج الذي تلا الخطاب جاء من طرفين يفترض أنهما على طرفي نقيض، لكنهما التقيا عند نقطة واحدة: السطحية الفكرية وقصر النظر.

الفريق الأول—من داخل معسكر “الموالاة” المزعومة—أولئك الذين لا يرون في الدولة إلا سلّمًا للترقي، وفي الحرب إلا فرصة لتقاسم المناصب، سارعوا لاتهام سيادة *القائد العام* بالتعاطف مع الذراع السياسية لميليشيا الدعم السريع المتمردة. قرأوا الخطاب كما يقرأ الموظف الكسول تعميمًا إداريًا: بعين واحدة، وبلا سياق، وبلا فهم لمعنى الدولة حين تتحدث من موقع القوة لا الانفعال.

أما الفريق الثاني—من أنصار الميليشيا سياسيًا وعسكريًا—فلم يكونوا أذكى حالًا. سخروا، هللوا، واعتقدوا أن الخطاب “تنازل” أو “انكسار”. وهنا تبلغ البلاهة ذروتها: أن تخلط بين لغة الدولة الواثقة وبين الاستجداء، وأن تعجز عن التمييز بين ضبط الإيقاع السياسي وبين التراجع.

كلا الفريقين أساء الفهم… لكن الأخطر أنهما أساءا الأدب.
أساءا الأدب مع دماء الشهداء الذين سقطوا وهم يعرفون تمامًا لماذا يقاتلون.
وأساءا الأدب مع الجنود المرابطين الآن في خطوط النار، الذين لا يملكون ترف التأويلات الرخيصة ولا وقت الثرثرة على المنصات.
وأساءا الأدب مع دولة تُدار في زمن حرب، لا في ندوة فكرية ولا في صالون سياسي.

من لا يفهم أن خطاب السيد *القائد العام* في زمن المعارك هو أداة إدارة صراع لا بيانًا عاطفيًا، فهو غير مؤهل أصلًا للتعليق.
ومن يعتقد أن الدولة تعلن كل نواياها على الملأ، أو تكشف أوراقها أمام خصومها ووكلائهم، فهو لم يتعلم شيئًا عن السياسة ولا عن الحروب.

الخطاب لم يكن رسالة ضعف، بل رسالة ضبط حدود.
لم يكن مداهنة، بل ترسيمًا للميدان.
ولم يكن تنازلًا، بل إعلانًا بأن الدولة تتحدث من موقع من يعرف متى يتكلم، ومتى يصمت، ومتى يضرب.

أما أولئك الذين يقفزون فوق دماء الشهداء ليصنعوا لأنفسهم موقعًا أو دورًا، فنقولها بلا مجاملة:
أنتم لا تخطئون التقدير فقط، بل تفتقرون إلى الحد الأدنى من اللياقة الوطنية.

وهنا، ومن موقع الاحترام الحقيقي لمن ضحّوا، ولمن يقاتلون الآن، تبرز الرسالة الأهم، لا كشعار بل كخلاصة موقف:

يا ريس، خذ الكتاب بقوة.
خذْه بعيدًا عن ضجيج الانتهازيين، وسخرية المتربصين، وتأويلات الجهلاء.
خذْه بعقل الدولة، وبصبر القائد، وبحسابات من يعرف أن النصر لا تصنعه الصرخات، بل القرارات الثقيلة في توقيتها الصحيح.

أما البقية؟
فليستوعبوا… أو ليلزموا الصمت.
فهذا وطن يُدار… لا مسرح يُصفّق فيه الجهلة.

وطن ومؤسسات
السودان أولاً وأخيراً
د. عبدالعزيز الزبير باشا
20/12/25م

قم بمشاركة الخبر علي
قم بمشاركة الخبر علي
تابعنا علي قناتنا في الواتساب

إقرا ايضاً

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *