القضارف.. هل هذا جزاء الاحسان
شؤون وشجون
الطيب قسم السيد
االخرطوم^المندرة نيوز^
عندما تم تكليفي بتأسيس اذاعة القضارف في العام ١٩٩٥م كان مركز اهتمامي منصب على كيفية التوافق مع خصائصها وميزاتها والموازنة بين رغبة وحاجة اهلها في تصميم رسالة اذاعية تستوعب القيم الانسانية والمزايا الاستراتيجية التي يشكلها موقعها وتفرضها خصوبة تربتها وقابلية مناخها لانتاج اهم المحاصيل الغذائية والنقدية.
اما القيمة المضافة الاسمى فهي انسانها المتنوع السحنات المتباين الاعراق.. الشهم الكريم الصبور.. فولوج العملية الانتاجية في المجال المطري يتطلب توكلا وصبرا وشهامة وكرما وهي القيم الايمانية الانسانية التي عهدناها وشهدنا بها لاهل القضارف، رموزا، وبيوتا، نساءا ورجالا، شبابا وشيوخ.
اقول قولي هذا وقد طالعت جملة من الرسائل والمقالات زودني بها اخ صديق وزميل صحفي اثق في صدقه وجراءته.. وحتى لا اظلمه لابد من الاشارة الى انه، ليس تلميذي النجيب عبد الماجد محمد السيد ولاحكيم اذاعتنا وقتها الهادي احمد العوض،، شفاه الله واتم عليه نعمة العافية، وبالتالي ليس هو المحرر النابه احمد محمد آدم، بل هو تلميذي عن بعد، الصحفي الشاب عمار الضو الذي طور قدراته فأصبح احد اقلام القضارف المبادرة الجريئة حفظه الله ورعاه..
عمار الضو ارسل لي على الخاص مقالا ساخنا يصور واقع القضارف التي كتب شعار اذاعتها برجاء مني الشاعر الراحل محمد علي ابو قطاطي بعد ان رأينا تبديل شعارها الاول الذي اخترناه من جملة اعمال قدمت في مهرجان للثقافة نظم بمناسبة احد اعياد الحصاد قبل انشاء الاذاعة انتجه الموسيقار ابراهيم احد ابناء القضارف، واورد هنا بعض مقاطع الشعار الذي صاغ كلماته الشاعر ابو قطاطي ووضع لحنه الملحن علي مكي رحمه الله على ايقاع الاغنية الشهيرة للفنانة الاشهر عائشة الفلاتية (سمسم القضارف) حيث يقول:
*نغني ليك يازينة..
ياروعة في وادينا
على الدوام
وفي كل عام
منك كل خير جاينا*
انها القضارف التي الفناها وعرفها كل اهل السودان وجيرانه منتجة مغداقة شهمة الاهل والرجال.
حدثني الاخ الصديق عمار في مقاله عن كارثة مدينة الحواته.. التي اجتاحتها مياه فيضان نهر الرهد،، وعن مئات المنازل التي دمرت والاسر التي شردت والطرق والكباري المؤدية اليها التي جرفت،، وعن الاوضاع الصحية التي خلفتها السيول، وعن حاجة الناس العاجلة للتدخل السريع من المركز والولاية والولايات المجاورة كدأب اهل القضارف ازاء جيرانهم حينما تعصف بهم الكوارث. ولم يخف عني عمار،، الزيارة القصيرة لوالي القضارف المكلف للمنطقة، التي وصفها بالخجولة والتي لم تثمر شيئا حسب قوله ولم تزل عوجا.
كذلك اطلعني مقال الاخ عمار على تعسر عمليات تأسيس الموسم الزراعي هذا العام متناولا ضعف التمويل وتقلص المساحات المزروعة الى٥٠/. مما كان مقررا هذا العام، في وقت وصل فيه سعر جوال الذرة الآن الى ما يقارب الثلايين الف جنيها. والسؤال البديهي المشروع الذي يطرح نفسه هنا، هل الحكومة المركزية على علم بهذه الكارثة وسابقتها؟ انا لا اعتقد
اختم بالقول ان كان ما يميز اهل السودان كرمهم ونبلهم والاقدام فإن اهل القضارف هم الاكثر تميزا وتدثرا بهذه القيم.. فعليك ايتها الحكومة الا تقتلي هذه القيم عند اهلنا في القضارف،، والا تكلي امرهم لناشطين غير مبالين يتقاصرون امام شموخهم وعلو قاماتهم.
الله من وراء القصد.